الأكثر مشاهدة

 خالد عمر مرعي* حديثنا اليوم عن الكتاب وما يزاحمه حاليًا من تقنيات المعلومات من …

التقنية وأدب الطفل

منذ 8 أشهر

456

0


 خالد عمر مرعي*

حديثنا اليوم عن الكتاب وما يزاحمه حاليًا من تقنيات المعلومات من المتعددة، سواء المتخصصة أو التي تجعل الثقافة ضمن اهتماماتها العامة، على احتفاظ الكتاب بمكانته العالية في عالم المعرفة الإنسانية.. ولأني أبدو أكثر تفاؤلًا عندما أؤكد أن الزمان كفيل بحفظ خصوصية الكتاب ومكانته العالية رغم كل تلك المعطيات الحديثة في عالم المعرفة.. وحيث إن (خير جليس في الزمان كتاب) ولا شك أن هذا الموقف المتفائل من تجاهي، يقود إلى تقليل التشاؤم من سطوة هذه المنابر الحديثة، والوسائط المتعددة للمعرفة الإنسانية على مكانة الكتاب، فلا شك أن خصوصية هذا الكتاب، من خلال علاقته الحميمية مع الإنسان تحول دون الجزم بل مجرد الشك في أن زمن الكتاب قد انتهى.
لكن الذي يقلقنا في هذا المجال أن الدور التربوي المنبثق من المسؤولية الشاملة للمدرسة والأسرة أخذ يضعف في إيجاد علاقة قوية بين النشء والكتاب، وفي مقابل ذلك “ترك الحبل على الغارب” للأبناء لتصفح مواقع المعلومات في شتى أنحاء العالم، دون أن يكون لذلك الحد الأدنى من الضوابط التي تجعلنا نأمن على فكر أبنائنا من مغريات الفكر المشوه شرقًا وغربًا. ففي السابق كانت السيطرة على المعرفة واختيار الأنسب منها ممكنة، حيث إننا نعرف الكتاب الذي يدخل منازلنا وكذا ما يقوم بشرائه الأبناء من كتب ثقافية وعلمية، ومجلات الأطفال الخاصة بهم، تخضع لعين الرقيب، فلا نخاف على فكر الطفل وسلامة عقيدته من أي تضليل فكري دخيل.
بينما نجد اليوم منابع العلم والمعرفة تأتينا من كل حدب وصوب، وفي كل وقت.. حتى لو وضعت طفلك في غرفة خاصة ومنعزلة خوفًا من الشارع ومشاكله فلا تأمن عليه أبدًا ما دام جهاز (الجوال) بين يديه. حيث تعددت هذه الوسائط والمعطيات.. فلم نعرف لدخولها وقتًا محددًا، ولا نوعًا معروفًا.
إن المسؤولية الأسرية اليوم أكبر منها في الماضي حيال ما يطلع عليه الأطفال، وما يشكل فكرهم وثقافتهم.. لأننا أصبحنا في متناول الدنيا كلها شرقها وغربها، ومن شمالها إلى جنوبها.. والاندفاع نحو هذه الوسائط المعرفية هو بلا شك خطر لا محالة.. إذا لم نحسن التعامل معها، ونوجد لأنفسنا رقابة موضوعية تحمي منهجنا في الحياة وتسمح بأخذ الممكن والصالح مما تقذفه إلينا هذه التقنيات، وهذه الوسائل الخاصة بالتواصل الاجتماعي، أو كما يقال عنها (السوشال ميديا) من كل اتجاه. إن الكتاب، رغم ما فعلته بنا هذه التقنيات، يظل الوفي الأمين لفكر أطفالنا وعقيدتهم وثقافتهم، فهو الوسيط الذي يمكن السيطرة عليه، ولن تغني عنه كل هذه البدائل التي تطرح نفسها كل يوم بوجه جديد ومختلف، والثمن في هذه الحالة مدفوعة من أجيال هذه الأمة الذين سيصبحون ضحايا الفكر المنحرف والثقافة الهابطة التي تتناسل وتتكاثر من هذه التقنية.

*كاتب وشاعر_سعودي
@XeLO7bJzOmgnf2u

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود