الأكثر مشاهدة

عبدالله الحسني في منصة التوقيع   د. عبدالله بن محمد العمري في عالم الصحافة هناك …

الحسني: الاختلاف أفسد للود قضية

منذ 9 أشهر

277

0

عبدالله الحسني في منصة التوقيع  

د. عبدالله بن محمد العمري

في عالم الصحافة هناك متغيرات، وهناك ثوابت. ترتبط المتغيرات بمؤثر ومتأثر، وليس هناك ثبات بهذه العناصر من حيث كونها مؤثرة أو متأثرة، فالمؤثر في وقت معين أو دراسة أكاديمية أو انطباعية قد يصبح متأثرًا والعكس صحيح.

ومن ناحية الثوابت فهي المرتبطة بسياسة المؤسسة ومنطلقاتها وأهدافها، والقيم التي تتبناها منذ تأسيسها، وتختلف من مؤسسة إلى مؤسسة، لكنها في قواعدها العامة تحتكم إلى أخلاقيات مهنية وأعراف إعلامية على مختلف أنواع هذه الوسيلة الإعلامية. والمؤسسات الإعلامية والصحافية السعودية تنطلق من سياسة واحدة في خطوطها العامة، وتتنوع دون اختلاف من حيث أهداف الوسيلة وأساليب تناولها للمواضيع التي تتبناها، والوعاء المعرفي الذي يعتبر حلقة الوصل بينها وبين جمهورها المستهدف.

يعد إنتاج كتاب يحمل طابعًا صحفيًّا صرفًا من الأمور التي تستحق التوقف، ومحاولة الاستفادة من محتواه في تشخيص حالة الصحافة ومتغيراتها، والعناصر التي تفاعلت فيما بينها لتشكل المشهد عبر فترة زمنية تناولها الكتاب؛ ما يعطي صورة خطية أو دائرية في مسيرة الثقافة، التي تعتبر أحد أهم المتغيرات –أقصد الثقافة- التي يتعامل معها القلم والصوت والصورة الإعلامية بشكل عام.

نحن هنا أمام كتاب اختزل تجربة صحفي واحد، وهو في الوقت ذاته تعامل مع متغيرات ثقافية جاءت على شكل حوارات أو ردود أفعال حول هذه الحوارات؛ ما أعطى لهذا المنتج الصحفي قيمة مضافة بتجسيده لشكل التفاعل الثقافي من خلال شريحة من مثقفي المشهد السعودي والعربي، وقد كان للتنوع في الأسماء دوره في إمكانية استخلاص بعض العناصر المهمة حول طرق التفكير والتطلعات وإصدار الأحكام والمفردات التي سادت المشهد الثقافي في فترة تلك اللقاءات ونوع العلاقة بين ما يمكن أن نسميه النخب الثقافية لتلك المراحل.

سنحاول أن نستعرض بعض أهم النقاط والشخصيات التي جاءت في الكتاب الذي نستهدفه في هذه الأسطر، وهو كتاب “الاختلاف أفسد للود قضية” للصحفي والمثقف عبدالله الحسني، الصادر عن مجموعة تكوين المتحدة في طبعته الأولى 2023م.

اختار الحسني الترتيب الذي استحسنه في عرض كتابه، وسوف تستعرض هذه المقالة الكتاب وفق آلية انتقائية انطباعية لا تخضع لمعايير اختصار محددة بدقة، إلا بقدر التصور الذي يراه كاتب هذه الأسطر، وسيكون العرض من خلال اختيار شخصيات بعينها في الكتاب يأتي سبب اختيارها في ثنايا الحديث عنها على النحو التالي:

      

عبدالحفيظ الشمري القاص والروائي والصحفي، الذي قال بصراحة: إن ثقافتنا تعاني الضمور والوهن، وهو يعبر هنا عن حال الثقافة العربية بشكل عام في تلك المرحلة، ويحيل في مكان آخر إلى أن الرأي الشخصي والذائقة الخاصة هي أساس إصدار الأحكام على المنتج الإبداعي.  

 

محمد القشعمي. هذا الاسم الكبير لا تربطني به علاقة شخصية، لكن تربطني به علاقة من نوع مختلف، فهو الكاتب الذي لم يكتب إلا بعد أن بلغ أشده، لكنه انهمر كالمطر، وكان أحد أهم انهماراته في رأيي كتاب (بوادر المجتمع المدني في المملكة العربية السعودية) الذي قدم له الأستاذ الدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك، وذكر في هذه المقدمة شيئًا من شخصية وتاريخ القشعمي.

لم يورد الحسني في كتاب القشعمي إلا في طور عرضه للردود التي صدرت من قبل عدة كتاب على اللقاء الذي أجراه مع الناقد محمد العباس، والذي أطلق عليه مسمى الحوار القضية، وقد جاء رد القشعمي ليكون نجم الردود على كلام العباس، وتضمن رأي العباس حول تكريم الأديب عبدالعزيز مشري –رحمه الله تعالى- وقد قام القشعمي بتفنيد رأي العباس بأسلوب شامل كامل لم يخرج فيه عن آداب الرد ولم يخمُل عن ذكر مواطن المآخذ على كلام العباس.

لقد كان رد القشعمي وثيقة أدبية صحفية تمثل أحد الأساليب الراقية في الردود والاختلاف حول وجهات النظر  دون المساس بالأشخاص.

لقد اختار الحسني هنا حدسه المهني في اختيار هذا الرد من مثقف، لرمز مهم من رموز الثقافة والفكر السعودي الواعي المتزن المتصالح مع كلمته وفكره وقناعاته.

   

صالح علماني. لو لم يكن في هذا الكتاب سوى هذا الاسم لكفى، لإعطاء هذا المنتج الحسني قيمة عليا، ومكانة مرموقة.

إنه صالح علماني رحمه الله تعالى، المترجم الفذ، ويكفي أن نطل على اللقاء لنعرف عن أي إنسان عربي، ومثقف عالمي سبر أغوار الثقافة، ووضع لنا محطات شكلت منطلقات ومفاهيم دائمة عن الثقافة والمثقف، وهمومه وتطلعاته وعلاته وحسناته.

     

رضوان السيد. المفكر متعدد المواهب والملكات. المفكر العربي السعودي الذي يحلل المشهد السياسي والثقافي والواقعي بكل مهارة ومن منظور واضح المنطلقات.

قدرة المفكر الكبير رضوان السيد على تحليل المشهد وربطه بنوع ومستوى الوعي مع الاتزان في طرح الرأي والرؤية، يجعلنا نعرف إلى أي مدى وفق الحسني في اختيار هذا الحوار ليكون ضمن الحوارات المختارة في كتابه، ويجعلنا نتوقف عند أحد أهم الأساليب في إدارة الحوار وطرح الأسئلة بما يرتقي لمستوى ومكانة الضيف، ومكانة الصحيفة التي نشر بصفحاتها هذا الحوار.

     

عالي القرشي. وله من اسمه نصيب الأسد. هذا الناقد الموضوعي، والأديب الكبير رحمه الله.

إنه أديب من النوع الفاخر، الذي في اعتقادي لم يكن مقلدًا لأحد، ولم يشبه أحدًا. لقد سجل حضوره بشكل يليق بمستوى الثقافة السعودية، وبشكل يتماهى ويستوعب ثقافة المرحلة، فلم يقفز على الأدب العربي متوجهًا إلى الأدب الأوروبي دون وعي، إنما وضع التنقل المنطقي والخصوصية العربية في بؤرة اهتماماته وكتاباته النقدية.

وفق الحسني وأصاب باختياره للعالي، عالي ابن الثقافة السعودية العربية التي نمت بشكلها الطبيعي وبتطورها المنطقي، فكان علامة فارقة في نوع الثقافة والفكر التي تفهمت واستوعبت مفهوم الأدب وعلاقته بالثقافة والمجتمع، ودرجة الأخذ والعطاء الممكن بين الثقافات مع الحفاظ على الهوية السعودية العربية الإسلامية.

 

ثريا العريض، وجاسم الصحيح، ومحمد الشنطي، وليلى الأحيدب، وزينب غاصب، ويوسف المحيميد، ومحمد العباس، وفوزية أبو خالد، وأحمد بوقري، وحسن السبع، وحسن الشيخ، ومحمد خضر، وهنري زغيب، وعبدالعزيز خزام، ومحمد الحرز، وفهد الصبح، وغيرهم… مجرد وجود هذه الأسماء يعطينا دلالة تأكيدية على أن هناك ثقل ثقافي متنوع الجوانب والمشارب، أورده الحسني في مؤلفه (الاختلاف أفسد للود قضية) الذي نأمل أن يكون محفزًا لصحفيين آخرين؛ ليكتبوا لنا تجاربهم الصحفية.

الكلمات المفتاحية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود