الأكثر مشاهدة

إعداد_مباركة الزبيدي يتجلى “السيف” كأداة حرب ووسيلة دفاع وعنوان انتص …

السيف.. موروث ثقافي وملهم أدبي

منذ 3 أشهر

225

0

إعداد_مباركة الزبيدي

يتجلى “السيف” كأداة حرب ووسيلة دفاع وعنوان انتصار في مضامين “المفهوم”، ويتجاوز ذلك في متون الأدب حتى يعتلي صرح الحديث ومعنى الأحداث في منظومة جاء فيها عنوانًا للشعر وميدانًا للوصف، حتى بات وجهًا للموروث الثقافي وتحول إلى ملهم أدبي.

يرتبط السيف في معناه الواضح بالشدة والقوة، ويُستخدم على سبيل الاستعارة والتشبيه في الأدب واللغة وأبيات الشعراء، أيضًا في الحكم والأمثال. وشُبّه به كثير من الشخصيات البارزة عبر عصور التاريخ والخلافات والدويلات والدول المختلفة، كما أن هناك من الشعراء من لُقبوا به، أو اقتُبست مسميات قصائدهم من اسمه.

فهذا أبو الطيب المتنبي قد سُمّيت قصائده بـ”السيفيات”، رغم أن السبب أن له قصائد في مدح سيف الدولة الحمداني وإنجازاته، إلا أن إطلاق اللقب “السيفيات” بحد ذاته يعد من الألقاب المتفردة التي اقتبست من اسم السيف بغض النظر عن المقتبس منه، لأنه يوحي بالقوة والرقي والنفوذ. وهنا يشترك الاثنان، السيف كأداة، ولقب وصفات الخليفة.

سيف الدولة هو لقب اشتهر به علي بن أبي الهيجاء بن حمدان الحمداني، المعروف بسيف الدولة الحمداني.

يقول في أبيات ذكر فيها السيف، مبالغًا في وصف الموصوف:

لا السيفُ يفعلُ بي ما أنتِ فاعلةٌ .. ولا لقاءُ عدوي مثلَ لُقياكِ

لو باتَ سهمٌ من الأعداءِ في كَبدي .. ما نالَ منيَ ما نالتهُ عيناكِ

كما أن الشاعر المصري محمود سامي البارودي لُقب كذلك بشاعر السيف والقلم.

ومن أسماء السيف: الحسام، الفيصل، المهند. يقول ابن عمار:

عيرتموني بالنحول وإنما شرف المهند أن ترِقّ شِفارهُ.

الأدباء عبر التاريخ تناولوا السيف كرمز في أعمالهم الأدبية، سواء كان ذلك في القصص أو الروايات أو المقالات، وقد عبروا عن معانٍ متنوعة تتعلق بالقوة والشجاعة والمجد والعدالة.

1.ابن خلدون: في مقدمته الشهيرة، تناول السيف كأداة للحكم والسيطرة، قائلًا: “إن السيف والقلم، كلاهما أساسيان في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي، لكن السيف يحمي القلم، والقلم يسطر مجد السيف.” *(ابن خلدون، المقدمة، دار الفكر، بيروت، 1988).*

2. أحمد شوقي: الأديب والشاعر المصري، تناول السيف في إحدى مسرحياته الشهيرة، “عنترة”، حيث قال: “السيف أبقى على المجد من الورق، والبطولة في يد الفارس لا في يد الكاتب.” *(أحمد شوقي، مسرحية عنترة، دار الهلال، القاهرة، 1929).*

3. جبران خليل جبران: الأديب اللبناني، تناول رمزية السيف في مقالة من مقالاته، حيث قال: “السيف كلمة ناطقة، لا تتكلم إلا في حضرة الشجاعة، ولا تنصت إلا لصوت الحق”. *(جبران خليل جبران، البدائع والطرائف، دار صادر، بيروت، 1914).*

4. طه حسين: الأديب المصري الكبير، في روايته “الفتنة الكبرى”، تناول السيف كأداة للفصل في النزاعات السياسية والدينية، حيث قال: “السيف في يد الجاهل قد يكون لعنة، لكنه في يد الحكيم قد يحقق العدالة”. *(طه حسين، الفتنة الكبرى، دار المعارف، القاهرة، 1947).*

5. نجيب محفوظ: في روايته “ملحمة الحرافيش”، أشار إلى السيف كرمز للقوة والسلطة، قائلًا: “السيف يفرض احترامه حتى على من لا يعرف قيمته، فهو في النهاية أداة لإثبات القوة”. *(نجيب محفوظ، ملحمة الحرافيش، مكتبة مصر، القاهرة، 1977).*

هذه الأمثلة تبين كيف أن الأدباء استخدموا السيف ليس فقط كأداة حرب، بل كرمز متعدد الأبعاد يعبر عن السلطة، القوة، الشجاعة، وأحيانًا العدالة أو الظلم، حسب السياق الأدبي الذي ورد فيه.

ولم يُستخدم في الشعر فقط، بل حتى في الحكم والأمثال مثل: “سبق السيف العذل”. ويقال أن أصل المثل هو أن الحارث بن ظالم ضرب رجلًا فقتله، فعندما أُخبر بعذره قال: سبق السيف العذل. وفي رواية أخرى، أن قائل المثل هو ضبة بن أدّ، لما لامه الناس على قتل قاتل ابنه في الحرم.

و”الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك”، وغيرها الكثير، ما يؤكد أن السيف بالفعل موروث ثقافي وملهم أدبي، بدليل استمرارية وجوده إلى يومنا الحاضر كرمز من رموز الثقافة الوطنية، واستمرارية الاستشهاد بما ورد فيه ذكره من حكم وأمثال وأبيات شعرية ومقولات.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود