29
0122
051
049
099
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11820
04751
04746
04593
04414
17إعداد/ حصة البوحيمد_هيا العتيبي
تنطلق منافسات الشعر كل عام على منصات مختلفة في قنوات فضائية ومواقع مختلفة ويتم توفير لجان تحكيم لها في مجالات الفن الأدبي المختلفة، لكن هناك بعض السلبيات والانتقادات التي تتعلق بدور لجان التحكيم من خلال تغليب الذاتية ببعض المسابقات من قبل محكمين وكذلك تحويل البعض تلك المنصات إلى تلميع لذاته أو إبراز لمهاراته أو تنظير لقراراته أمام المشاهدين والمتابعين.
فرقد سبرت أغوار تلك القضية من خلال طرح المحاور التالية على بعض الأدباء والشعراء والمهتمين والمتابعين لتلك المنافسات:
– ما تقييمك لمنافسات الشعر الفضائية التي ترصد لها المبالغ وتجهز لها اللجان؟
وماذا ينقصها حتى تتطور؟
– هل ترى أن هناك أخطاء ارتكبتها بعض لجان التحكيم صادرت الموضوعية في التقييم؟
– ما الانعكاسات والتداعيات التي تتركها أخطاء لجان التحكيم على المشهد الثقافي؟
الحكم على التجربة لا على الشاعر
يفتتح حوارنا حول القضية الشاعر أحمد نناوي من مصر بقوله:
قبل البدء أود الإشارة لشيء جميل لاحظته في القضايا التي تطرحها المجلة وتلقي عليها الضوء؛ كونها قضايا فعلًا مهمة وعلى قدر كبير من الموضوعية والجرأة وشجاعة الطرح، نادرًا ما طُرحت مثل هذه القضايا في عالمنا العربي؛ لحساسية مفرطة أستغربها حتى من المبدعين أنفسهم! والإشارة هنا للإشادة.
سأتجرد من كوني شاعرًا وأتحدث بلسان قارئ أو مستمع أو ناقد أو عضو لجنة تحكيم.
أمامي مجموعة من التجارب -لا مجموعة من الشعراء- قرأتها أو سمعتها وشاهدتها.
الموضوعية تقتضي أن يكون حكمي على أهمية التجربة وثرائها ومدى تأثيرها.
إذا سلكت مسلكًا آخر؛ خرجت من الموضوعية ودخلت في حسابات أخرى؛ منها-على سبيل المثال لا الحصر- حكمي المسبق على صاحب التجربة -لا التجربة نفسها- لأني أحبه أو لا أحبه.
أنا أعلم أن تجربته الأفضل وتستحق أو تجربته ليست الأفضل ولا تستحق؛ ولأني أميل لصاحب التجربة أو لا أميل إليه؛ أصدرت حكمي.
هنا أنا تسببت في كارثة ستولد بعدها كوارث؛ لأن الأمر -بعيدًا عن الشخصنة؛ كوني جنيت على المستحق- يمتد إلى شيخ الطريقة (الشِّعر نفسه) الذي هو صاحب الليلة كلها، ثم أظهر في لقاء تلفزيوني وأقول بالفم المليان: الشِّعر العربي يعاني أزمة!
أو أكتب في إحدى الصحف عنوان مقالة بالبنط العريض: غيبوبة الشِّعر العربي عن المشهد العالمي!
ارتكبت الجريمة وأنتقدها!!!
هناك مقولة شائعة حفظناها بالوراثة تقول: لا يوجد عمل بشري كامل.
هذا متفق عليه في كل الثقافات؛ لكن في كل الثقافات يوجد عمل طغت إيجابياته على سلبياته، أو طغت سلبياته على إيجابياته.
طبعًا هناك أخطاء فادحة مقصودة أو غير مقصودة؛ والنتيجة سلبية وإن حققت مكاسب مادية، ولأن الحديث عن الشِّعر؛ فالسؤال الطبيعي:
هل الهدف إنصاف الشِّعر أم الهدف تهميشه؟
على قدر الهدف تُثمر الشجرة وتُقطف الثمار!
ويعلق نناوي على تأثير سلبيات التحكيم على المشهد الثقافي بقوله:
يكفي أنها تهدم البناء من أساسه!
غالبية اللجان أقل من مستوى المسابقة
وأبرز ما جاء في حوارنا رأي الشاعر عبدالعزيز الفدغوش، رئيس لجان التميز للأدب الشعبي في الخليج حيث أفاد:
لا شك أن المسابقات الشعرية حرّكت ركود الشعر ودفعت به إلى الواجهة، وخدمت الشعراء من خلال تسليط الأضواء على نتاجهم الفكري ومنحت فرصة استفادة الشعراء المبتدئين من الذين أكثر منهم خبرة، لكن غالبية هذه اللجان أقل من مستوى المسابقة ذاتها إضافة إلى تسييرها من قبل المتبني للمسابقة، كذلك المصالح والعلاقات الشخصية والقبلية والقطرية تلعب دورًا فاعلًا في توجيه مسار المسابقات وبالطبع كل ذلك أوجد عزوفًا لدى الشعراء المبدعين وفتح المجال أمام المستشعرين والأدعياء، كان من الأجدر البحث عن أعضاء لجان أكفاء ومحايدين ومنصفين وواعين ولديهم إلمام بالشعر الشعبي وبيئته ومفرداته وتنوع اللهجات ووضع أسس واضحة للتقويم، وليس وفق الهوى والانطباع وكذلك إلغاء التقييم والتقويم وفقًا للرسائل مدفوعة الثمن والتي تظلم الشعر، فهي تؤهل حسب قوة المال لا قوة الشعر والشاعرية!
نخشى من جيل يقرض الشعر من أجل المنافسة
ويرى الأديب والشاعر د. يحي الزبيدي، أن الشعر رسالة إنسانية سامية، تحمل بين طياتها معانيَ المحبة والسلام والجمال الروحي والأخلاقي والشعوري.
لكنْ أن تنصرف هذه الرسالة وتنحو مناحي أخرى أو تسلك مسالك غير لائقة بها؛ فذلك يجعلها في صورة مهتزة أو مهترئة في نظر الأجيال القادمة.
المسابقات الشعرية التي نراها بدأت في الظهور والتنامي في الآونة الأخيرة تحتاج -من وجهة نظري- إلى التقنين ووضوح الفكرة والهدف وشفافية المعايير.
وتظل لجان التحكيم هي الفيصل في اختيار و(اختبار) وتصنيف (المتسابقين)، وأغلب أولئك المحكمين من النقاد أو الأكاديميين أو الشعراء، غير أن التكرار لتلك الأسماء يفقد تلك البرامج التركيز، وربما ملل المتابع للمشهد الثقافي.
ما نخشاه في مثل هذه المسابقات هو الانطباعية أو المجاملة أو التوجه الشخصي نحو فئة معينة من الشعر أو الشعراء، ناهيك عن الخلط العجيب بين الأجناس والأذواق الشعرية تحت سقف واحد أو مسمًى أو مصطلح ما.
إن ما يُخشى منه هو نشوء جيل يقرض الشعر من أجل الوصول المنافسة أو غاية أو تتويج بلقب معين؛ بالتالي فقداننا للشعر (الحقيقي) الذي يُخشى عليه من (الاغتراب) في خضم هذا الموج المتلاطم من بريق المسابقات الذي تعج به الفضائيات وبعض المؤسسات الثقافية والأدبية الأخرى.
لذلك ينبغي على اللجان القائمة على مثل هذه المسابقات – سواء الإعداد أو التحكيم أو الرعاية- الحفاظ على رسالة الشعر ومصداقية الأحكام والرقي بمنظومة الأدب بشكل عام والشعر بشكل خاص إلى ما هو أسمى وأعلى من الجائزة وقيمتها النقدية أو المعنوية.
إيحاءات ملتوية على صخرة صمّاء
وللشاعر حمد الحربي وجهة نظره الخاصة حول القضية المطروحة حيث قال:
إن تقييمي لمنافسات الشعر الفضائية التي ترصد لها المبالغ وتجهز لها اللجان، وماذا ينقصها كي تتطور، أنها مسابقات تسويقية لا تمس للشعر بصلة، مجرد إيحاءات ملتوية على صخرة صمّاء! وما ينقص تطويرها أن يُبعد التصويت عنها ويصبح صوابها وحكمها بيد لجنة التحكيم.
بعض الأخطاء تؤدي إلى مصادرة الموضوعية بالتقييم وكأن كمّاشة النقد الجارح لسان حالهم يتباهون به، هدفهم من ذلك تهميش الشاعر وإقصاء ذاتية جماله.
ويعتبر التعالي والغلو والعمق الممقوت أبرز الأخطاء التي يصرّون على صدقها.
المسابقة إيجابية إذا لم تنزلق في مسار التحيز
ويؤكد الشاعر اليمني/ عبدالمنعم يسلم على إيجابية تلك المسابقات بقوله:
بالنسبة للمسابقات الشعرية التي تعرض في الفضائيات جدًّا ممتازة؛ لأنها تساعد في اكتشاف المواهب التي لم تكن معروفة وإبرازها للعلن، فكم من شاعر أصبح الآن مشهورًا؛ بسبب هذه المنافسات، وينقصها ألا تكون محصورة على فئة معينة. أتمنى أن تكون هناك لجان باحثة لهذه المواهب وإبرازها وتقديمها في مثل هذه المنافسات، وأعتقد أن بعض اللجان قد اتبعت مسار التحيز في تقييم هذه المواهب على حساب الأخرى دون أن يراعي الموهبة التي تستحق.
البعض من هذه المنصات الشعرية له كثير من السلبيات؛ أبرزها تدمير المواهب وإبعادها وعدم ثقة تلك المواهب في المشاركة في مثل هذه المنافسات، عندما ترى عكس ما يحصل من عدم الإنصاف والاعتماد على العاطفة في التقييم.
التأثير الإيجابي على المشهد هو الغالب
وللأديب والشاعر عبدالله الأسمري رأي مشجع وداعم للمنافسات الشعرية حيث قال:
كل عمل بشري لا بد أن يعتريه النقص ولو بشكل نسبي، وتزيد تلك النسبة وتنقص بحسب العوامل المؤثرة كالاستعداد والتحضير الجيد، والخبرة والإتقان، والموضوعية واستشعار المسؤولية، والدعم السخي… الخ.
والمسابقات الشعرية عبر الفضائيات سواء في الشعر الفصيح أو العامي تؤثر بها تلك العوامل وتزيد من توهجها أو خفوتها، ورغم أنها ما زالت تحتاج إلى المزيد من الاهتمام والدعم لتقترب من المثالية المأمولة، إلا أني أرى أنها ساهمت بشكل مقبول إلى جيد في رفعة الحركة الشعرية بشقيها، وأحيت في الذهنية العربية أهمية ولذة الشعر، وأيًّـا كانت جوانب القصور، يبقى وجودها جيدًا ومطلوبًا.
وهم بلا شك يدركون أن مصادرة الموضوعية لأي سبب كان، سيفقد المسابقة المصداقية، بالتالي فتور المتابعة إلى حد الإعراض عن المشاهدة، فإن حصل من اللجان ما بدا كما لو كان من قبيل الشللية أو الذاتية، فهذا غالبًا غير مقصود ومتعمد، وهناك أمر قد يغفل عنه المشاهد؛ ألا وهو أن كل تلك البرامج والمسابقات يحكمها مبدأ اقتصادي (رابح، رابح، رابح) أي يجب أن تتحقق موازنة الربح بين كل الأقطاب بقدر المستطاع، فالممول والمعلن والراعي يجب أن يحقق هدفه من رعاية ذلك الحدث، والقناة والمنظمون وكذلك المتسابقون لهم أهداف يسعون لها، وأخيرًا المتلقي أو المشاهد يصبو لتحقيق متعة المشاهدة، في خضم ذلك كله لا بد أن تبرز سلبيات لا تعجب هذا القطب تارة، وتحد من ربحية ذلك القطب تارة أخرى.
وأنا، على الصعيد الشخصي، متفائل وأنظر إلى الجزء المملوء من الكأس، وأرى أن تلك المسابقات أثرت ايجابًا على المشهد الثقافي، أكثر من تأثير الأخطاء، ولا أدل على ذلك من تهافت الشعراء للاشتراك في أي مسابقة تُعلن، وعدم عزوف الجمهور عن المشاهدة، ولا يعني ذلك أني أزعم أن الطقس العام ملائكي ولا ينقصه اهتمام أو توجيه، ولعلنا نرى في قادم الأعوام ما هو أفضل وأكمل.
التعليقات