الأكثر مشاهدة

إعداد_أمينة فلاته الخط العربي علم عريق من علوم اللغة العربية  تباهت به الأمم، وت …

الخط العربي.. حضور على استحياء وغياب رغم العطاء

منذ شهر واحد

406

1

إعداد_أمينة فلاته

الخط العربي علم عريق من علوم اللغة العربية  تباهت به الأمم، وتجلت فنونه كأسس وأصول وأركان للتنوير الفكري من حيث الأصالة والعراقة والاتجاهات الحرفية، لصناعة الخطوط المختلفة التي ظلت سامقة على الرايات وجلية على بوابات التاريخ وحاضرة في التراث اللغوي وساطعة في اتجاهات الإرث الفكري، وبعد موجات التغير التقني تراجعت قيمة الخط العربي من خلال تجاهل الاحتفاء الحقيقي به، وغاب عن مناهج التعليم وتوارى خلف هيمنة الألواح الرقمية والكتابة الجاهزة، وتراجع بعد الاستغناء الكبير عن الورق في ظل مقاومة وصمود من أهل الحرفة والقائمين على بعض الفعاليات والمهتمين بشؤون اللغة؛ ما جعله في حالة الحضور المؤقت والغياب الأغلب عن ساحات الاهتمام.

فرقد رصدت القضية من جوانب متعددة مع ذوي الاختصاص وفق المحاور، المطروحة:

– ما أهمية الخط العربي في الحفاظ على هوية اللغة.. وما مدى تأثير التقنية على تراجع تلك الأهمية؟

– ما الأسباب وراء تراجع الاحتفاء بالخط العربي وتغيبه عن الفعاليات الثقافية.. وما تداعيات ذلك على الإنتاج؟

– ما الخطط والحلول الكفيلة بالمحافظة على الخط العربي.. وما دور الجهات الثقافية حيال ذلك؟

*الخط العربي معنى وتاريخ وحضارة

تفتتح حوارنا الدكتورة نسرين التركي، خطاطة  وباحثة في علم الجمال، بقولها: 

ابتكر الإنسان الأول (الخط) كوسيلة للتواصل بينه وبين الأجيال القادمة من بعده، ثم تطورت تقنيات الخط، لتصبح وسيلة للتواصل بين الناس للمسافات البعيدة عبر الرسائل والخطابات. 

فهو بالأساس وسيلة تواصل، وقد طورها الإنسان عبر العصور، فجمّلها بمشاعره وأحاسيسه وفكره وفنه وثقافته وهويته، تطور الخط خاصة الخط العربي، ليصبح رسالة إنسانية تحمل أكثر من مجرد الحروف والكلمات، بل معاني وتاريخ وحضارة. 

لذا يعتبر فن الخط العربي أحد أهم الفنون الأصيلة التي تعبر عن ثقافة الشعوب وحضارتها.

وظهور التقنيات المعاصرة لا تلغي أبدًا تلك الأهمية، وفي الحقيقة هي لا تؤثر عليها، بل نحتاجها كخطاطين لتطوير الخط العربي وآليات تنفيذه وتعلمه، ويبقى الأساس هو الكتابة بالقلم لما له من فوائد عقلية ونفسية وصحية.

توالت الجهود في تكثيف الفعاليات الفنية بالخط العربي، فتكاد لا تمر مناسبة وطنية أو ثقافية إلا ونجد فيها لمحات للخط العربي، سواء بالرمزية في التصاميم أو بالمشاركة المباشرة التفاعلية.

ويسرنا النمو الثقافي والوعي بجماليات الخط العربي، الذي نشهده بين الناس ونتلمس فيه حبهم وإعجابهم بهذا الفن الأصيل.

وتبقى توصياتنا بالتحسين والتطوير في آليات تعلم الخط العربي وتعليم قواعده في المدارس لدى الأطفال منذ الصغر؛ لما لذلك من أهمية لا تخفى للمهتمين، ونأمل أن نجد مشاريع قوية ممنهجة في هذا الموضوع.

لا تتم المحافظة على أصول هذا الفن إلا بنشره وتعلمه للأجيال القادمة، ويبدأ ذلك بتعليمه للصغار خاصة بكيفية استخدام القلم بطريقة صحيحة، وكما قيل في الحِكَم: (التعلم في الصغر كالنقش على الحجر). 

كما أشيد بضرورة نشر الوعي  بفنون الخط العربي ولوحاته الخالدة وأعمال المتميزين في هذا الخط، لتغذية البصر بهذا الفن وإحياء تواجده في ساحات العلوم دائمًا.

ولدينا مراكز حكومية مختصة تبنت الكثير من البرامج لخدمة الخط العربي؛ على سبيل المثال مركز الملك سلمان للخط العربي في المدينة المنورة.

*التقنية عامل مساعد وليس ملغياً 

ويشيد الخطاط سعود خان بتاريخ هذا الفن العريق ودوره في تعزيز هويتنا اللغوية بقوله : للخط العربي أهمية كبيرة في الحفاظ على هوية اللغة..
وهو من أقدم الحرف والفنون التي عرفها الإنسان، حيث كتب به المصحف.. وتطور خلال السنين، كما ظهرت له أشكال متنوعة تعكس جماله.. فهو العنصر الأساسي في الحفاظ على لغتنا العربية الجميلة. أما التقنية الحديثة فهي عامل من العوامل المساعدة في إخراج الأعمال وتنسيقها، ولا تلغي دور الخطاط في إبراز إبداعاته الفنية في الخط العربي.
لكن نلاحظ تراجع الاحتفاء بالخط العربي؛ لأسباب عدة منها: عدم تواجده في المدارس والجامعات، وعدم نشر ثقافه الخط ومفهومها في نهضة الأمم من الحفاظ على تراثها العريق.
وبفضل الله حاليا؛ هناك اهتمام كبير في بلدنا الحبيبة بإحياء ثقافة الاهتمام بالخط العربي، والحث على تعلمه، حيث أقيمت برامج عدة تواكب “عام الخط العربي”، كما تم إنشاء مركز الأمير محمد بن سلمان للخط العربي بالمدينة المنورة.
أيضًا هناك عدد من الخطط والحلول الكفيلة بالمحافظة على الخط العربي من خلال دور الجهات الثقافية، ووزارة الثقافة.. مثلًا تنفيذ برامج عديد على مدار العام تندرج تحت مسمى ورش عمل، ودورات تدريبية ومسابقات وملتقيات ومحاضرات وغيرها من الأنشطة؛ لإحياء هذا الفن وتعلم الخط العربي، حيث يصبح مشاهدًا من قبل الجميع ويحقق انتشارًا في كل المناسبات ويتم استغلاله في جميع الأنشطة.

 

*الخط واللغة وجهان لعملة واحدة

وتؤكد الخطاطة عائشة بالي على صمود الخط العربي في وجه ثورة التقنية، بقولها:            

اللغة العربية تنطق وتكتب، والخط العربي هو الذاكرة المستدامة للغة العربية بكل الأزمان. 

الخط يبقى زمان بعد كاتبه.. وكاتب الخط تحت الأرض مدفون. 

الخط الجميل يكون حافزًا قويًّا  للاحتفاظ بالكتابات تزين المجالس العربية بأعمال خطية لجمالها سواء من الناحية الفنية أو اللغوية، الخط واللغة العربية وجهان لعملة واحدة منسجمان بتناغم. 

والخط العربي الكلاسيكي الأصيل يحتاج جهدًا ودقة عالية للتعليم والاستمرار بالإنتاج وتنفيذ الأعمال، ومع تطور العلم أصبح من السهل الاستعانة بخطوط الحاسب الآلي للتصميم وإخراج التصاميم المختلفة. 

وتنوعت بشكل واسع والتطور جميل جدًا يواكب العصر بالسرعة، بالمقابل أنا شخصيًّا الفترة الماضية عندي انتكاسة بالخط بسبب إحساسي بأنه جهد مهدر ممكن نكتب للاستمتاع فقط، هواية.

في بعض الدول الخط مهنه وحرفة، عمل إلزامي مستمر، مع الاستمرار يتطور الخط حسب الاحتياج.

تكديس أعمال الخط دون الاستفادة منها يعطي رد فعل عكسي بالتراجع عن الاستمرار بمزاولة الخط.

الخط العربي يجب أن يكون منهجًا دراسيًّا وعلمًا قائمًا بذاته. 

المعلمون للخط العربي يكونون خطاطين عندهم علم بأدق التفاصيل، في بعض الدول العربية الخط العربي يدرس بالجامعات بتخصص منفرد، بالتالي يكون في ازدهار بالخط، بالعلم المجتمع يعرف ويقدر جمال الخط العربي الحقيقي وليس المطبوع بتكرار.

 

*للخط العربي قيمته الفكرية والتشكيلية 

وتوضح الخطاطة وفاء المحمدي دبلوم في الخط العربي وعضوة في فريق صناعة المدربين cmp أهمية الخط في إبراز كينونتنا الثقافية، بقولها:

بدايةً تظهر أهميّة الخط العربيّ من أمرين: الأول أنّه يعبّر عن لغتنا ويظل مستمرًا ما دامت الكتابة باللغة العربية، حاملًا معه ثقافتنا وتراثنا وكينونتنا الثقافية والمعرفية إلى العالم، الأمر الثاني هو جمال هذا الفن الذي جعله محطّ إعجاب عالمي، هذا فضلًا عن كونه قد أسهم في الحضارات الإنسانيّة إسهامًا جميلًا، لذلك فإنّ تدريسه وإقامة معارض له ودخوله في المسابقات والمهرجانات عنصر أصيل لقيمته التشكيلية والفكرية، هو عمل نبيل يجب أن يستمر ويتم تناقله بحب واهتمام بين الأجيال؛ أما عن تأثير التقنية، فأنا سأتحدث عن الإيجابية، بذلك ساهمت التقنية والتكنولوجيا بتعلم الخط العربي عن بعد وتعزيز أفكار الخطاطين وهناك معارض افتراضية  تجمع محبي فن الخط من جميع دول العالم، ومن أجمل المبادرات كانت مبادرة عام الخط العربي، هي مبادرة أطلقتها وزارة الثقافة السعودية عام 1442هـ/2020م، اهتمت كثيرًا بالاحتفاء بالخط العربي ونشر ثقافة وبرز خلالها الاهتمام بالخط العربي وأصبح محط اهتمام المجتمع والفرد، وعزز رغبتهم في دراسته والاطلاع على ثقافته؛ كذلك برزت جهود دارة الملك عبدالعزيز في برنامج خطِّيٍّ تعريف الخطاطين في المملكة العربية السعودية بطريقة كتابة المصحف الشريف وضوابطه والسنة النبوية، وذلك ضمن مشاركتها الفاعلة في مناسبة “عام الخط العربي” تحت اسم “ملتقى خط الوحيين الشريفين”، الذي سيجتمع فيه معظم الخطاطين والخطاطات في المملكة العربية السعودية لكتابة المصحف الشريف والسنة النبوية، ليقوم كل مشارك بكتابة جزءٍ من القرآن الكريم وأحاديث نبويةٍ مباركة، وقد تم تكرار البرنامج لمدة ثلاث أعوام إلى الآن كل نسخة مكملة للتي قبلها، وتطور مستوى الخط العربي بالمملكة وتنمي روح المنافسة الشريفة، لتعلم هذا الخط ونيل شرف المشاركة بكتابة القرآن الكريم.

 ثم برزت جهود (مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي) للخط العربي بالمدينة المنورة، يواصل أعماله المتنوّعة التي يهدف من خلالها إلى تحويل المركز إلى منصةٍ عالمية لخدمة الخط العربي بوصفهِ وسيلة تواصل عالمية عابرة للثقافات في مجال التراث والفنون ونفذ الآن برنامج الإقامة الفنية لدعم الخط في بيئة حاضنة ومميزة وداعمة وجعل المدينة المنورة بالذات قبلة للخط العربي، وخير من يحتضن هذا الفن وأهله. 

ختامًا.. أنا متفائلة بعودة الخط العربي وانتشار ثقافته، وبإذن الله السنوات القادمة ستشهد بذلك ولن يكون حضوره على استحياء؛ سنفخر بالخطاطين وسيتم دعمهم وتتوج أعمالهم ويحققون أهدافهم. 

 

*الخط العربي فن وتراث  

ويشير الخطاط  صالح حسن النوار إلى دور الجهات المعنية في الحفاظ على مكانة الخط العربي واستمرار يته، حيث قال:

الخط العربي ليس مجرد وسيلة للكتابة، بل هو فن وجمال وتراث أمة ينتقل عبر الأجيال وجزء لا يتجزأ من هويتنا العربية والإسلامية، وقيمة جمالية عالية، ويعكس تاريخًا عريقًا من الإبداع والإتقان، ويرمز إلى هويتنا الثقافية والدينية، ويكفي أنه الخط الذي يكتب به القرآن الكريم.

وككل تراث يتأثر عبر الزمن، فقد تأثر الخط العربي مع التأثر الزمني والثقافي والسياسي للمراحل التي مرت بها الأمة، فمر بفترة ركود زمن، ومر بفترات تطور، بدءًا باستخدامه كتسجيل للوقائع إلى استخدامه للجماليات وغيرها، فهو حاضر في المساجد والكتب والزخارف.

ومع دخول التقنيات يظن البعض أن الخط العربي تأثر سلبيًّا بذلك، بينما الواقع الحقيقي هو أنه مع تغير الزمن علينا تتغير استراتيجياتنا، فالأساس في الأشياء موجود، لكن آلية التعامل تتغير وتتطور، فدخول التقنية أثر سلبًا في نواح معينة وأثر أيجابًا في كثير من النواحي الأخرى، وقد يكون الاستخدام الشعبي العام للكتابة الرقمية أثر سلبًا على الخطاط، لكن التقنية ساعدت الخط كفن من خلال استخدام التقنية لإعداد اللوحات وتجهيزها وطباعتها وغيرها. فضلًا عن أن للكتابة اليدوية حياة نحسها لو قارناها مع كتابة رقمية كتب حروفها الخطاط نفسه.

لكن بالمقابل تراجع الاهتمام الثقافي والتعليمي بالخط العربي مع دخول استخدام التقنيات في العمليات التعليمية ومع تبني سياسات التحول الرقمي، بالتالي تفوق استخدام الكتابة الرقمية على خط اليد، فانحسر تعليم الخط العربي بالمدارس إلى الحد الذي يكاد يكون معدومًا. ومع ازدياد اهتمام الناس بالخط العربي كفن، إلا أن معارضه تقام على استحياء لاهتمام الجهات الثقافية بالفنون الكثيرة التي ظهرت، وبات معظم المعارض يقام بجهود فردية من الخطاطين.

وحتى لا تفقد الأمة أحد روافد ثقافتها وتراثها وتميزها، لابد من إيجاد الحلول للحفاظ على هوية الخط العربي، منها دور مناط على الجهات التعليمية وآخر على الجهات الثقافية.

فأما دور الجهات التعليمية فيتمثل في إعادة إدراج مادة الخط العربي في المناهج الدراسية، بدءًا من المراحل الابتدائية، وتدريب المعلمين أساليب تدريسها الصحيحة وتزويدهم بالمصادر اللازمة، وتنظيم المسابقات التنافسية بين الطلاب، والاهتمام بمخرجات تلك المنافسات من المواهب وتقديم المنح والمساعدات لهم.

أما دور الجهات الثقافية، فيتمثل في تنظيم الفعاليات الثقافية كالمعارض والمؤتمرات وورش العمل بشكل فعال ودوري، ودعم الخطاطين معنويًّا وماديًا بتشجيع إنتاجهم وإبرازه ودعمهم لإقامة المعارض المشتركة والشخصية، ودعم البحوث والمطبوعات التي تتناول تاريخ الخط وأنواعه وأساليبه، وبناء الشراكات بين الجهات الحكومية والخاصة لتعزيز مكانة الخط العربي.

ختامًا، فإن الخط العربي ليس مجرد فن، لكنه تراث أمة يتطلب تضافر الجهود من قبل جميع الأطراف المعنية، سواء كانت حكومية أو خاصة أو مجتمع مدني لضمان استمراره وتوريثه للأجيال القادمة.

 

*تغييبه عن الفعاليات من أسباب تراجعه

 

ويقترح الخطاط  سليمان القطيبان بعض الحلول للحفاظ على مكانة الخط العربي، حيث يقول:

أهمية الخط العربي في الحفاظ على هوية اللغة وتأثير التقنية على تراجع تلك الأهمية، الخط العربي ليس مجرد وسيلة لتوثيق اللغة العربية، بل جزء لا يتجزأ من هوية الأمة العربية والإسلامية. فهو يعكس روح الحضارة الإسلامية وجمالياتها على مر العصور، وأصبح رمزًا بصريًا لثقافة كاملة. يعتبر الخط العربي فنًا قائمًا بذاته، يحمل في طياته دلالات جمالية ومعنوية توثق ارتباط الأمة بلغتها وهويتها.

مع تطور التقنية وانتشار الطباعة الرقمية، بدأ الاهتمام بالخط العربي التقليدي في التراجع. الأدوات الرقمية ساهمت في سهولة الكتابة وتوفر الخطوط الجاهزة، لكن هذه الأدوات، رغم فائدتها في تسهيل الكتابة اليومية، لا تستطيع أن تحل محل الدقة والجمال الذي تقدمه الأيادي الماهرة في فن الخط. للأسف، غياب التقدير للخط اليدوي في ظل التقنية قد يقلل من إدراكنا لقيمة هذا الفن، وقد يضعف الروابط الثقافية والتاريخية بيننا وبين لغتنا.

وأسباب تراجع الاحتفاء بالخط العربي وتغييبه عن الفعاليات الثقافية وتداعيات ذلك، يمكن إرجاعه لعدة أسباب، منها:

 ١-التعليم النظامي: قلة التركيز على تعليم الخط العربي في المناهج الدراسية، يؤثر بشكل كبير على تنمية المهارات اليدوية لدى الأطفال والشباب؛ ما يضعف الصلة بين الأجيال الصاعدة وفن الخط.

 ٢- الثقافة البصرية الحديثة: الثقافة المعاصرة تعتمد بشكل كبير على الوسائط البصرية والتقنيات الحديثة، التي تركز على السرعة والكفاءة، ما يهمش الفنون التقليدية مثل الخط العربي.

٣- العولمة: انتشار استخدام اللغات الأجنبية وتبني الخطوط الحديثة في الإعلام والإعلانات، قلل من حضور الخط العربي في الحياة اليومية.

تراجع الاهتمام بالخط العربي ينعكس سلبًا على الفعاليات الثقافية، ويحد من إنتاجية الفنانين والخطاطين، ما قد يؤدي إلى فقدان الكثير من التقنيات التقليدية والمهارات الحرفية التي تطورت على مدار قرون.

الحلول والخطط للمحافظة على الخط العربي ودور الجهات الثقافية للمحافظة على هذا الفن الأصيل، يمكن تبني مجموعة من الحلول:

 ١-التعليم والتوعية: إعادة إدراج الخط العربي كجزء أساسي من المناهج التعليمية والتأكيد على أهميته كفن وتراث. كما يمكن تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لتعليم الخط للشباب.

 ٢- إحياء التراث: إقامة معارض ومسابقات خاصة بالخط العربي تُشجع الخطاطين على تقديم أعمالهم وإبراز فنهم للجمهور.

٣- دعم المؤسسات الثقافية: يجب أن يكون هناك دعم أكبر من الوزارات الثقافية والمؤسسات الحكومية، إضافة إلى تخصيص ميزانيات لرعاية الفعاليات التي تحتفي بالخط العربي.

٤- الاندماج مع التقنية: تطوير تطبيقات وأدوات رقمية تدعم الخط العربي، وتتيح للمستخدمين تذوق الجماليات التي يقدمها، دون أن تهمش دور الفن التقليدي.

الخط العربي ليس مجرد كتابة، بل هو تعبير عن الهوية والجمال والروح العربية. يجب علينا جميعًا، كمجتمع وأفراد، أن نعمل معًا للحفاظ عليه ونقله للأجيال القادمة. دور الجهات الثقافية أساسي في هذا المسعى، لكن يجب أن نتكاتف جميعًا لدعم هذا التراث العظيم وإعادته إلى مكانته اللائقة في ثقافتنا.

 

*الخط العربي خط الأمم المسلمة

 

ويرى الخطاط جابر سالم لَغْبِي أن الثورة التقنية من أسباب تنحي الخط العربي، بقوله:

بدأ انتشار الخط العربي بانتشار الإسلام حتى بلغ أصقاع سيبيريا، وبلاد الهند، وأطراف الصين، وأندونيسيا والفلبين، وشمل بعض أقطار أوروبا، وتوغل في إفريقيا، وكتب أبناء هذه الشعوب لغاتهم ولهجاتهم المختلفة بالخط العربي، بعد أن بلغتهم دعوة الإسلام.

وقد وجدت الكتابة العربية فرصة للانتشار جنبًا إلى جنب مع الفتوحات الإسلامية، فأصبح الخط العربي خط الأمم المختلفة التي اعتنقت الإسلام، فكتب به الإيرانيون لغتهم الفارسية، وكتب به الهنود لغة الأوردو، كما كتب به السلاجقة والعثمانيون لغتهم التركية، ومن هنا صحت تسمية الخط العربي بالخط الإسلامي.

كما دفع الإيمان بالمسلمين إلى تجويد الخط في كتابة المصاحف، فجمعوا إلى جمال المعنى جمال رسم الكلمات، وهكذا اكتسب الخط العربي الاهتمام والعناية، وأحيطت به هالة من القداسة َ.

الخط العربي يعتبر أحد التصميمات والفنون المتنوعة في الكتابة، ويتمثل في اللغات المختلفة التي تستخدم الحروف العربية، وما يميز الخط العربي هو أن حروفه متصلة ببعضها البعض، وهذا يجعل منه خطًا مرنًا وقابلًا لاكتساب عدة أشكال هندسية، ويكون ذلك بتداخل الحروف أو المد أو التزويه أو الرجع أو التركيب أو الاستدارة، والجدير بالإشارة أن الخط العربي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بفن الزخرفة العربية الذي يُسمى أرابيسك، فهو من يُستخدم في تزيين القصور والمساجد والأماكن الإسلامية.

وتُعزى أهمية فن الخط العربي إلى أمرين : الأول أنه يعبر عن لغتنا (لغة القرآن) ويحمل هذا الفن بين طياته ثقافتنا وتراثنا وكينونتنا المعرفية والثقافية مظهراً لها أمام العالم أجمع، الأمر الثاني أن فن الخط العربي ناطق بلسانين الجمالي والبلاغي، وقد تطور على مر العصور حتى وصل إلى عصر العولمة، ثم بدأ الناس يقل اهتمامهم به وذلك مع استخدام الأجهزة الإلكترونية بجميع أنواعها.

‏ومن وجهة نظري أن من أسباب تراجع الاعتراف بالخط العربي وتغييبه عن الفعاليات الثقافية، هو الثورة الإلكترونية في هذا العصر (عصر السرعة) ووجود بدائل سريعة سواء في التعلم أو إنجاز لوحات فنية عن طريق الحاسوب.

‏وقد أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله، اهتمامًا كبيرًا في المحافظة على فن الخط العربي وغيره من الفنون، ووضعت خططًا وحلولًا كفيلة بإذن الله للمحافظة على هذا الفن الجميل، ومنها:

١- تدعيم اعتزاز الطلاب بالخط العربي وزراعة حب الخط العربي فيهم.

٢- إبراز جماليات وفن الخط العربي في كل المحافل والمناسبات.

٣- إظهار الإرث العلمي والحضاري لفن الخط العربي.

٤- تهيئة الطلبة ومحبي الخط العربي للمنافسة على المستويات الإقليمية والعالمية في الخط العربي.

في الختام، فإن الخط العربي الذي يشهد إقبال كثير من الناس، كونه خطًّا يتسم بالطابع الجمالي، كما أنه يوجد عدد من الخطاطين الذين برعوا في استخدام أنواع الخط العربي المختلفة، التي يتم استخدام كل خط منها لغرض معين، ومن المهم أن نحافظ على جمال هذا الخط، فهو يعد تراث الناطقين باللغة العربية.

*لولا اللغة ما وجد الخط

ويؤكد الخطاط مسعود بن حافظ محمد الدالي (مقرئ القراءات العشر ومعلم الخط العربي بالحرم المكي الشريف) على ارتباط الخط باللغة والتقاء أهدافهما في الحفاظ على هوية المجتمع الثقافية بقوله :  
لا ريب أن الخط العربي لا ينفك عن اللغة العربية، وأنه مرتبط به ارتباطًا وثيقًا، فلولا اللغة لما وجد الخط.
بالتالي فبه تحفظ ثقافة المجتمع، وينقل علمهم وفكرهم، والخط العربي من الفنون الجميلة التي ساعدت في انتشار اللغة العربية، حيث إنه فن عريق ساعد في إبراز اللغة العربية بما تحمله من جماليات؛ ما حدا بكثير من الأجانب، خاصة فيمن يعشق الجمال أن ينظر إلى جماليات الكتابة العربية وتراكيبها.

أما بالنسبة للتقنية وتأثيرها على الخط العربي؛ فهي سلاح ذو حدين، فمن جهة ساعدت في انتشار الخط العربي، فكانت هناك صحوة، وأخذ بعض الناس في سرعة تعلم الخط عن طريق التقنية، أيضًا أصبح الخطاط الذي في أقصى شرق الأرض يعرف الذي في آخر غرب الكرة الأرضية، من خلال أن كل شخص يعرض أعماله من خلال وسائل التواصل، ويستطيع أن يعلم كذلك عن بعد إلى غير ذلك، على العكس من ذلك فإن التقنية أضعفت كثيرًا من اعتماد الناس على الكتابة بأيديهم.

ولعل هناك قلة وعي وجهل بأهمية هذا الخط ومكانته، ينتج منها أن الأستاذ والمتعلم له يزهد فيه؛ لما يرى أمامه من عدم الالتفات والتشجيع لهذا الفن العريق، بالتالي يقل عطاؤه وأداؤه.

أما بالنسبة للخطط والحلول الكفيلة بالمحافظة على الخط العربي بالتواريخ مع دور الجهات الثقافية حيال ذلك؛ أرى أنها تكون بالمحافظة على الخط العربي والتعزيز على أهميته ومكانته من خلال الإعلام ونشر ثقافة المحافظة عليه.
تأسيس المدارس والمراكز التي تقوم بتعليم الخط العربي.. وإقامة المسابقات في الخط العريض، وتكريم الفائزين بها.. وإقامة منصات تعنى بالخط؛ وذلك لتسهيل وصول المعلومة للمتلقي.
وبالنظر إلى الجهات الثقافية، فدورها هنا دور عظيم، ويقع على عاتقها حمل كبير؛ لأنها تنور المجتمع، فتتبنى مثل هذا، فتعقد له الندوات والمؤتمرات وما يحتاجه هذا الفن الرائع العريق.

التعليقات

  1. يقول جابر لغبي:

    جميل جداً .. ونشكر الأستاذة والإعلامية أمينه ابو بكر فلاته على اهتمامها وحرصها اللامحدود على إظهار كل جديد ومفيد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود