مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

وفاء عمر بن صديق* استقبلتُ يومي بحفاوة بالغة على غير المألوف، حاولت إفراغ عقلي م …

هاجس

منذ 4 أيام

52

1

وفاء عمر بن صديق*

استقبلتُ يومي بحفاوة بالغة على غير المألوف، حاولت إفراغ عقلي مما يعتريه من هواجس. أنجزت المطلوب مني في هذا النهار بطريقة آلية، كأنني أعيش في فقاعة هواء تعزلني عن كل ما يدور حولي، فقد سيطر عليّ التفكير فيما يخبئه المساء لي، عدتُ من العمل مسرعة، والأفكار مكتظة في رأسي، والمشاعر محتدمة داخلي. 

ذهبتُ إلى المقهى مبكرًا، اخترتُ مكاني بعناية في انتظار لقائي مع الزمن الجميل. رأيتُ طيفًا أنيقًا  أقبل عليّ من بعيد مناديًا اسمي بصوت مُتْرَع بالذكريات، نهضتُ من مكاني مجيبة: نعم أنا هي.. ردت عليّ مازحة وأنا (نهى). اقتربت مني بلهفة، أثناء احتضانها لي عاودني ذلك الإحساس العتيق، فلطالما كانت (نهى) هي الأقرب إلى قلبي على الرغم من كونها صعبة المراس، ما زالت كما هي، وقد خلا إصبعها من خاتم زواج، على عكسي فأنا ارتديته، لكن تخليت عنه منذ عدة سنوات، واستبدلته بقلادة تحمل صورة ابنتي.. أشرتُ إليها بسخرية ممزوجة بمرارة: افتقدتكِ كثيرًا. جلست (نهى) بجواري وشرعتُ بالتحدث في محاولة مني في نفض ما علق في فؤادي من عتاب، ثم ما لبثت الأحاديث بالانهمار بيننا ريثما تصل (صبا) التي جمعتنا على أثر اتصال تلقيته منها منذ يومين؛ حيث تسلل لأذني صوتها المبحوح الذي ميزته على الفور؛ لتخبرني برجوعها إلى هنا بعد سنين قضتها في بلدها المحموم بالنزاعات المدوية.

قطع حديثنا وقع حذاء بكعب عالٍ  يقترب منا، إنها (صبا) لوحت لنا بيدها و أقبلت علينا بشعرها البني الأجعد. كانت تحاول دومًا عقد صلح مع الحياة، لكن هذه المرة كان الحزن يغمرها رغم محاولاتها المستميتة في إخفائه.
أخيرًا اجتمعنا نحن الثلاثة على الطاولة نفسها بعد عشرين عامًا من الفراق، تفحصنا بعضنا بعضًا، تشابكت أيدينا وأجهشنا بالبكاء.
عند انتهاء اللقاء رجعنا إلى عوالمنا وكل واحدة منا تحمل قلبًا غضًّا بين جنباتها، وأنا عدتُ إلى فراشي، تأملتُ الجدران، وضبطت المنبه على موعد الطبيب غدًا؛ لاستلام نتيجة الخزعة


*كاتبة من اليمن 

التعليقات

  1. يقول مشاعل:

    رائعة مليئة بالمشاعر الواقعية، أحببت العنوان ومختار بعناية ويعبر عن القصة بدقة وتمايز🌹🌹

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود