10
0103
0121
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11784
04713
04364
174298
03997
0إعداد_عبدالعزيز قاسم*
في غمرةِ انسجامِنا، ونحن هناك في مرتفعات “بني مازن” الشاهقة في جبال عسير؛ جاءنا اتصالٌ وصوتٌ عاتبٌ أننا تأخرنا عليه، والحقيقة أنَّ سوءَ تنسيقٍ -بما يحدثُ دومًا في الرحلات- بين صديقنا أبي أحمد والشيخ عبدالله البسامي الذي كان يلومنا على تأخرنا بالاختلاف إليه، فهُرعنا له من فورنا وتركنا جمالَ وروعةَ ما كنا فيه، واتجهنا لدارته في أبها، نسابقُ الزمن، فلا أسوأَ من ترك مُضيفٍ -قد رتَّبَ أمره وتفرَّغ لك- ينتظر..
.
تقاطرتِ الرفقةُ للسلام على شيخٍ يقفُ بباب دارته، مُعتذرين منه على سوءِ الفهم للموعد، وتأخرتُ -كعادتي- لأكون آخرهم، وفوجئ بي، وحدَّق بي طويلًا، يحاولُ تذكُّر أين رأى هذا الضيف، ولم يُميِّزني إلا عندما تحدثتُ، وبادرني مستفهمًا: الإعلامي عبدالعزيز قاسم؟ فأومأتُ له موافقةً برأسي وأنا أبتسم، إذ السحنةُ التي بتُّ عليها؛ تختلفُ كثيرًا عمَّا كنت بها إبَّان عملي في الصحافة والاعلام قبل عقدين.
.
احتفى بنا الشيخ عبدالله البسامي طويلًا، وعادت له الاشراقةُ والابتسامةُ، والرجلُ مُحبٌّ لمقالاتي وبرامجي، وعرفتُ أنَّ عائلته “البسامي” الكريمة تنتمي ل”وادي بسام” في “سراة عبيدة”، وتعود أرومتهم إلى قبيلة قحطان الشهيرة.
.
بمجرَّد أن ذُكرتْ “سراة عبيدة”؛ إلا وانثالت من ذاكرتي شخصيتان لهما محبَّةٌ ومنزلةٌ في القلب، أرجعتني الذاكرة لأولهما إلى حوالي أربعين عامًا خلت، إذ كنا وقتها طلابًا في جامعة الملك عبدالعزيز، أتينا من مدائنَ شتَّى، وفي السكن الجامعي، رمى القَدرُ الجميلُ معنا طالبًا، كان يقول لنا أنه من “سراة عبيدة”، ونحن لا نعرف سوى أبها وعسير فقط، فلأول مرة نسمع عن هذه المنطقة، ليكرِّرَ ويزيدَ علينا الأمر ضغثًا على إبالة؛ أنها قريبة من “ظهران الجنوب”، ولم نستوعب ألبتة، أن تتجاور مدينة الظهران وهي في المنطقة الشرقية مع مدينة في أقصى الجنوب!
.
السكن الجامعي في منتصف الثمانينيات الميلادية من القرن الفارط، جَمعَ خليطًا عجيبًا من كل مناطق المملكة، يتجمَّعُ أهلُ كلِّ منطقةٍ في شقةٍ واحدةٍ، فنُصنِّفُ الشققَ بحسب مُدنِ ساكنيها، فأحبَّةٌ كرامٌ لنا كانوا من بيشة، وآخرون من القصيم وفئامٌ من القطيف، ومن نجران، ومن حائل وبقية مناطق المملكة، وككلِّ مُجمَّعات الشباب؛ لا بدَّ من اللقيا والتزاور، وكانت شقة (205) هي قلبُ عمارة (4) بسكن جامعة الملك عبدالعزيز، ولا تخلو أبدًا من الزوَّار، فقد كان معنا زميلٌ من المدينة المنورة، يَجلبُ لنا كلَّ أسبوع –وهو قافلٌ إلينا- أنواع النعناع (الحَبَق، الدُوش، العِطْرَة، الوَرد، المغربي..) ويتباهى علينا بذيَّاك الشاي المديني الذي لا يُقاوم، لنبادر بدعوة جِيرتنا كلَّ عصريَّة، ويا لها من أيام! ويا لهم من أحبة! وقد اخترمتنا الدنيا بسُنَنِها، وتفرَّقنا أيدي سبأ.
.
أعودُ إلى زميلنا بالشقة وأخينا الحبيب “جارالله بن دليم القحطاني”، وأيم الله تعالى، لقد أسَرَنا بروحه الجميلة، ومَلكَنا بذاك النقاء الذي كان عليه، وأعطانا أنموذجًا رائعًا في الشهامة والبذل والكرم.. ابنُ قريةٍ حقيقيٍ، بكل صفائه وتلقائيته وردَّات فعله العفوية، وما يزال يسكنُ القلبَ لهذا اليوم، وقد حُفرَ اسمه في ذواكرنا جميعًا نحن رفقته، ولطالما دعانا لزيارة “سراة عبيدة”، ولكن هيهات وأنَّى لنا! فهي بعيدةٌ كل البُعد عنَّا. وللأسف، كرَّت الأيام علينا بعاداتها، وفقدنا التواصلَ معه ذاك النبيل، ووالله لقد ترك في قلوبنا محبةً وأثرًا لمَّا تزالان ليومنا هذا، وسَحَرنا بتربيته وأصالته وصدقه..
.
هكذا كان غالبُ أبناءِ القرى عندما يأتون للمدن الكبيرة، يأتونها بكل صفاءِ روحٍ ونقاءِ قلبٍ وعفويةٍ محبَّبة، لم تُلوِّثهم الدنيا، ولم تَهبّ عليهم نتنُ العنصرية، والطبقية الاجتماعية، أو المخادعة واللؤم، وليت سطوري هاته تصله، حبيبي -أبا دليم- ذاك، وتُرجعنا الأيام لنتصل بعد كل هاته السنين بيننا.. له مني ابن “سراة عبيدة” ألفَ سلامٍ أينما كان.
.
مضيفنا الشيخ عبدالله البسامي كان تربويًّا أمضى جلَّ عمره في ميدان التربية والتعليم، وعمل في التجارة بين النماص وأبها وجدة، وبات جارًا لنا في عروس البحر الأحمر، في “أبحر الشمالية”، ألفينا أبناءه يُكرموننا بالقهوة الجنوبية المُميَّزة، وأقسمَ وحَلفَ علينا أن نأتيه في غدنا للعشاء، وتأبَّينا ولكن هيهات، فحزْمُ الأستاذ ما يزال كامنًا فيه، ولم نجرؤ على الممانعة معه، وانفلتَ بنا إلى مزرعةِ صديقه د. فهيد السبيعي، في ضاحية من ضواحي أبها، اسمها “وادي البيح علكم”، كي ندركَ الساعة الأخيرة من النهار، ونستروحُ هناك، ونمتِّعُ أنظارنا بالجمال والخضرة.
.
بكلِّ ترحابٍ وطلاقةِ وَجهٍ، استقبلنا الدكتور فهيد السبيعي عند بوابة مزرعته الزاهية، وحالما دَلفنا لداخلها، انفردتُ عن الرفقة –مستأذنًا د. فهيد- لألحقَ تصوير المزرعة الخلابة، وأشجارها المثقلة بالثمار التي آن موسمها، فقد خشيتُ أن يختفي قرصُ الشمس، الذي تتخلَّلُ أشعتُه الغيمَ فوقنا تارة، وتَسطعُ كاملةً تارة أخرى، وخفتُ غيابَه خلفَ الجبال، فلا تُترجمُ الصورُ الأرضَ المُخضوضِرةَ والأشجارَ اليانعة التي أمامنا.
.
انتظمنا في طاولةٍ طويلةٍ، استوعبتنا ونحن نربو على العشر، وأطباقُ الفاكهة الكبيرة الموضوعة أمامنا تخطفُ منا النظر، لتنوعها وجمالِ رَصِّها من جهة، ولجوعِنا بسبب الأجواء الغائمة التي تفتح الشهية، دَعكَ من المزاجِ الرائقِ الذي كنَّا عليه، في عَصريةٍ ذهبيةٍ لا تُنسى مع د. فهيد والشيخ البسامي، بما ترونها في السنآبات، وأخذنا مُضيفُنا في جَولةٍ بمزرعته المتنوعة الأشجار، مع ذلك الهتَّانِ الذي يسَّاقطُ علينا بين الفينةِ وأختها؛ قضينا ساعةً رائعةً ونحن نتجوَّلُ ونستمعُ للدكتور فهيد، ويقينًا يُدرك مُحبُّو الجنوب وأجوائها عن الذي أتحدث، وكأنه السحر، ولا تودُّ إلا أن يتوقَّفَ بك الزمنُ من فرطِ الأنسِ والاستمتاع.
.
وإن كان الهتَّانُ يُغازلنا بتساقطِه المُتغنِّج، والذي ما لبث أن تحوَّل إلى وابلٍ في مزرعةِ مُضيفنا الدكتور فهيد السبيعي، لنعودَ أدراجَنا ونُمطرُ -بدورنا- مُضيفنا بالأسئلة التي تُطرحُ عادة عن المكان وتأريخ وسيرةِ المضيف، خصوصًا أنَّ معظم ديار قبيلة “سبيع” هي في مدينتيّ “رنيه” و”الخرمة” وما جاورهما، وهاتان أقربُ لمدينة الطائف لا أبها، فاستجابَ لنا بكلِّ رحابةِ صَدرٍ، وحكى لنا نُتفًا من سيرته، وألفيناه شخصيةً اجتماعيةً فاعلةً في مُجتمعِ أبها، فضلًا على أنه تربويٌّ مُخضرمٌ، إذ قدِمَ إلى أبها مباشرةً من بعد تخرِّجهِ في العام ١٣٨٩ للهجرة (1969م)، من كلية الشريعة بمكة المكرمة، وحكى لنا عن زملائه إذَّاك، وكان منهم أستاذنا الكبير د. فهد العرابي الحارثي، ولم أتركه حتى أعطانا بعضَ قِصَصهِ ونوادره، ومشاغباته.. ويا لكثرتها!
.
عمِلَ مُضيفنا د.فهيد مُعلمًا في منطقة “أحد رفيدة” بقحطان، ثم مديرًا لمعهد المعلمين بأبها، فمديرًا للثانوية الأولى بذات المدينة، وعاد -مرة أخرى- مديرًا لمعهد المعلمين، لينتهي عميدًا فيها ويتقاعد، ولربما أمضى في منطقة أبها قرابة ال50 عامًا وأزيد.
.
لم ينسَ مُضيفنا وهو يتحدث أن يباشرنا بالفاكهة التي أمامنا، ويترجَّانا أن نمدَّ أيادينا ونتناول الفاكهة التي كان جُلُّها من مزرعته الغنَّاء، ويا للذة ذلك “البرشومي” الذي أتانا مُبرَّدًا! نلتهمه بكل الاستمتاع، وننتقل للتين الذي يذوبُ ذوبًا في أفواهنا التي تلوكه بطعمه السكريِّ الرائع.
.
الغيمُ يُظللِّكَ، ونسائمُ أبها في الأصيل تُصافحُ وجناتِك، ومضيفٌ كريمٌ سَمحُ الروح، ورفقةٌ أنيسةٌ متجانسةٌ، في جنَّةٍ غنَّاءٍ؛ تتدلى ثمارها بدلالٍ وفتنةٍ.. فكيف يكون حالك ومزاجك ونفسيتك!!
.
بالطبع ألحّ علينا مُضيفنا -ككلِّ رجالاتِ تلك المنطقة الكرام- أن نبقى للعشاء، ليقومَ بواجبنا في الضيافة، بيد أننا اعتذرنا منه، لارتباطٍ في المساء مع أحد وجهاء أبها، وودَّعَنا بكلِّ الحبِّ والحفاوة..
.
عُدنا في مساءِ اليومِ التالي إلى دارة الشيخ عبدالله البسامي، وكلُّ الزملاءِ أتوه تلبيةً لدعوته ومحبَّةً له، إلا أنا، فقد عُدتُ له رهبةً ومحبة، فقد توَّعدني -بشكلٍ شخصيٍ- إنْ لم آته، لذلك كنتُ أحرَصُ الرفقة على التبكير له، وأتيناهُ قبل الوقتِ المضروب، وولجنا دارته، وإذا بمجلسهِ عَامرٌ بنخبةٍ كريمةٍ، يتقدمهم د. فهيد السبيعي، والشيخ محمد بن شبلان عسيري، والشيخ محمد مرعي عسيري، وكذلك إخوته خالد محمد البسامي، والعميد عبدالرحمن، فيما ابنيه محمد و م. عبدالعزيز يباشراننا القهوة.
.
أعرفُ من عائلة البسامي سعادة اللواء زهير البسامي الذي كان يرأسُ شرطة الباحة، وهو رجلٌ من خيرةِ الناس، يبذلُ جاهَهُ ووجهَهُ لصالح المحتاجين والمعسرين والكرام الذين عَثرَت بهم الدنيا، جزاهُ الله كلَّ خير، وعائلة البسامي تعودُ إلى “سراة عبيدة”، و”وادي البسام” تحديدًا، وإليه نُسِبوا.
.
ولا بدَّ ببعضِ التعريفِ بمنطقة “سراة عَبِيدة”، فهي مُحافظةٌ سعوديةٌ، تابعة لإمارة منطقة عسير، وتبعدُ عن مدينة أبها مسافة 93 كيلو متر تقريبًا، وتبعد عن مدينة “ظهران الجنوب” مسافة 40 كيلو متر تقريبًا.
.
“السراة” المقصود بها المرتفعات من الطائف وحتى ظهران الجنوب، وأما “عَبِيدة” فهي القبيلةُ التي تسكنُ هذه المنطقة، وهم جَمعٌ من قبائل قحطان المذحجية وقضاعة، وينتسبون إلى عَبِيدة بنت مهلهل، أخت الزير سالم أبو ليلى المهلهل، و”سراة عبيدة” كانت تسمى قديمًا البوطة.
.
ربما يَحضرُ -عند كثيرين من قرائي- اسمان عند ذِكرِ هذه القبيلة الكريمة، الأول هو معالي الفريق أول محمد البسامي مدير الأمن العام بالمملكة، وأما الثاني فهو الشيخ سعيد البسامي مالكُ أكبر أسطولٍ متكاملٍ من شاحناتِ نقلِ السيارات، وقبيلةُ “آل بسام” من القبائلِ الكبيرة التي يَربو عَددُها على أربعة آلاف وخمسمائة نسمة تقريبًا، وعُرفَ عن القبيلة دورها في ترسيخِ العديدِ من القوانين والأعراف بالمنطقة، واشتهرت بالفصل في النزاعات بين القبائل على مستوى المنطقة الجنوبية منذ القرن الحادي عشر الهجري.
.
كان الشيخ عبدالله البسامي يحتفى بنا نحن ضيوفه في مجلسه، وتُدولَ الحديثُ واستطال لموضوعاتٍ شتَّى، سيما في حضورِ نخبةٍ كريمةٍ في مجلسه، وغمزتُ –مَازحًا ومهاذرًا- مُضيفَنا عن سببِ عشقه لمدينة النماص، ووجودِه الدائمِ فيها وهو ابنُ أبها، غير أنه راوغني وأجابَ بوجود أصدقائه وتجارته هناك، وذكر اسمًا كبيرًا في النماص، له منزلةٌ في نفسي، وهو سعادة اللواء فايز البكري، وهؤلاء البكريون من “بني شهر” أحملُ لهم صادقَ الحبِّ وعميقَ الودِّ المتجذران في نفسي من عشرِ سنواتٍ مضت، وتشرفت بزيارة اللواء البكري مع الصديق الحبيب العميد أبو عبدالله، وأحملُ أروعَ الذكريات عن النماص، وقد كتبت مقالة وقتذاك بعنوان: “النماص باريس الجنوب”، تِهيامًا وعشقًا لمدينة الضباب تلك.
.
بقي أن أذكر لكم الشخصية الثانية التي قفزتْ إلى الذاكرة من وحي ذكر “سراة عبيدة”، لأختم به هذا التقرير، وهو الشيخ رائد المالح من قرية “وادي خضار زهير” من عبيدة قحطان، وأتذكر أنني زرته وأبنائي في شهر رمضان بالعام 2011م، ولأول مرة نأتي “سراة عبيدة”، ودومًا أقسمُ على من آتيه عدمَ التكلُّف، ولا أستجيب لدعوته إلا بعد أن يَعدني بذلك، فالقصدُ من مجيئه في بيته المؤانسةُ والزيارةُ في الله والصلة، ومكانتي معروفة في نفوسهم، لا تظهر بالتكلف والبذخ في الضيافة، ووعدني الصديق رائد، وأتيت -وأبنائي- سوقَ “سراة عبيدة” القديم، ونزلنا للتجوُّلِ والمشاهدة، ولأول مرَّةٍ يرى أبنائي أطفالًا وصبية يتمنطقون الخناجر أو “الجنابي” بما هو اسمها الشائع هناك في جنوبنا الغالي، رابطين الشماغ على الرأس بما لم يعهدوه، وعهدهم أن الشماغ يُسبلُ لا أن يلفَّ على الرأس، ولأول مرَّةٍ -كذلك- يرونَ عصائبَ الرأس، إذ وجدنا رجالاتٍ من تهامة قحطان، يضعون تلك العصائبِ المكونة من النباتاتِ الزهرية.
.
وافنا الصديقُ رائد المالح، وهو يُهلِّل ويُرحِّب، ومضى بنا إلى قريته التي تُعدُّ من أشهر قرى قبيلة زهير، والتي يسكنها “آل مرعي من آل مالح” وبعض فخوذ قبيلة زهير، ولا أنسى أبدًا سعادته الغامرة، وهو يُطلق ترحيبة أهل الجنوب “مرحبًا ألف” كل آنٍ، واستوى بنا المجلس في حضور شقيقه أحمد واثنين من قرابته، بما وعدني ألا يُكبِّرَ المجلس، كي نأخذَ راحتنا بالحديثِ، ولا يتلبَّسُ المكانَ الوجومُ المعهودُ والحديثُ الرسميُّ المتكلف.
.
انتهينا من إفطارنا على التمر والقهوة واللبن، وأتممنا صلاتنا، ودعانا ذياك الحبيب إلى غرفة “المُقَلَّط”، لنتفاجأ بسفرةٍ مربَّعةٍ كبيرة، تكفي لثلاثين ضيفًا، مُلئتْ -كاملةً- بأصنافٍ لا تعدُّ ولا تُحصى من فرطِ تنوعها، وامتقع وجهي، ومضيفنا يُقسم أنه أوفى بوعده ألا يَذبَح، وأنه خَجِلٌ من تقصيره في ضيافتنا، وأنا أهَمهِمُ في نفسي، ليته ذبحَ خروفًا واحدًا، وإذًا لوفَّر التعبَ والقلقَ والسهرَ على أهل بيته، الذين أمضوا الأيام لإعدادِ هاتهِ الأطباقِ التي لا أستطيعُ عدَّها، وقد ملأتِ السفرةَ الكبيرةَ إلى حَوافِّها.
صَمتُّ عمَّا اعتمل في نفسي، وبادرتُه شاكرًا، فلا يُلامُ كريمٌ أبدًا، والوقتُ ليس وقتَ معاتبةٍ، وإفسادِ فرحتِه بما قدَّمَه لنا بحبٍّ وحفاوة، ولأوَّل مرَّةٍ -في رحلتي للجنوب تلك- يُقبلُ الأبناءُ على الأكل، وهم الممتنعون دومًا عن المفطحات واللحم، ولا يأكلون سوى البرغر والبيتزا، التي نبحث عنهما عند خروجنا من مضيفينا الأحبة في كل مناطق الجنوب.
.
الكرمُ متأصِّلٌ في أنفسِ أولئك القوم بجنوبنا الغالي، ووالدُ مُضيفنا هو الشيخ سعيد ابن ظبيه – رحمه الله – نائبُ قبيلةِ “آل مالح زهير عبيدة قحطان”، ويذكرونه هناك بخصالِ الكرمِ والمروءةِ والشهامةِ والدينِ والقيادةِ فيه، وقد وَهبَهُ اللهُ -سبحانه وتعالى- الرأيَ السديد، والقولَ الرشيد، فأصبحَ ذَا رأيٍ ومشورةٍ وقيادةٍ يرحمه الله.
.
تلكم ذكرياتٌ سَطَّرتُها عن “سراة عبيدة”، وأهلِها الكرام، وأعودُ بكم لرفقتنا ومضيفنا الشيخ عبدالله البسامي، وقد طلبَ الزملاءُ صورةً معه ومن كان في المجلس، وودَّعناهُ بكثيرٍ من الامتنان والتقدير والحبِّ، وواعدناهُ في جدة إن شاء الله، وانفلتنا إلى فندقنا الجميل “إيفا إن”، وأنا أردِّدُ تجاه هؤلاء العَبيديين، ما قال دعبل الخزاعي:
.
وَالضَيفُ يَعلَمُ أَنِّيَ حينَ يَطرُقُني
ماضي الجَنانِ عَلى كَفّي وَمَقدِرَتي
.
أَهوى هَواهُ وَيَهوى ما أُسَرُّ بِهِ
يَنالُ ما يَشتَهي وَالنَفسُ ما اِشتَهَتِ
.
ما يَرحَلُ الضَيفُ عَنّي غِبَّ لَيلَتِهِ
إِلّا بِزادٍ وَتَشيِيعٍ وَمَعذِرَةِ
*إعلامي وكاتب صحفي
ما شاء الله تبارك الله
جزاك الله خير على رسائلك وعلى مقالاتك دكتور عبدالعزيز
ما شاء الله
كالعادة حديث ماتع وسرد أمتع من الدكتور عبدالعزيز الذي عودنا على جمال الحديث ومسلسل السرد والأحداث المُدعمة بالتصوير الحي لزيادة التشويق أرجو الله لكم دوام الصحبة الطيبة والتوفيق ..
نحن ايضا قحطانيون من هذه الديار المباركة وكأنني معكم دكتور في جاذبية هذا الجنوب الجميل 💚
ماشاءالله يادكتور تغطيه جميله ورائعه وتاريخيه
الاستاذ عبد العزيز قاسم
يا .. لروعة مقالاتك وجمال صداقاتك وهذا يدل على وفائك للأصدقاء والزملاء وجميع من تعاملت معهم
ماشاء عليك دكتور عبدالعزيز موضوع محبك دو طبعة خاصة كما تعودونا دائما الى سرد مواضيعك الشيقة الرائعة الملموسة تحياتي الك من المغرب واتتبع كل محتوياتك شكرا
كالعادة أسلوب جميل وطرح رائع اعجز عن وصفه.
لدى مقترح: جمع كافة المقالات مع الصور في كتيب.
وفقكم الله وإلى مزيد من الابداع.
كعادتكم دكتورنا الكريم
سرد رائع وتفصيل جميل
ماشاء الله تبارك الرحمن اجواء جميله وطبيعة خلابة وسلة غذاء وكرم الضيافة
حفظك الله ورعاك يادكتور عبدالعزيز 🥰
فتح الله عليكم دكتور تنثلنا من الشمال بظروفك إلى الجنوب وكأننا نعيش اللحظة سويا.
فتح الله عليكم دكتورنا الغالي تنقلنا بحروفك من الشمال إلى الجنوب وكأننا نعيش اللحظة
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وآله
ماشاء الله أبا أسيد تمتعنا في كل نقل ومشاركة مباركة منك وفقك الله
ماشاء الله تبارك الله مقالات مميزة من شخصية مميزة بالأسلوب والمعلومات الثرية القيمة بارك الله فيك يادكنور عبدالعزيز ادعو لك بالتوفيق ومزيد من التقدم والقبول
الله على الرفقة الطيبة ، الله على الذكريات الرائعة ، كيف لا و كل من رافقكم الا و خلدتم في ذاكرته ايام لا تنسى ، نعم دكتور عبدالعزيز ، جالسناكم انتم و أحباب الأحدية، تلكم الوجوه المنيرة ، طلعنا الى غار حراء و ظننتم انني سمينكم و لا أستطيع الوصول و قد كنت من الاوائل هههه ، كما تذكرتم هذه الذكريات الرائعة فإنني أتذكر تلكم اللحظات التي لن انساها ما حييت.
بوركتم دكتور و بوركت أعمالكم و مقالتكم الرائعة
محبكم من المغرب
جمال الصداقه. وروعة السرد. دايم متألق دكتور عبد العزيز في سرد قصصك. بالتوفيق
ماشاء الله
حضور جميل زاده جمالا
هذا الجمع المبارك
حفظك الله ابا اسامه
وجمعكم على خير
وانتم بصحه وعافيه.
أستمتع واستفيد من تحقيقات عبدالعزيز قاسم الغنية بمعلوماتها وجمال أسلوبها.
يقول: “وأتذكر أنني زرته وأبنائي في شهر رمضان بالعام 2011م”. لكن شهر رمضان لم يأتِ قط في العام ٢٠١١، ولا قبله ولا بعده. شهر رمضان ليس أحد شهور التقويم القريقوري الغربي الكنسي.
الكاتب الصحفي الكبير الدكتور عبد العزيز قاسم يطلق قلمه السيال ويكتب لنا عدة تقارير عن رحلته الممتعة الى جنوب المملكة العربية السعودية من أرقى وأمتع أدب الرحلات سرد ثلاثي الأبعاد بلغة سهلة سلسة كأنك تعيش الحدث ومعلومات ضافية عن جغرافية المنطقة والأماكن السياحية والتراثية وأعيان المناطق وربطها بالذكريات والأصدقاء والتاريخ والعادات والتقاليد العريقة من حسن استقبال وكرم ضيافة والاهتمام بأدق التفاصيل وتوثيقها بالأماكن والأسماء والصور والأوقات
نأمل من كاتبنا القدير الدكتورعبدالعزيز قاسم أن يوثق رحلاته في كتاب ليعم النفع وفقه الله وسدد على الخير خطاه
حفظكم الله وبارك فيكم ونفع بكم دكتورنا واستاذنا الكبير
رحلة ممتعة جمعت بين التاريخ الاصيل والتعرف على الاوفياء للدين والوطن وصحبة صالحة وفية حركت في مشاعر القيم الاصيلة والمحبة فى الله وفقك الله يادكتور عبد العزيز ماشاء الله دائما متألق ومبدع حفظك الله ورعاك اخوك المحب المتابع لمقالاتك اديب علاف