334
0212
0242
0211
0397
029
0122
051
049
099
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11820
04751
04745
04593
04414
17أحمد بنسعيد*
مقدمة
منذ أن انفتحتُ على وسائل التواصل الاجتماعي وقد كنت منشغلًا بتخصص أدب الطفل؛ لاحظت عن قرب أن أغلب المشتغلين بهذا المجال هم إناث، ولاحظت أن لديهم همة وإصرار على الوصول لمستويات كبيرة فيه.
وزاد تأكدي من هذا الأمر أن نسب المشاركات في (أسبوع الكتابة للطفل) في مختلف دوراته منذ سنة 2019م، وفي دورته الأخيرة الثالثة عشر التي جرت في يونيو 2024م كانت أنثوية مائة في المائة. وقد شارك الكتّاب في (الأسبوع) من مختلف دول وطننا العربي.
المرأة وعلاقتها بالطفل في العهد الزاهر:
برزت الصحابيات رضي الله عنهن باجتهادهن، وضربن المثال في علاقتهن المتينة بأطفالهن، ووقع في ذلك العصر الذهبي توازن منقطع النظير بين اجتهاد الذكر واجتهاد الأنثى: (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا) (سورة الأحزاب).
وكنّ يحرصن تمام الحرص على تحقيق النفع لأطفالهن؛ فعن أنس رضي الله عنه، قال: قَدِم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ وأنا ابن ثمان سنين، فأخذَتْ أمِّي بيدي، فانطلَقتْ بي إليه، فقالت: يا رسول الله، لم يبقَ رجل ولا امرأة مِن الأنصار إلا وقد أتحفك بتحفة، وإنِّي لا أقدر على ما أُتحفك به إلا ابني هذا، فخُذه، فليَخدُمك ما بدا لك. قال: فخدمتُه عشرَ سنين، فما ضرَبني، ولا سبَّني، ولا عبس في وجهي” (سنن الترمذي).
المرأة وعلاقتها بالطفل قبل وفي عصور الاستعمار:
سادت العقلية والذهنية البعيدة عن تعاليم الدين، وعرف العالم العربي بسبب انتشار الجهل والأمية تسلط الرجل باسم الدين، وما أنزل الله سبحانه هذا الأمر. فانتشرت بعض الأقاويل مثل “إن المرأة لها خرجتان؛ مرة لدار زوجها، ومرة لقبرها”… وتعطل دور المرأة وتحدد فقط في الإنجاب، وأعمال المنزل، وملحقاته… وبقي الأمر على ما هو عليه حتى فاجأ الاستعمار البلاد العربية في أضعف مراحل عمرها.
المرأة المعاصرة وعلاقتها بالطفل:
برزت هذه الفترة بعد خروج الاستعمار من البلاد العربية، حيث أخذت المرأة غيرة شديدة على نفسها وعلى الأجيال الجديدة، وتأكدت أن عليها أن تفرض نفسها، وتحمل مشعل العلم لأجل الخروج من الأزمة الخانقة التي فرضها الجهل قرونًا خاليات… فهي تعمل جاهدة على ذلك جنبًا إلى جنب مع أخيها الرجل. وقد أبرزت تفوقها بوضوح في عدد من المجالات العلمية والحياتية ونالت فيها الريادة بلا منازع… ويقف المجال التربوي التعليمي الثقافي والأدبي والفني الذي له علاقة بالأطفال والأجيال على رأس أبواب هذا التفوق.
المرأة وأدب الطفل:
الطفل ينشأ في رحم المرأة، تسعة أشهر، ولا يعلم درجة التعلق بين الطفل وأمه إلا الله سبحانه. وتستمر العلاقة بنفس الدرجة بعد ذلك. ويستمر مع المرأة الغيورة على الأطفال ومصلحة الأطفال ذلك الصوت الداخلي الذي يراعي حاجات الأطفال… والتي تحتل الحاجة الثقافية والعلمية فيها أولوية قصوى، خاصة أمام التحديات القائمة، ومحاربة الجهل، وضرورة إثبات الذات الحضارية.
وتحضرني أسماء لا تعد ولا تحصى في وطننا العربي؛ من بينهن مناظِرات في أدب الطفل، مقدمات لورشات في أدب الطفل، منهن صاحبات دور نشر، منهن فنانات رسامات لأدب الطفل، منهن شاعرات في أدب الطفل، منهن مسرحيات، وحكواتيات، منهن مكتبيات، منهن صحفيات في أدب الطفل، وصانعات محتوى… ومنهن كاتبات مقتدرات يحسنَّ التواصل مع الطفل العربي بأفكارهن ومواضيعهن ولغتهن القريبة من الطفل، ومنهن من حازت على جوائز وألقاب…
عمل وجد واجتهاد مثل النحل؛ لملء الفراغ الكبير الذي أنتجته القرون السابقة، عمل على قدم وساق لتقديم العسل الشافي الكافي الورقي وغير الورقي لأطفالنا العطشى لمختلف الإبداعات للدواوين الشعرية المناسبة للأطفال، للمسرحيات، للكتب، للمجلات، للصحف، للألعاب، للموسوعات، لصناعة المحتوى…
أجيال عطشى لمعرفة الحياة بأقلام أمهاتهم وآبائهم بمختلف الوسائل والأدوات المعاصرة التي تقرب المفاهيم والمعاني الجادة الخالية من كل خطأ وخطر…
وأنا أكتب هذا المقال استوقفتني بعض التساؤلات منها:
ترى هل عملية كتابة المرأة للطفل هي نفسها عملية كتابة الرجل للطفل؟
أو بصيغة أخرى: هل تكتب المرأة نفس ما يكتبه الرجل؟
لا أظن ذلك؛ لقوله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم). حين تكتب المرأة الكاتبة للطفل، فإنها تكتب من أرضية خاصة، ونفسية خاصة، ومنظور خاص، وقرب خاص… يختلف تمام الاختلاف عن الأمر حين يكتب الذكر الكاتب للطفل…
وهذا الأمر إيجابيّ جدَّا؛ لأنه يحقق تناغمًا مُهمًّا عند الطفل القارئ، الذي يكون ذكرًا ويكون أنثى، بحيث يجد الطفل القارئ ضالته، وتجد الطفلة القارئة ضالتها…
وهناك أمر عجيب لا بأس من الإشارة إليه وهو تفوق الكاتب/ة من جنس معين في مخاطبة الجنس الآخر، أو تقمص شخصية الجنس الآخر… كما جرى لعدد من كبار الكتاب الذكور الذين نجحوا بإبهار في مخاطبة الأنثى من خلال النجاح في وضع بطلة أنثى مثل شخصية “حورية البحر” التي أنجزها الكاتب الدانماركي هانز كريستيان أندرسن… وهناك من الكاتبات الإناث من برعن في تقديم شخصية البطل الذكر كما حدث مع الكاتبة: (ج. ك. راولنج) والفتى اليافع “هاري بوتر” وتتبعها لمراحل عمره بدقة شديدة وغوصها في خبايا وأعماق نفسه…
خاتمة:
إني وأنا أكتب هذه الخطوط، أود أن أتقدم بأوفر التحايا والتهاني للمرأة العربية التي أبدت بالفعل اهتمامها الشديد بأدب الطفل، فهي حريصة تمام الحرص على البراعة والتفوق فيه، وعلى التعلم والتكوين والتدريب المستمر بصدق وجد لامتلاك ناصية الجودة والمعاصرة فيه. وقد ملأت الكاتبات العربيات المكتبة العربية للطفل بزخم من الإنتاجات، وكم هائل من العناوين وفي مختلف الأبواب الأدبية التي تنتظر بحوثًا أكاديمية جادة لتميط عنها الضباب.
*كاتب للأطفال_ المغرب
التعليقات