مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

مريم الشكيلية* سألتك مرة، وأنا متشبثة أمام شاشة التلفاز، وأرى وطنًا برائحة دخان …

وطن على ورق

منذ 6 أشهر

129

0

مريم الشكيلية*

سألتك مرة، وأنا متشبثة أمام شاشة التلفاز، وأرى وطنًا برائحة دخان ودماء.. كيف يكون لنا وطن يُغتال في المخيلة؟!
كيف تكون لنا هوية على ورق نكتبها بمداد قلم وهناك من يكتبون أوطانهم بشرايين ودم؟!

أجبتني يومها، وأنت تقف على ناصية قلم، وكأن الصرير الذي يجر قدميه على الورق ليس قلمًا يكتب، إنما كان حرفًا يحفر ما أراد قوله على ذاكرة وطن قبل أن يصل ذاكرتي.. قلت حينها: الأوطان مرة تحملنا ومرة نحملها…
الأوطان لا تقبل بمهر قليل…
قلت متعجبة، وأنا أنظر إليك من خلف زجاج الورق:
كيف؟!
أجبتني: إما أن يكون مهرها دمك أو استقل من هويتها وهويتك ومزق كل شعار غير مغروس في لحمك، وتربتك…

هل تعلم أن تلك الكلمات التي أجبتني بها الآن تتردد كأجراس الكنائس في ذاكرتي…
والمهر المدفوع ينضح في وجه الطفولة وأسقف المنازل وعلى ملامح الأحلام…
وأن كل الشعارات التي صمت بها الأذان خفت صوتها وإبتل حبرها…

أتعلم أننا الآن نعيش على صفيح وطن ساخن نحاول أن نمسك به، لا بأقلامنا كما كنا نفعل ونحن نتبادل رسائلنا، وأبجديتنا التي تهطل بغزارة قلم…
الآن نمسك به ببحيرة دم واكتضاظ مقابر…

سنعود يومًا إلى تلك المواعيد الوهمية على مقاهي الورق، نزرع مشاتل حرف على ضوء الشمس…
سنعود إلى طرقاتنا وشرفاتنا ومواقدنا، ونحن نطعم النيران مآسينا واصفرار أوراقنا…

 

* كاتبة من عُمان

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود