مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

  نجلاء سلامة * تُعدُّ مرحلة استفتاء القلب هي إحدى مراحل اتخاذ القرار في أمرٍ ما …

استفتِ قلبكَ

منذ 9 أشهر

836

0

  نجلاء سلامة *

تُعدُّ مرحلة استفتاء القلب هي إحدى مراحل اتخاذ القرار في أمرٍ ما، وفي هذه الحالة على الأغلب يكون الإنسان قد استنفذ أو انتهى من كل المراحل السابقة لاتخاذ القرار في أمرٍ ما، ووصل إلى مرحلة النهاية التي تتطلب منه التصريح بقراره النهائي، لكن، هل القلب دومًا في حالة صالحة للاستفتاء؟ هل جميعنا مؤهلون لاستفتاء القلب؟ وهل كل القرارات في حياتنا لابد أنْ تُعرض على القلب؟

القلب معناه مأخوذٌ من اسمه فهو يعني التقلُّب، وعدم الاستمراريَّة على حال ما، أو وضع ما، فإذا رأيت القلبَ في حالة ثبات على الخير فاحمد الله
كثيرًا على هذا وادعوه بالثبات، فإنَّك لا تعلم في أي لحظة من الممكن أنْ يتحول قلبك من حالٍ إلى حال، وكن دائم الدعاء أنْ يحميك الله من مرض القلب أو موته.
فالقلب في القرآن له أحوالٌ ثلاثة؛ فهو إمَّا سليم أو مريض أو ميت، وكل نوعٍ له صفات، أمَّا القلب الميت، فهو القلب الذي ينبض، لكنَّه ليس به طمأنينةٌ وحياة، فذكرُ الله هو الذي يُحيي القلوب ويُطَمْئِنُها، ومثل هذا النوع لن نتحدث عنه؛ لأنَّه لا يصلح أساسًا للاستفتاء، أمَّا القلب المريض، فهو قلبٌ به حياة لكنَّه عليل؛ لأنَّ جزءًا منه يتْبَع هواه، وجزءًا آخر عينُهُ على رضا الله، فهو حائرٌ بين الهداية والضلال، فأحيانًا تجده لاهيًا، زائغًا، غافلًا وأحيانًا أخرى مُتَحَسِّرًا على ما فيه من الغفلة والضلال وهذا بلا شك يحتاجُ إلى العلاج قبل أن نستفتِهِ في أي شيء، وأمَّا الحالة الثالثة للقلب، وهي حال القلب السليم، وهذا هو القلب الذي يحيا على ذكر الله، ويكون مطمئنًا، خاشعًا، ساكنًا، رحيمًا، ليِّنًا، فإذا أردت أنْ تستفتِ ذاك القلب في
أمرٍ ما، فاستفتِهِ وأنت مطمئن؛ لأنَّه قلبٌ وجَّه وجهتَهُ ومقصده إلى رضا الله تعالى، فإذا أردت أنْ تستفتِ قلبك في أمرٍ ما، فانظر أولًا أيَّ حالٍ عليها قلبك.
تلك المضغة التي أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه بصلاحها، يَصلُح الجسد كله، وبفسادها يفسد الجسد كله، تُعدُّ ذات أهمية كبيرة في حياة الإنسان وصلاحه من عدمه، فتولَّها دومًا بالرعاية والاهتمام، وأنشِئْها على تقوى الله ورضاه، وتعلَّم أنْ تُقَوِّمها كلما تلهَّت، أوتكاسلَتْ عن ذكر الله، فقلبٌ يحيا ويطمئن بذكر الله، ويخشع ويخضع لأوامره وتقواه، ويخشى غضبه ويتحرَّى رضاه؛ بالتأكيد لا يمكن أنْ يتخذ قرارًا لا يرضاهُ الله.

وإذا استفتيتَ قلبك في حلالٍ أو حرامٍ، فكلاهما بيِّنٌ كما أصدَقَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذا تحرَّ جيدًا الحلال والحرام، واتَّبِع ما أمرك الله به حتى إذا ظهر في وقتٍ ما الكثير من الفتن كما في عصرنا الحالي، فما عليك إلا أنْ تضبط مؤشرات قلبك على تقوى الله ورضاه، ثمَّ هي وحدها ستتجه إلى الاتجاه الصحيح للقرار.
وإذا فكرنا في نوع القرارات التي تُعرض على القلب، فأعتقد أنَّ وجود القلب مهم جدًا في جميع القرارات حتى وإنْ اختلفت نسبة مشاركته في صنع القرار بالقلة أو بالزيادة، لأنَّ وجوده –أي القلب- حتى في القرارات ذات السمة العقلية، يُعد ضمانة للسيطرة في بعض الأحيان على طموح العقل الزائد وعدم إمكانية السيطرة عليه، فالقلب هو بصيرة العقل، والعقل هو بصر القلب، وكلاهما يُعدَّان قارب نجاة لصاحبهما ولكن إذا اجتمعنا على الخير.

 

*كاتبة مصرية 

الكلمات المفتاحية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود