44
069
074
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11890
05622
05592
05250
04860
0أبو حماد ناصر*
في ظل جائحة كورونا والحجر الصحي، انعكست مشاعر العزلة والوحدة في عدد من القصص التي تنبض بواقع جديد، حيث يرسم الدكتور الكاتب المبدع صالح السهيمي في قصصه التغيرات الاجتماعية التي أحدثتها الجائحة. تبرز تأثيرات العزل على العلاقات الأسرية والشخصية بوضوح في كتاب “مخطوطاته الأخيرة”، الذي صدر في عام 2020م عن النادي الأدبي الثقافي بجدة.
يتناول الكتاب تفاصيل الحياة اليومية تحت وطأة جائحة كورونا، حيث تتجلى مشاعر العزلة والوحدة بوضوح في الشخصيات المختلفة. يتميز الدكتور صالح باللغة الرمزية التي تعزز من عمق النص وتجعل القارئ يتفكر في المعاني الخفية وراء الكلمات والتصاوير. وقد قال الشاعر والناقد السعودي الدكتور يوسف العارف: “صالح السهيمي ينطلق من الرمزية والإيحاء ولا يهتم بأبطاله كثيرًا، فالحدث واللغة هي البطولة. يتدثر بالمكنوز اللغوي الذي يحركه تراث قصصي تدويني”.
تعكس أعمال الدكتور صالح غنًى وعمقًا أدبيًا فريدًا، حيث تبرز الرمزية كأحد العناصر الأساسية التي تمنح القصص بعدًا جديدًا ومعاني متعددة. في قصة “معلقة الفقد”، نرى كيف تُستخدم الرموز لتجسيد الحزن والألم الناتج عن الفقد. بينما في “درج الحياة”، تُستخدم الرموز لتوضيح المراحل والتحديات التي يواجهها الإنسان في مساره.
وعلى النهج نفسه، تتناول قصة “على وقع حافرها” أثر الأفعال والقرارات على الحياة من خلال رموز تشير إلى البصمة الباقية للأفعال. في “جواب كسماء وأراضي الأسئلة”، نجد رحلة فكرية وبحثًا عن الحقيقة، تجسدها الرموز التي تشير إلى البحث المستمر عن الإجابات العميقة.
أما “رائحة العشق”، فهي قصة تعبر عن الحب وتأثيره على الحياة، حيث تُستخدم الرموز لتوضيح العشق والمشاعر العميقة. في “الفنار”، نرى رموز الأمل والإرشاد، وكيف أن الضوء يمكن أن يكون هداية في الظلام. “زهور النرجس” تعكس الجمال والنرجسية من خلال رموز الجمال الداخلي والخارجي.
تُختتم هذه المجموعة بقصة “مخطوطته الأخيرة”، التي تُستخدم فيها الرموز للإشارة إلى نهاية الرحلة والأثر الباقي، مجسدة الإرث الثقافي والأدبي. بهذا، نجد أن الرمزية في قصص الدكتور صالح ليست مجرد أداة أدبية، بل هي عنصر جوهري يساهم في إيصال الرسائل العميقة، والمعاني المتعددة التي تجعل من قراءة هذه القصص تجربة غنية وممتعة.
تنتقل القصة من مشهد الفرح إلى مشهد الخوف والموت بشكل مفاجئ، ما يضيف عنصر المفاجأة ويزيد من التوتر الدرامي. كما نرى الانتقال بين الأمكنة بما ينتقل السرد بين الأماكن مثل البحر والفنار والمزرعة، ويظهر التوتر بين الحاضر والماضي في القصص من خلال التأمل في اللحظات الحاضرة وتذكر اللحظات الماضية؛ ما يعزز من التجربة السردية ويضيف عمقًا للأحداث وتأثير القصص.
تعكس القصة تأملات فلسفية حول معنى الحياة في ظل الأوبئة والأزمات، وكيف يجد الإنسان نفسه عالقًا بين الأمل والخيبة، وكيف يمكن أن يتداخل الفرح والحزن في حياة الإنسان. ينقل السرد فلسفة حول دور الطبيعة في حياتنا وكيف تؤثر الأحداث الكبرى على الأفراد وعلى البيئة المحيطة بهم.
أخيرًا، ينتهي السرد بختام مفتوح يترك القارئ مع تساؤلات حول الشخصيات، وتأملات في تأثير الأوبئة على الأفراد. هذا الختام يعزز من قوة القصة ويجعلها أكثر تأثيرًا على القارئ.
*باحث أكاديمي_الهند
إبداع في الطرح وقراءة مابين اليطور. تحياتي لك.