124
015
0117
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11785
04716
04368
174328
04020
0
فاطمة الجباري*
لم تكن حياتي وردية كما يراها الآخرون، بل كانت كمًّا هائلًا من المنغصات، والخوف، والقلق..
بعد أن كنت طفلةً صغيرةً، لا تعرف من الدنيا غير لعبة، وحلوى وبعض الهدايا، والألعاب من والديها الكرام، وخالها الحنون؛ مكافأةً على نجاحها وتفوقها..
أصبحت أمًّا ومسؤولة عن بيتٍ وزوج وطفلةٍ، وحلم إكمال الدراسة..
وشريك الحياة رجلٌ عصاميّ، لديه مسؤولياته تجاه والديه، وأسرته الكبيرة، ويقع على عاتقه مسؤولية أسرته الصغيرة/ زوجته وابنته.
كانا مشغولين دائمًا بحياتهم، هو يعمل، وهي تدرس..
وطفلتهم الصغيرة في أحضان جدتها لأمّها؛ ترعاها وتغدق عليها من حنانها وعطفها.
لم تكن تهتم بما تسمعه وما تراهُ؛ فقلبها ما زال قلبَ طفلة ملائكيّ، لا يعرف الحسدَ ولا سوءَ الظنّ، سليمة الفطرة نقية السريرة.
تحاول جاهدةً أن تكون ربةَ منزلٍ ناجحة وأمًّا صالحة وطالبة مجتهدة.
مشت الهوينا في دروب الحياة المختلفة، وانتقلت من المدينة إلى القرية حيث الحياة مختلفة.
كل شيء تربت عليه في المدينة وتعلمت فنونه وأصوله تغير في القرية.
أصبحت تشعر بغربة المكان والزمان غربة الشعور الذي لم تعد تفهم منه غير أنها غير مرتاحة.
لكن لمن تتحدث؟ ومن سيفهم حديثها؟ ومن سيشعر بالصراعات القائمة بينها وبين نفسها؟
هنا لا توجد خصوصية في حياتك الشخصية، أنتِ ملك عام لأصحاب البيت، تنامين معهم وتستيقظين معهم، وتأكلين مما يأكلون وفي الوقت الذي يحددون، والزوج غارق في مسؤولياته لا يدخل المنزل إلا للنوم. وباقي وقته يقضيه في عمله أو وسط أسرته.
كان قدري أن أتزوج بالابن الكبير في العائلة كما كان قدره أيضًا أن يرتبط ببكر والديها..
رغم تقارب العمر إلا أن الإنسان يبقى ابن بيئته؛ فالمألوف لديَّ غير محبب لديه، والعكس صحيح..
كان خيارًا صعبًا، وحياة أصعب من بدايتها.
أصبت بالمرض من شدة التفكير والتوتر، يحملونني فاقدة الوعي، ولا أعرف ما الأسباب! أعيش صراعًا داخليًا بين ما أحبه والواقع الذي أعيشه.
عجز الأطباء عن معرفة مشكلتي؛ نوبات صداع لا تسكنها المسكنات، ألم في المعدة دائم، خفقان في القلب وشعور بالخوف مفاجئ.
تشخيصُ أهل القرية للحالة أنه قد “تلبسني جنيّ والعياذ بالله”.
أما أنا فقد كنت أعرف في قرارة نفسي أن الأمر لا يعدو كونه إحساسًا بعدم الارتياح لطبيعة الحياة والناس هنا.
هذا الشعور لا يعرفه إلا من عرف معنى غربة الروح؛ الجسد هنا، والروح هناك…
فقد تركت عمري هناك، للماضي الذي عشته، والذكريات.. الأهل، الصديقات والزميلات والجيران.
تركت تاريخًا من حياتي وطفولتي وعفويتي وسذاجتي
وطباعي وطبيعتي؛ لأنتقل إلى حياة جديدة لا أعرفها
لا تشبهني، وأناس لا أستطيع التعايش معهم، ولا مجاراتهم.
اختلاف في الفكر، والثقافة والعادات والتقاليد وأسلوب الحياة.
لديهم عادات مختلفة تمامًا عما أعرفه وتربيت عليه،
لديهم فضول مبالغ فيه لمعرفة كل شيء في حياة الآخرين.
كانت حياة انتقاليّة صعبة في فترة من فترات حياتي
لم تكن باختياري، لكنها قدري.
قدري أن أتزوج في عمر مبكر، وأن أنتقل من المدينة إلى القرية، وأن أعيش وسط مجتمع لا أعرفه!
ومعاشرة أناس يختلفون في كل شيء ابتداءً بطبيعة الحياة القروية الصعبة وانتهاءً بطبيعة الناس واختلاف ثقافتهم وعاداتهم وطباعهم.
وحتى أكون منصفة هم أناس بسيطون جدًا وهذه حياتهم التي اختارها الله لهم، ولو عرض عليهم الذهاب والإقامة في المدينة لن يتركوا قريتهم، ولو أعطوا كنوز الأرض.
وأنا أحترم ذلك وأقدره؛ فالإنسان ابن بيئته، يشبه (السمكة إذا خرجت من الماء تموت)
هذا شيء تتحكم فيه طبيعة الإنسان وانتماؤه للمكان والزمان الذي عاش فيه منذ طفولته حتى هرمه.
مع انتمائي للقرية والقبيلة والفخذ وهي مسقط رأس الأجداد والآباء والأمهات..
كنت أكتم ما أشعر به حتى لا أفهم بطريقة خاطئة، ومع كل ذلك أطلق البعض حكمهم علي دون رحمة، ووصفت بالمتكبرة، المنكرة لأهل قريتها، والأنانية..
لم أكترث بما قالوه عني، وسألت الله أن أعود إلى المدينة وأكمل حياتي بين أهلي وأحبابي وصديقاتي..
ولله الحمد والشكر تحقق ذلك وعدت إلى المدينة
ألملم شتات أمري، وأستعيد ما بقي مني من روح وجسد غادراني منذ وصولي للقرية.
ربما لو كنت واعية ومدركة لحقيقة الأمر لما قبلت بالزواج من البداية.
هناك أمور في حياتنا الفصل فيها راحة، أو تعاسة ترافقك طول العمر..
لذلك التوافق بين الزوجين مطلب لبناء حياة أسرية هادئة هانئة سعيدة؛ لأن هذا الزواج تترتب عليه أمور كثيرة لا خيار لك فيها فيما بعد، حيث تعيش صراعًا طويلَ المدى بين ما تحب وما تكره، بين ما يريحك، وما ينغّص عليك سعادتك.
وفي النهاية العمر والشباب الذي يرحل لا يعود، وستخرج بتجربة قاسية مهما حاولت تجاهلها تبقى عالقة بذاكرتك..
في الختام:
ليس من الحب أن تضحي براحتك من أجل أحد مهما كان، فالقليل من يقدر ذلك لك.
وكما قال أبو تمام:
نقِلّ فؤادكَ حيث شئتَ من الهوى
ما الحبُّ إلا للحبيبِ الأوّلِ
كم منزلٍ في الأرض يألفهُ الفتى
وحنينهُ أبدًا لأوّلِ منزلِ
*كاتبة سعودية
مساء النور
مساء لأحلى كاتبة
الله يعطيك العافية على الكلام الحلو هذا
إلى الأمام يا فاطمة جباري
الله يحفظك إن شاء الله
فعلا تألمت عندما قرأت تجربتك..ولكن هي تجربة ثرية…بالتأكيد ستقويك وتجعلك أكثر خبرة…هذه القثة تشبه قصتي كثيرا الفرق أني لم أذهب للقرية بل أهل القرية استقروا في بيتي…نفس الاحساس ونفس المعاناة…والحقيفة اعجبني سردك ووصفك للمشاعر…قلمك راقي…بارك الله فيك …ننتظر جديدك.
تجربة تعلم مليون دار ومجتمع
زحمة الحياةِ تسرق (سكينة الرُّوحِ)
فإن لم نحفظها بساعة إيمانيَّة
أو مُجالسةِ أحبةأو إراحةٍ بدنية
فستبقى الروح مشوشة تقاسي المزعجات يتسارع ذبولها
وتزول بهجتها
وإن ما يدخل لحياتك يترتب عليه أمورا نفسية وجسدية فوق ما يتخيل الإنسان ويعتقد.
الناس المتغيرون
الخيبات في منتصف الطريق
النوايا التي تنكشف يوما بعد يوم
الأمور التي صدمنا بها في نهاية الدرب
كلها خيرة
الأماني المتأخرة
والأحلام المتعثرة
والدعوات التي رفعناها ولم تأت بعد
وكل مايحصل لنا في دروب الحياة قدر ..كتب .لكن دائما الخيرة فيما قدره الله لنا …ولكن تبقى ثقة الإنسان بالله تعالى.. هي مفتاح كل شيء
عندها يدرك الإنسان إن تيسير
جميع أموره من الله
فتملأ قلبه السكينة والطمأنينة…
ويصبح مقبلا على
الحياة بعين الرضا
سلمت أناملك أيتها المبدعة دوما أستاذه فاطمة ..
سلمت أناملك استاذة فاطمة،، دائماً كتاباتك تجعلنا نشعر بالحدث وكأننا عشناه،،بارك الله فيك.
غربة الروح لا يحسن وصفها الا من عاشها فعلا ..سلمت ياغالية
ربما مررت بنسخة مطابقة او قريبة من واقعك الذي عشتيه ولربما خلصت من تجربتي أن ليس للحياة ألوان إلا في عيون الحالمين الذين يتكئون على مشاعر تسبق تصورهم لحقيقة الحياة ..
كنا جميعا ذلك الشخص الذي يرى الحياة بمنظار ملون …
لتتكشف حقيقة الأمر بمعايشته ..إنها طبيعة المرء نظرته المتفحصة التي يكتسبها من حلبة الوجع ومضمار الغربة شعور منطقي يعاش ولا يكتب ..
من صعيد العتب الى بقعة الغياب رغم الحضور الى حيز الصمت رغم الضجيج جميعها مشاعر لا تفيها الكلمات ولن تصفها المفردات ..شعور لايقال وإن قيل لا يفهم..
كل ذلك النضج اليوم هو نتاج ألم الأمس
ولقد أدركت بعدها إن أبشع مايمر به المرء أن يدفع ثمن رقة روحة صدق شعوره وإنه كان حقيقيا أكثر من اللازم ..
شعور يجعلك في دوامة لا متناهية من الأسئلة والحيرة التي جعلتك تتلوى من فرط الاسى والالم بمفردك ..
حينها ستشعر بالوحدة رغم الاكتضاض حولك والغربة في مجتمعك .
وإن انطوى كل ذلك على بعض الالم فلقد اذهب الالم صدأ القلوب فكل من ذاقوا مرارته استحلو كل مر بعده!!
حتما ستشكر الالم الذي جعلك لا تشبه غيرك ترى الحياة بعدسة الحقيقة
ولأن الدروس لا تعطى بالمجان فلقد دفعت الثمن مقدما لتحصل على ذلك التميز والابداع ..
لاشيء يأتي من فراغ حتى إنك إن تجاوزت مرارته لن تعود حتما كما كنت ..
كيف الشفاء إذا ؟؟
سؤال راودني كثيرا وأدركت اجابته أخيرا ..إذ لاشيء يشفي من ذلك كله الا الزمن !!
نعم لا علاج ولا حقن ولانصيحة..
الوقت فقط كفيل بتشافي الجروح لا الندب ..ستصنع تلك الندبات في روحك منك شخص مختلفا صلبا لا تكسره الحياة سيهديك الالم الادراك والنضج وذلك كله ليس بالأمر السهل لكنه مرٌ مر …وسيمر
كلمات جميلة من صاحبة قلم منساب ينبض بالمشاعر الصادقة التي تعيش بداخلها
تشعر وتستشعر بمواجع الأخرين والمشاكل التي قدتمر بهم وتترجمها عبر هذه المقالات الرائعة دمت ودامت مشاعرك الطيبة أختي فاطمة
كما اعادتنا ا فاطمة مقاله اكثر من رائعة لاشىء يقارن بغربة الروح والجسد عن من تحب وتالف ♥️
كأنك تتحدثين عن المرأة في مصر
عجيب فالريف هو الريف والقرية هي القرية في كل مكان