مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

      حسين عبروس* تتهافت دور النشر في الوطن العربي على نشر كلّ ما ينسب لثقافة ال …

النقد في أدب الطفل العربي والمستقبل المجهول!

منذ 8 أشهر

389

0


      حسين عبروس*

تتهافت دور النشر في الوطن العربي على نشر كلّ ما ينسب لثقافة الطفل من قصص، ومسرحيات وروايات لفئة اليافعين، وفي هذه الزحمة الرهيبة تنبت طحالب كتابات المتطفلين على هذا اللّون من الأدب الموجه إلى فئة الأطفال واليافعين بحثًا عن الثراء، وذلك لتسويق مادة أدب الطفل في كلّ بلدان وطننا العربي، والحقيقة التي تظلّ غائبة أو مغيّبة عن أنظار الكثير من المهتمين بهذا اللون من الأدب، هو غياب النقد المتخصص في أدب الأطفال واليافعين، ويزعم بعض الدارسين لهذا الأدب أنّ تلك الرسائل الجامعية التي يقدّمها بعض الطلبة تصبّ في مجال النقد الأدبي الموجّه للطفل، لكنها في حقيقة الأمر ما هي إلا مجرد دراسات تقوم على أساس الإحصائيات التي تترصّد جوانب معيّنة من هذا الأدب الزاخر بالقضايا الفنيّة والفكرية والتربوية، كما تتخلّله بعض القضايا الأخرى التي تساهم في توسيع هوّة الإساءة إلى أجيال متتابعة إساءة بالغة، من حيث تشويه الصورة الجمالية التي وجد من أجلها أدب الطفل واليافعين، ويكون ذلك على حساب المستوى اللغوي، والفني والفكري والتربوي والجمالي الذي يتطلع إليه الطفل، وكثيرة تلك الآثار الناتجة عن بعض الكتابات التي تجعل القارئ الصغير ينحرف عن جادة الصواب انطلاقًا من تلك الكتابات التي يوغل أصحابها في عوالم السحر والشعوذة والخرافات الشاذة التي يظنون أنّها من مورثنا الحضاري، ومن ثقافتنا الشعبية التي عمّرت طويلًا في حياة الأمم والشعوب السابقة، لكن للأسف يحدث ذلك في غياب النقد الجمالي الذي يصنع الرّؤية الصحيحة السليمة التي تساهم في نشر الوعي لذي القارئ الصغير، وتمنحه القدرة على فكّ خيوط ورموز تلك القضايا التي تشكّل العامل الأساسي في ثقافة الطفل عندنا، ويرد الأمر سوء تساهل المؤسسات التي تشرف على ثقافة الطفل بدءًا من سلوكيات وتصرفات الأولياء، وما يلقنونه للأطفال من حكايات تحتوي على عناصر تدميرية نفسية واجتماعية ودينية وثقافية، وهم لا يلقون إليها بالًا، وقد تعزّز المدارس ذلك، وتسعى إلى تجسيده واقعًا ملموسًا في صورة كتاب يوجه للصغار، ويساهم هواة الرّسم في زخرفة تلك اللوحات التي تجسّد تلك الملامح في حياة الصغار.
وإذا كان النقد في أدب الطفل هو صمام العملية الإبداعية الذي يضع حدًّا للمتطفلين، والمتاجرين بأحلام الطفولة في مجال الكتابة، فإنّ أدب الطفل في الحقيقة عند الشعوب والمجتمعات المتحضّرة هو نصف حاضر الطفولة، وكلّ مستقبلها الواعد بناء على ذلك الكمّ المعرفي الذي تحصّله فئة الأطفال واليافعين على مدى مراحل حياتهم، ويبقى الطفل الموهوب وحده الناقد الذي يبدي تلك الملاحظات حول ما يطالعه من نصوص، وحول ما يراه من تلك الرسوم المرافقة للنص.
إنّ غياب النقد الموجه لأدب الطفل واليافعين في الوطن العربي سهّل الطريق أمام فئة المتطفلين لكي يقتحموا الحصن المنيع في عالم الكتابة للطفل، كما أفسح المجال لظهور تلك النصوص المفرغة المحتوى التي تتضمن أفكارًا هدّامة تفسد على القارئ الصغير رحلة القراءة الجادة، وتسلمه إلى هاوية الفراغ تارة، وإلى ضحالة المستوى المعرفي والثقافي تارة أخرى، ومن الأمر الغريب في عالم النقد الموجه لأدب الطفل واليافعين هو اقتحام عالم النقد بعض المحسوبين على الدراسات الأكاديمية، وهم في الحقيقة لا يعرفون عن قواعد ونقد هذا اللون من الأدب، وكثير منهم يتحدث في المحافل والملتقيات عن الطفل، وهو يجهل عن عالم الكتابة للطفل كيف تكتب القصة أو الرواية، أو النصّ الشعري “النشيد”، وأرى أنّه من الضروري على ناقد أدب الطفل واليافعين أن يكون على دراية وشمولية لفن الكتابة للصغار، وما يتصل بها من علوم ومعارف تمكنه من تقديم نقده البنّاء الهادف، ذلك لأنّ الناقد الحاذق الماهر المتمرّس يستطيع توجيه قاطرة ثقافة الطفل بما يملك من خبرة وتجربة وموهبة.
وقد تعزّز المدارس ذلك، وتسعى إلى تجسيده واقعًا ملموسًا في صورة كتاب يوجه للصغار، ويساهم هواة الرّسم في زخرفة تلك اللوحات التي تجسّد تلك الملامح في الطفل واليافعين أن يكون على دراية وشمولية لفن الكتابة للصغار، وما يتصل بها من علوم ومعارف تمكنه من تقديم نقده البنّاء الهادف، وذلك لأنّ الناقد الحاذق الماهر المتمرّس يستطيع توجيه قاطرة الثقافة.

*كاتب وشاعر للأطفال _ الجزائر

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود