20
010
0103
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11784
04713
04364
174302
03998
0(قراءة في حياة وأشعار “آن سكستون”)
محمد محمد السنباطي
سيطرت فكرة الانتحار على الشاعرة الأمريكية “آن سكستون” وداومت على مراودتها. وبالفعل قامت بعدة محاولاتٍ لإنهاء حياتها، وتبادلتها المَصَحَّات وأيادي الأطباء. كانت على يقين أن والديها قديمًا لم يكونا يرغبان في إنجابها، وأنها أتت إلى العالم على كره منهما. كانت قد رأت النور في 9 نوفمبر 1928م، وحملت اسم آن جراي هارفي، وفي سن الثالثة عشرة أصيبت عمتها بمرض عقلي، بينما حاولت “آن” كتابة بعض الأشعار، لكن أمها اتهمتها بأن تلك القصائد ليست من تأليفها! وها هي في سن التاسعة عشرة تعمل عارضة أزياء ومتفتحة للحب مع صديقها ألفريد مولر سكستون، وقررا الزواج رغم أنف ولاية ماساتشوستس التي لا تسمح بذلك لمن دون العشرين. هرب العاشقان إلى ولاية نورث كارولينا وتزوجا وأنجبا ابنتهما الأولى، وبدلًا من أن تبتسم الحياة للأم الصغيرة، إذا بها تقع فريسة ما يطلق عليه علماء النفس اكتئاب ما بعد الولادة.
تفاقمت أعراض ذلك الاضطراب ثنائي القطب بعد ولادتها الثانية.. أعراض سوداوية مضاعفة. وكان الزوجان كثيرًا ما يتشاجران حيث كان الشرب عادة يومية. ما عادت الأم الشابة قادرة على رعاية طفليها، فاتفق على إبعادهما عنها فاحتضنتهما أمُّ الزوج على أمل أن تبرأ أمهما من عملتها، لكن الأعراض تتفاقم وإذا بالأم الشابة تقدم على الانتحار.
جاء في قصيدتها انسجام مع الملائكة في عام 1962:
“لقد سئمت من أن أكون امرأة
تعبت من الملاعق والأواني
تعبت من فمي وثديي
تعبت من مستحضرات التجميل والحرير”
وبينما كان الدكتور مارتن يعالجها ويتحدث إليها بحنان الأطباء ليسبر أغوارها، اكتشف داخلها شاعرة مختبئة في العمق، فضحك وناداها لترد عليه وهي في الأغوار السحيقة.
– ما رأيك في الانضمام إلى ورشة تتعلمين فيها الشعر وتتدربين؟ أرى داخلك شاعرة مختبئة! من يدري؟ ربما يكون العلاج بالشعر أكثر نجاعة! وربما لا يقتصر الأمر على العلاج فتصبحين شاعرة مرموقة!
وقد كان! لا أعني العلاج، إنما الشاعرة المرموقة!
انظر كيف عبرت آن عن حالتها في قصيدة بعنوان اللمسة The Touch:
“لعدة أشهر ويدي محبوسة داخل علبة صفيح
لا شيء هنالك سوى درابزين مترو الأنفاق
ربما كانت مصابة بكدمات، فكرت
وهذا هو سبب حبسهم لها
بإمكانك أن تعرف الوقت عن طريقها كما أظن،
هي مثل ساعة الحائط بمفاصلها الخمسة
وشرايينها الرقيقة تحت الأرضية
تكمن هنالك كامرأة فاقدة للوعي
تغذيها أنابيب لا تعرف عنها شيئًا”.
اهتمت “آن” بالشعر وصار زوجها يذهب إلى السوق لشراء حاجيات المنزل، بل ويقوم بشؤون المطبخ وإعداد الطعام. كان لا يحب الشعر ويحب إرضاء زوجته في كثير من الأحيان. ولقد نجح الشعر في الحيلولة بينها وبين الانتحار خلال ثمانية عشر عامًا كانت تحاول وهو يمنع ويعصم. ثمانية عشر عامًا من الإبداع، حيث صار للشاعرة صوت مميز وأسلوب اعترافي غير مسبوق. وفازت بجائزة بوليتزر للشعر في عام 1967م وأصدرت مجموعات شعرية وقامت بالتدريس كأستاذة لعدة سنوات في جامعة بوسطن، لكنها مدمنة تخلط الكحول بالدواء الذي تتجرعه!
تعاونت مع فرقة موسيقى الجاز وصاروا يتغنون بأشعارها في ألحانه، كما أنتِجَت لها إحدى المسرحيات.. وذات يوم ثارت على زوجها وطلقته! وراجعت نفسها وحاولت استعادته، وبعد عام من الطلاق غافلت “آن سكستون” الشعر ونجحت في الانتحار. كان ذلك يوم 4 أكتوبر 1974م وفيه التقت ببعض أصدقائها المقربين ثم عادت إلى منزلها فصنعت كوكتيل المارتيني من الجن والفرموت الأبيض واستخرجت من الصوان معطف أمها الفرو، فقامت بارتدائه وفي رأسها تصميم على شيء ثقيل، ونزلت إلى المرآب، وها هي في سيارتها أدارت المحرك وتسممت بأول أوكسيد الكربون.
انتهت معاناتها الجسدية والنفسية وبقيت آثارها الشعرية نابضة بمكنون الألم الذي عاشته، والدموع الداخلية التي سفحتها وعظمة الإنسان الرابض داخلها. كانت تأخذ من حياتها ومعاناتها وتبني صرحًا من الشعر يدوم على مر العصور.
وهذه بعض أشعارها النابضة فيها حياتها الصعبة:
قصيدة: الحقيقة التي يعرفها الموتى The Truth The Dead Know
كتبتها بعد وفاة والديها تصف حالتها ومشاعرها الغريبة، فقد حضرت الجنازة في الكنيسة، لكنها تكتفي بذلك.. وتبدأها بالإهداء:
[لأمي، من مواليد مارس 1902، والمتوفاة في مارس 1959.
ولأبي، من مواليد فبراير 1900، والمتوفى في يونيو 1959]
ثم يأتي المقطع الأول:
“لقد رحل، أقول وأمشي من الكنيسة،
رافضة الموكب القاسي إلى القبر،
تاركة الميت راكبًا العربة وحيدًا..
وهذا يونيو.. لقد سئمت من أن أكون شُجَاعة”.
نلاحظ رفض الشاعرة لفكرة مراسيم الدفن والعزاء. لقد رحل! من الذي رحل؟ الميت.. ومن هو؟ الأب أو الأم، والدليل على ذلك هو الإهداء إليهما.. تقول رحل وتغادر الكنيسة.. تود العودة لبيتها أو الانطلاق على حريتها، رافضة مصاحبة الميت إلى القبر.. الموكب مرفوض.. الميت في العربة.. لا أريد أن أكون شجاعة ولا مخلصة.
ثم في المقطع الثاني تتذكر الرحلة إلى الكيب، وحمامات الشمس على شط البحر المتأرجح كالبوابة الحديدية.. لكن الشيء المهم لديها هو التلامس مع من تحب.
“نحن نقود إلى الكيب.. أنا أزرع نفسي
حيث تنهمر الشمس من السماء،
حيث يتأرجح البحر كبوابة حديدية
ونتلامس.. في بلد آخر يموت الناس”.
ثم تنتقل بنا إلى المقطع الثالث، حيث الاحتفاء بالتلامس لا يزال في أوجه.. التلامس بالكامل.
“حبيبي، تسقط الرياح كالحجارة
من الماء أبيض القلب، وعندما نتلامس
ندخل اللمس بالكامل.. لا أحد وحيد..
الرجال يقتلون من أجل هذا، أو لهذا الحد”.
وفي المقطع الأخير تتساءل عن حال الموتى وهي تعلم حالهم: إنهم مضطجعون حفاة كأنهم الحجارة.. كل أعضائهم تحجرت.. لقد شطبوا من قائمة الحياة!
“وماذا عن الموتى؟ يضطجعون دون حذاء
في قواربهم الحجرية.. هم أشبه بالحجر
مما سيكون عليه البحر إذا توقف.. تأبى حناجرهم وعيونهم ومفاصلهم أن يكونوا مباركين”.
فإذا ما انتقلنا إلى قصيدة أخرى، ولتكن “الموسيقى تَسبَح عائدة إليَّ” Music Swims Back To Me
علينا ألا ننخدع بنعومة العنوان، ولنقرأ بتعمق:
“لحظة أيها السيد، أي الطرق تفضي إلى البيت؟
لقد أطفأوا الأنوار، والظلام يسود الأركان
وليس ثمة إشارات مرور في الغرفة.
أربع سيدات، فوق الثمانين،
كل منهن لها حفاضتها.
لاي لاي لا، أوه! الموسيقى تَسبَح عائدة إليَّ
وبمقدوري الشعور بالنغمة التي عزفوها
ليلة تركوني
في هذه المصحة التي فوق تل
تخيل معي.. مذياع يصرخ
وكل الموجودين مجنونون..
راقني الأمر ورقصت في دائرة..
الموسيقى تُصب فوق الحواس..
وبطريقة مضحكة
ترى الموسيقى أكثر مني..
أعني أنها تتذكر أفضل..
تتذكر ليلتي الأولى هنا..
كان برد نوفمبر الخانق،
حتى النجوم كانت مسمرة بالسماء
وهذا القمر بالغ السطوع
يحشر وجهه بين القضبان
ليطعنني بدندنة في رأسي..
ونسيت كل ما خلا ذلك..
في الثامنة صباحًا ثبتوني بذاك الكرسي..
وليس ثمة علامات تدلني على الطريق..
فقط الراديو يضرب نفسه
والأغنية التي تتذكر
أكثر مني: أوه لاي لاي لا
هذه الموسيقى تَسبَح عائدة إليَّ..
في الليلة التي جئت فيها رقصت في دائرة
ولم أكن خائفة..
أيها السيد…”.
لنقرأ بتعمق! فالشاعرة هنا في المصحة.. وفي الوقت الذي فيه تسبح الموسيقى باتجاهها يكون الظلام سائدًا والصور مفقودة.. وثمة عجائز في الحفاضات من المؤكد يشتكين من شيء. وتتذكر أنهم قيدوها بحبل في الكرسي.. تأصيل َكق٤لكن النغمة الأخيرة التي سمعتها ليلة أحضروها إلى تلك المصحة لا تزال تعوم طافية وتقصد العودة إليها. الموسيقى تستطيع أن ترى ما لا تراه المريضة.. وتتذكر ما نسيته. وتعلن تمردها فهي ليست خائفة من شيء، أيها السيد صاحب المصحة.. حتى الموت هي لا ترهبه.
ننتقل الآن إلى قصيدتها “ثلاث نوافذ خضر” Three Green Windows
وأنا نصف واعية، بقيلولة الأحد
أرى نوافذَ ثلاثًا خُضرَ
في أضواءٍ ثلاثةٍ مختلفةٍ
غربي، وجنوبي وشرقي
وكنت قد نسيت أن أصدقائي القدامى ميتون..
ونسيت أنني أنمو في منتصف العمر..
ثمة حشدٌ من خشخشاتٍ لدى كل نافذة!
الأشجار تثابر، مختمرة وحسِّيِّة،
مكتظة كالقديسين..
أرى ثلاثة مزاريب رطبة مغطاة بالطيور..
تتألق بشرتهم في الشمس كجلد مدبوغ..
أنا في سريري خفيفة كإسفنجة..
قريبًا سيهلُّ الصيف..
وتلك أمي..
ستحكي لي قصة وتبقيني نائمة..
على جسدها البدين الفاكهي
أرى أوراق الشجر
أوراقًا مغسولة وبريئة
أوراقًا لا تعرف أبدًا قبوًا
ولدت في دمها الأخضر
مثل أيدي حوريات البحر
أنا لا أفكر في العربة الصدئة التي في الممشى..
ولا أعطي أي اهتمام للسناجب الحمر
تلك التي تقفز كالماكينات بجانب المنزل..
لا أتذكر جذوع الأشجار الحقيقية
التي تقف تحت النوافذ
ضخمة مثل الخرشوف..
أستدير كعملاق،
في السر أراقب وفي السر أعرف،
وفي السر أسمي كلَّ بحر أنيق..
لقد وضعت في غير محله حزام فان ألين،
غدران الماء والصرف،
الإعمار المدني ومراكز الضواحي..
لقد نسيت أسماء النقاد الأدبيين..
أعرف أنني أعرف..
أنا الطفلة التي كنتها..
أعيش الحياة التي كانت لي..
أنا شابة ونصف نائمة..
وهذا وقت الماء، وقت الشجر…
في هذه القصيدة تهب على الشاعرة من ماضيها السحيق، صورة لنوافذ خضر تنطلق منها أضواء مختلفة.. الشاعرة بين النوم واليقظة في قيلولتها.. هي في سريرها خفيفة كإسفنجة.. هي في شيخوختها لكنها تتمسك بأهداب منتصف عمرها.. النوافذ بهيجة الألوان وعنها تصدر أصوات كالشخشخات يمكنها سماعها.. هي بالفعل عجوز لكنها تزعم لنفسها أنها في منتصف العمر، ثم تؤكد أنها بعد طفلة صغيرة تنتظر مجيء أمها لتحكي لها حكاية ما قبل النوم.. الأم بدينة كشجرة فاكهة أوراقها خضر وبريئة. أوراقها ولدت في دمها الأخضر. هو دم أصلي تمامًا كدم النوافذ الخضر! الشاعرة الآن طفلة وشابة ونصف نائمة، وهذا وقت الماء واهب الحياة للشجر وللإنسان.
وأخيرًا، هذه واحدة من دررها المفعمة بروح إنساني خالص:
تحذيرات لرجل ذي خصوصية وتفرد
احذر من السلطة
لأن انهيارها الجليدي يمكن أن يدفنك
جليد جليد جليد يخنق جبلك.
**
احترس من الكراهية
فقد تفتح فمها وتطير أنت خارجًا
فتنهش ساقك كالجزام الفوري
**
احترس من الأصدقاء
لأنك عندما تخونهم
وستفعل
سيدفنون رؤوسهم في المرحاض
وسينقذفون بعيدًا
**
احترس من الفكر
فهو يعرف الكثير.. يعرف لا شيء
ويتركك معلقًا من قدميك
تتلفظ المعرفة
إذ يسّاقط قلبك من فمك
**
احترس من التمثيليات، مما يفعل الممثل
من الخطاب المملَى عليه، المعروف، المعطى له،
لأنهم سوف يسلمونك
فتقف مثل طفل صغير عارٍ
تتبول في سريرك!
**
احترس من الحب
(إذا لم يكن حقيقيًّا
وكل شلو فيك يقول لك نعم، بما في ذلك أصابع قدميك)
فسيغلفك كأنك مومياء
فلا أحد سيسمع صراخك
ولا جري لك سينتهي بنهاية.
**
الحب؟ امرأة كان أم كان رجلًا
فعليه أن يكون موجة ترغب أن تنزلق عليها،
أعطه جسدك.. أعطه ضحكتك
أعطِ، وعندما يأخذك الرمل الحصبائي إليه
أترب دموعك إلى الأرض
إن حبك للآخر
مثل الصلاة لا نخطط لها.. ستسقط
بين ذراعيه.. لأن إيمانك يبطل كفرانك.
**
يا الشخص المميز
إذا ما كنت مكانك ما أعطيت أدنى اهتمام
لتحذيرات مني
بعضها من كلماتك والآخر من كلماتي!
مختلطة
أنا لا أصدق شيئًا مما قلتُ
إلا قليلًا
ما عدا أنني أفكر فيك كشجرة صغيرة
متلاصقة الأوراق، وأن جذورك ستمتد
والشيء الأخضر الحقيقي سيأتي.
**
دعها، دعها
أيها الشخص المميز
تلك الأوراق المحتملة
هذه الآلة الكاتبة تحبك وأنت في الطريق إليهم
لكنها تريد كسر زجاج البلور
في الاحتفال
من أجلك
عندما يتم التخلص من القشرة الداكنة
وتطفو أنت في كل الأماكن
كبالون عارض!
Admonitions To a Special Person
Watch out for power
for its avalanche can bury you
snow, snow, snow, smothering your mountain
Watch out for hate
it can open its mouth, and you’ll fling yourself out
to eat off your leg, an instant leper
Watch out for friends
because when you betray them
as you will
they will bury their heads in the toilet
and flush themselves away
Watch out for intellect
because it knows so much it knows nothing
and leaves you hanging upside down
mouthing knowledge as your heart
falls out of your mouth
Watch out for games, the actor’s part
the speech planned, known, given
for they will give you away
and you will stand like a naked little boy
pissing on your own childbed
Watch out for love
(Unless it is true
and every part of you says yes including the toes)
it will wrap you up like a mummy
and your scream won’t be heard
and none of your running will end
Love? Be it man. Be it woman
It must be a wave you want to glide in on
give your body to it, give your laugh to it
give, when the gravelly sand takes you
your tears to the land. To love another is something
like prayer and can’t be planned, you just fall
into its arms because your belief undoes your disbelief
Special person
if I were you, I’d pay no attention
to admonitions from me
made somewhat out of your words
and somewhat out of mine
A collaboration
I do not believe a word I have said
except some, except I think of you like a young tree
with pasted-on leaves and know you’ll root
and the real green thing will come.
Let go. Let go
Oh special person
possible leaves
this typewriter likes you on the way to them
but wants to break crystal glasses
in celebration
for you
when the dark crust is thrown off
and you float all around
like a happened balloon
التعليقات