مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

د. شاهيناز العقباوى* يضم التراث العالمي الكثير من الكتب المهمة والموسوعية التي ع …

كَلِيلَة ودِمْنَة وأدب الطفل

منذ 8 أشهر

443

0

د. شاهيناز العقباوى*

يضم التراث العالمي الكثير من الكتب المهمة والموسوعية التي عبرت حدود الزمان لتعيش بيننا بكل ما فيها من حكم وخبرات، ويعتبر”كَلِيلَة ودِمْنَة “من أهم كتب القصص والحكايات العالمية، يسرد المؤلف عبر صفحاته مجموعة من المواقف والكثير من الأحداث التي تناسب الصغار قبل الكبار، سمي بعنوان أحد قصصه الهادفة للوصول لإصلاح الملك الظالم، ويرجع السبب في تأليفه، إلى ظلم حاكم الهند لشعبه في ذلك الوقت الملك دبشليم؛ لذا قرر “بيديا” أحد حكماء العصر أن يوقفه عند حده، ويهديه إلى طريق العدل، وأن يتوقف عن ظلمه لرعيته.
كتاب كليلة ودمنة من أكثر كتب التراث الأدبي والأخلاقي انتشارًا في العالم، حيث تمت ترجمته إلى لغات عدة، تهدف حكاياته وقصصه إلى تهذيب الأخلاق وإصلاح المجتمع، ونصح الخاصة قبل العامة، باعتبارهم أصحاب السلطة، إلى ما يجب أن يكون عليه سلوكهم ومعاملتهم لتستقيم أمور دولتهم، ويتضمّن حكايات قصيرة على ألسنة الحيوانات والطيور، تضم عدد من الحكم والنصائح، حمل الكتاب اسم (بنج تنتر) أو (الفصول الخمسة) ثمّ نُقل إلى اللغة الفارسية، ثمّ العربية وأصبح المعجزة الخيالية الواقعية الأخلاقية، كليلة ودمنة شخصياته عبارة عن حيوانات بريّة، فالأسد يلعب دور الملك وهو يرمز للإنسان المتعجل، وخادمه “ثور” اسمه شتربة يشير إلى التابع، وكليلة ودمنة هما اثنان من حيوان ابن آوى يرمزان إلى المكر والخديعة، تدور فكرته حول هدف أساسي؛ ألا وهو ضرورة السعي إلى تحصيل العلم الذي ينفع به المرء نفسه والمحيطين به، كما يجب على الناس أن تقوم بعمل الأفعال المحمودة، وتجتنب الأفعال المذمومة. وعلى المرء أن يبدأ بنفسه قبل أن ينصح الأخرين. ونظرًا لأن الكتاب حظي بشهرة واسعة وقبول بين مختلف الفئات كان له تأثير على عدد من الأعمال الأدبية العالمية، ووجد الباحثون تشابهًا قويًّا بين بعض قصصه وحكايات “إيسوب” التي تعود إلى القاص إيسوب. وهو عبد يوناني عاش في اليونان القديمة بين عامي 620 و 560 قبل الميلاد، اشتهرت حكاياته حول العالم، وتعد أساطيره رافدًا للتربية الأخلاقية للأطفال، واعتقد البعض أن كليلة ودمنة أصل بعض حكايات ألف ليلة وليلة والسندباد، وكذلك عدد من الأعمال الأدبية الغربية من قصص وقصائد ونحوها.
ترجمَهُ عبد الله بن المقفع من الفهلوية إلى اللغة العربية في العصر العباسي وتحديدًا في القرن الثاني الهجري الموافق للقرن الثامن الميلادي وصاغه بأسلوبه الأدبي مُتصرفًا به عن الكتاب الأصلي. وحينما علم كسرى فارس أنوشيروان بأمر الكتاب وما يحتويه من المواعظ، أمر الطبيب بَرْزَوَيه بالذهاب إلى بلاد الهند ونسخ ما جاء فيه ونقله إلى الفهلوية الفارسية. يتألف الكتاب من خمسة عشر بابًا رئيسيًّا تضم مجموعة من القصص، ويتضمن أربعة أبواب أخرى جاءت في أولى صفحات الكتاب، وهي: باب مقدمة الكتاب، و بعثة برزويه إلى بلاد الهند، ثم عرض الكتاب (لعبت النسخة العربية من الكتاب دورًا رئيسيًّا ومهمًّا في انتشاره ونقله إلى لغات العالم، إما عن طريق النص العربي مباشرة أو عبر لغات وسيطة أخذت عن النص العربي. يصنف النقاد العرب القدامى كتاب كليلة ودمنة في الطبقة الأولى من کتب العرب، ويجعلونه أحد الكتب الأربعة الممتازة إلى جانب الكامل للمُبَرّد والبيان والتبيين للجاحظ والعمدة لابن رشيق. يقدم الكتاب بكل ما يحتويه من قصص عبرت حدود الزمن مجموعة نادرة من الحكايات التى يدرج أغلبها ضمن أدب الطفل؛ ذلك لأنها من الصعب أن تخرج من دائرته التي ترتقى بكل أدب.

*كاتبة_ مصرية
@EsmailShah74540

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود