مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

محمد المنصور الحازمي*   للوهلة الأولى؛ انقطعت عن التواصل معه على غير عادتها …

ورطة

منذ 4 أشهر

120

0

محمد المنصور الحازمي*

 

للوهلة الأولى؛ انقطعت عن التواصل معه على غير عادتها مذ عقدَ قرانها في ساعة مبكرة من صباح رأس كل أسبوع، طويت ساعة كاملة، غادر منتجعه مغاضبًا حافي القدمين، هاتفه بكفه الأيسر، لا صوت اتصال أو تنبيه برسالة، وضعه في جيب معطفه، واصل سيره عبثًا يبحث عنها إلى أن بلغ التعب منه منتهاه، أخذ نفسًا عميقّا بعد أن تسلل إلى نفسه اليأس ألا يجدها، آب إلى ظل شجرة سلَم يابسة، تفقد هاتفه النقال لعله حبس عنه الصوت، أو رُبَما رسالة مررتها إليه، نبذ هاتفه جانبًا وطفق يسأل فراغ المكان إلا منه، وقد قضى صبحه وضحاه جائلًا في شواطئ المدينة الحالمة، أسواقها، مشافيها، أقسام شرطها، جبالها، هضابها، وأخيرًا رن هاتفه النقال، الرقم كان غريبًا، لم يهتم، رن ثانية، وجده رقم آخر دون اسم، افترش الأرض، وأخذ قيلولة لدقائق، انقبض ظل الشجرة، فاستيقظ وقد انتهت الظهيرة، قفل عائدًا إلى منتجعه البحري، وما أن اقترب من بوابة المنتجع، شاهد حارس الفيلَّا واقفًا أمام سيارة فارهة، خف الخطى، وما أن شاهده الحارس أقبل مهرولًا إلى أن صار قبالته، كبح سرعته بعد أن كاد يصطدم به، جذب حارسه بقوة إليه، هدأ الحارس من روعه مشيرًا إليه أن يدعه فدفعه إلى الخلف، وقف الحارس مندهشًا مما شاهده على سيده من آثار تعب ولباسه المتسخ، استأذنه في الحديث أثناء سيرهما، أذن له، فأبلغه أن سيدةً تنتظره بمدخل الفيلا، وقد قدم لها عصير أناناس وانصرف، وما أن شاهده هرول لإبلاغه خشية أن تغادر، فقد أبلغته أنها في عجلة من أمرها. وبخه إذ لم يتصل به حال وصولها واعدًا إياه بما لا يسره، وصلا لمدخل الفيلا ، توقف الحارس، وما أن وصل إلى البوابة شاهد السيدة تلتقط مفتاح سيارتها من حقيبتها ووضعت نظارة سوداء على عينيها، أشار إليها أن تجلس جلس قبالتها مرحبا بها، أزاحت نظارتها واكتفت بنظراتٍ حادة ثم صاح وجدتها وجدتها نبهته أن يصمت، استهلت حديثها معه مؤنبة إياه على عدم تمكنها من الاتصال به، قاطعها:
– بل أنت لم تتصلي أبدًا وإلا لم أكن من الصباح إلى الآن أبحث عنك على غير هُدى كالمجنون، خاصة وأنت ترفضين أن أتصل بك منذ تمت المِلكة.
خلعت خاتم الخطوبة ووضعته على الطاولة، تبسم منبهًا إياها أنهما تجاوزاها.. واصلت عتابها مؤكدة أنها اتصلت به أربع مرات، وجدت أن هاتفه كان مقفلًا، ثم اتصلت مرتين من رقمين مختلفين ولم يرد…
وإلا ما كنت تجرأت على العادات والتقاليد وجئت إليك…!
قاطعها:
منطقك مقلوب ما زلت تعيشين مرحلة الخطوبة!
مقسمًا أن هاتفه لم يرن سوى مرتين من رقمين غريبين ولم يعتد أن يرد إلا على رقم مسجل بهاتفه، ثم دفع إليها هاتفه، أعادته مباشرة بظاهر كفها إليه، والتقطت حقيبتها، رن هاتفه تردد لثوانٍ ضغط على زر استقبال الاتصال سحبت الجوال، ضغطت على مكبر الصوت وإذ به صوت أنثوي.. قفلت الخط.
لفتته إلى استحالة أن يتم الزفاف والرقم ليس بقائمة اتصاله، بيد أنه رد عليه، مكررة أنها اتصلت عليه مرتين، أكد لها أن هاتفه لم يكن مقفلًا، شددت أن مهره وهداياه ستصل إليه. ثم غادرت.
ظل يتوسلها ألا تتسرع، لم تلتفت إليه بعيد خروجها، جاء حارسه يسأله عن حالته ثم أبلغه أن زوجته اتصلت تسأل عنه بعد أن اتصلت به وظلت تتحدث وانقطع الاتصال.
صفع جبهته بباطن كفه، فتح إعدادات جهات الاتصال وجد أن رقم زوجته الجديدة Z2 حوله إلى مقفل بينما كان يريد مسح الاسم، مسح اسم زوجته الأولى Z1. 

 

*كاتب من السعودية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود