الأكثر مشاهدة

السعيد عبد العاطي مبارك * ‎الحديث عن فنون الأدب وأجناسه ذو شجون، فهو نتاج العقل …

تداعيات الأسطورة والرمز في النص الأدبي

منذ شهر واحد

195

0
السعيد عبد العاطي مبارك *

الحديث عن فنون الأدب وأجناسه ذو شجون، فهو نتاج العقل والمشاعر التي تميزه بين ظلال الحياة، وبعد عدة مقالات عن مفهوم الأدب وماهية الشعر ومدارسه ومذاهبه الفنية وعصوره وألوان من اتجاهاته وتطوراته وفصول من نقده وتذوقه، نتوقف في هذا المقال مع (الأسطورة الرمز) حول أدبنا العربي،  منذ عهدي بالجامعة فقد درست الأسطورة في الشعر العربي لأستاذنا الراحل د. أنس داود، وهو شاعر جزل وأكاديمي مصري من محافظتنا كفر الشيخ وقدمت دراسات عنه منذ سنوات في بعض الصحف.. وكتاب الأدب المقارن، دراسة تطبيقية للدكتور داود سلوم عراقي٠

‎وهذان الكتابان لهما الأثر الكبير في فهمي للأسطورة والرمز فيما بعد، أضف إلى ذلك الدراسات الأدبية بأنواعها للعلامة د٠ شوقي ضيف.. فقد ربت فينا معنى التذوق الأدبي والنقد الفني بكل مقاييسه ومعاييره. 

‎وهذا المقال ربما ثمرة ومدخل لهذا الموضوع الشائك مع خط سير الأدب٠

ومن ثم أرى أن (الرمز الأسطوري) له ودلالاته، بل يعد أحد أوجه ومرايا لغة الشعر بسائر مفرداتها التي تترجم لنا الإحساس المتشابك بالأسطورة والرمز، في المعطيات التي ينطلق منها المبدع المرسل إلى فضاءات المتلقي عبر المنافذ اللغوية التي تصور لنا تعبير وخيالًا داخل الإيقاع الجمالي بأدواته المتعارف عليها، وهي لغة الشعر في تطور.

‎ومن ثم نراه يقوم على أساس رؤية جمالية محورية ينسج من خلالها الأديب والشاعر ولكل مبدع وشاعر رموزه الأسطورية، التي يوظفها للوصول إلى ماهية رؤيته الشعرية بين الفن والحياة بعناصرها الموروثة، تجربة إسقاطية لتجسيد الواقع ودمجه مع الخيال في ثنائية تختصر المشهد بكل ظلاله وخصائصه بدوافع عدة٠

‎كما تساهم الأسطورة بمفهومها في إطار تجربتها الذاتية، في بناء العمل الأدبي والقصيدة، لما لها من قيم جمالية ودلالية. 

‎فالأسطورة: تراث الحضارات السابقة وشيء من تاريخهم يحمل تجاربهم ورؤيتهم للحياة وخبراتهم واعتقاداتهم وأحلامهم. وبذلك فإن إقبال الأديب والشاعر عليها هو إعادة قراءة للتاريخ من منظور الواقع.. ومعالجة الواقع استعانة بأحداث تاريخه بأسلوب فني جمالي إيحائي.

‎إذ ليس توظيف الأسطورة في العمل الأدبي والفني إضافة ثانوية هامشية، بل محورية جوهرية لها الصدارة في البناء مع الخصائص الفنية؛ كي تكون ركنًا أساسيًا متناسقًا مع عناصرها وفي العملية الأدبية بكل أطيافها. 

‎بمثابة الخلايا الحية النابضة، بل روح الإنتاج نفسه كما أتصوره لتلك الصورة في تلاحم يبدو كوحدة الأعضاء لغةً وتعبيرًا٠

‎فالرمز يسهل لنا القراءة والفهم مع الأشكال والإشارات التي ترشدنا إلى الخطوط العريضة لمحتوى النص.

‎– تعريف الأسطورة:

‎”إن الأسطورة هي حكاية مقدسة ذات مضمون عميق يشف عن معاني ذات صلة بالكون والوجود وحياة الإنسان”.

‎وعناصر السرد كما في مفهوم القصة أيضًا (المكان الزمان -وإن كانا مجهولين- الشخصيات، الحبكة، والعقدة، والحل).

‎وقد تتداخل الأسطورة مع الخرافة والقصص التراثية مجهولة المؤلف التي يتبادلها العجائز ويروونها للأحفاد لغاية سامية.. تارة تفتقد شيئًا من الوضوح، وربما تشبه بعض الخرافات الأساطير في الشكل والمضمون إلى حد يثير الدهشة والاستغراب والالتباس والحيرة، فلا نستطيع الفصل والتمييز بينهما إلا بأسلوب الدقة المتعارف عليه من موروث ثقافي.. قد أنتجته لنا من تناول شخصياتها عادة من الآلهة أو أنصافها٠

‎بل تكون بديل العلم في السابق، لتعكس لنا الأحداث والأفكار والخرافة والحكايات الشعبية. 

‎- مع التوظيف الفني للأسطورة:

‎جميع الكُتَّاب والمبدعين يستخدمون الرموز والإشارات الأسطورية في إبداعاتهم لغاية نبيلة ولكشف الظواهر الذاتية والفنية، وسنسردها هنا في باطن المقال٠

‎والأديب والشاعر المبدع في عمله الفني يركز داخل نصه على استخدام (الرموز) المختلفة والأساطير؛ كي يغوص في ثنائية (النفس والكون) معًا.. بغية الهروب من الواقع ورسم لوحته الأدبية في تناغم جميل مشوق للنظر والتأمل في جانب آخر مثل أسرار التورية في تحريك وتحرير العقل٠

‎فيطرح تجربته بصدق وبكل عناصرها الحقيقية دون أن يقدم تفسيرها؛ كي تظل في وادي الغموض وتحتاج من المتلقي التنقيب والكشف عنها في نظرة شمولية. 

‎* الفرق بين الرمز والأسطورة:

‎- الأسطورة: ظاهرة اجتماعية ونتاج طبيعي لصراع النفس البشرية ومحاولة لفهم الظواهر الكونية٠

‎- الرمز: ما هو إلا ابتداع لشيء لم يكن موجودًا سابقًا، أسهمت في وجوده القدرات الذهنية للإنسان ومنها الخيال والقدرات النفسية، فيستخدم في سياق لغوي ليثير الفضول والإقبال.

‎ومن ثم نستعمل القصة والحدث الأسطوري والشخصيات، بدمجها في النص داخل لوحة ذات قيم جمالية إشراقية المدلول بين ثنائية الواقع والخيال وروح الأصالة والمعاصرة٠

‎ويبقى لنا بعد هذا المدخل أن ننوه إجمالًا وتصريحًا إلى أنواع الرمز في الأدب والشعر: (الرمز الديني والرمز التاريخي والأسطوري والصوفي وغيره).. كل حسب مفهومه ودلالته التي نستلهمها من الموروث الاجتماعي تفاعلًا داخل رحلة الزمان والمكان.. مثل أسطورة حورس  أيزيس وأوزوريس  وأفروديتي وهرقل وتموز وجلجامش وعشتار وألف ليلة وليلة وشهرزاد وعلي بابا والأربعين حرامي وجحا وأشعب والغول‎٠٠ إلى آخره٠

‎ويلجأ إلى الأسطورة للتعبير عن عواطفه الجامحة وعوالمه الداخلية ،في معادلة التكثيف لرصد تلك الظاهرة والحركة مع متغيرات الحياة.. وشيوع أسطورة: الناقة والفرس والثور الوحشي؛ لذا نحتاج إلى معرفة زوايا الغموض في بناء النص٠

والرمز يحرك العقل والعاطفة بإيحاءات وهروب من سلطة أو تقاليد المجتمع، في براح بلا حدود خارج المسار المحدد بظلال تتمسك بالتقيد والتقليد، في حالة جمود تفرضه على المبدع شكلًا ومضمونًا وكمًّا وكيفًا ماديًا ومعنويًا وإيجابًا وسلبًا في تضادية متباينة.

*باحث مصري

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود