36
041
0104
053
078
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11903
05711
05652
05379
04865
0عماد الدين موسى*
في بداية العقد الثاني من سنين عُمري، بدأتُ بقراءة مختارات شِعريّة للشاعر السوري الراحل رياض الصالح الحسين (1954-1982)، التي تُصادف هذه الأيام الذكرى السنوية لرحيله المُبكّر عن عمرٍ لم يُناهز الثامنة والعشرين عاماً، كانتْ تلك المختارات باللغة الكُرديّة ضمن كُتيّب صغير الحجم وبعدد قليل من الصفحات، بعنوان (قصائد مُختارة)، صادرة عن منشورات مجلة زانين 1992، بينما الترجمة كانت للشاعر الكُردي الراحل فرهاد جلبي (1961-2004).
خُيّل لي، آنذاك، أنّ الشاعر الحسين يكتبُ باللغةِ الكُرديّة، ولم يعتريني أي شعورٍ آخر، ثم توالت قراءتي لشِعرهِ، لكن هذه المرة بالعربيّة، إذْ لفت انتباهي- وأنا الطفلُ- مجموعته الشعريّة “بسيط كالماء، واضح كطلقة مسدّس” بحجمها المربّع والمُغاير لكل الكتب الموجودة في مكتبة بيتنا، وكذلك غلافها الذي تزيّنهُ لوحة للفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي، حيثُ يحتلّهُ طفلٌ راكض وفي يدهِ طائرة ورقْ، وما شِعره سوى “تعبير الطفولة عن ذاتها وهي تواجه العالم بالدهشة وباللغة الخاصة”، بحسب الشاعر أحمد يوسف داوود.
ترجمة جديدة:
في أحدث ترجمة لقصائد الحسين إلى اللغة الكُرديّة، الصادرة عن دار الزمان في دمشق بعنوان “يدكِ.. قصائد مُختارة” (ترجمة وتقديم د. بسام مرعي)، يعود شاعر الثورة والحريّة والينابيع وأحد أبرز وجوه الشِعريّة المعاصرة ورائد من رواد تيّار الشفويّة في سوريا إلى ميدان الشِعر عبر لغةٍ حيّة وتكاد تكون الأقرب إلى روح قصيدة الشاعر الحسين، حيثُ تضمنت مختارات من مجموعاته الشعريّة الأربع؛ وتعدّ هذه “المختارات” بأنها الأكثر شمولًا لمعظم مراحل تطوّر قصيدة الحسين منذ بداية مشواره الشِعريّ وحتى النهاية.
وكان الراحل قد أصدر باكورة أعماله الشعريّة في العام 1979 بعنوان “خراب الدورة الدموية” تبعها في العام 1980 مجموعته “أساطير يوميّة” وفي العام نفسه أصدر مجموعته الثالثة “بسيط كالماء واضح كطلقة مسدس”، فيما صدرت في العام 1983 مجموعته الرابعة والأخيرة “وعل في الغابة”، أي بعد عام من وفاته.
في قصيدة (شارع) والتي نشرت على الغلاف الأخير، يقول الشاعر: “هذه مدينة مليئة بالشوارع/ شوارع مفتوحة/ تؤدي إلى جميع الجهات/ لكن، اسمعني، أرجوك/ حياتنا مغلقة/ والشارع الوحيد العادل/ ذلك الذي يأخذني إلى قلبك”.
الترجمة ومهارات التقمّص:
تنتمي قصيدة الحسين إلى البساطة وحدها؛ اللغة بسيطة والتراكيب بسيطة والصور كذلك، عالم كامل من البساطةِ والدهشةِ؛ قصيدةٌ- كل من يقرأها- يتمنّى لو أنّه كان كاتبها.
ولعلّ ما يُحسب للترجمة الجديدة هذه؛ هي تلك المهارة لدى المُترجم الدكتور بسّام مرعي في نقل روح الشِعر من لغةٍ إلى أخرى، سواء من جهة اختيار تلك اللغة الكُرديّة الرصينة أولًا أو من حيثُ الحفاظ على جماليّات قصيدة الحسين ثانيًا، طالما أنّ الأهم في ترجمة الشِعر “أن يتحلى (المُترجم) بمهارات التقمّص التي تجعله يتمثل شخصية الشاعر ويشعر بما شعر به”، وطالما أن “الكتابة في جوهرها- بحسب الناقد عبدالله الغذّامي- محاولة لتحويل المكتوم إلى معلوم، وتفجير لكوامن الروح ولطافات النفس”.
رياض الصالح الحسين، بحسب الشاعر بشير العاني؛ “آخر ورثة القصيدة اليوميّة وأوّل مجدديها”، فيما يقول الناقد محمد جمال باروت: “قصيدة رياض، قصيدة اليوم، قصيدة الكلام، وقصيدة الشعور ذات البعد الواحد أو الصوت المفرد والمناخ الغنائي، ذات البنية الخيطية وذات الرؤية الجزئية (اهتمام بالأشياء الصغيرة)”.
رياض الصالح الحسين:
وُلِدَ رياض الصالح الحسين في مدينة درعا في 10/3/1954 لأب موظف من قرية مارع في شمال حلب .كان والده يتنقّل مع عائلته بين المدن السورية ثلاثين عامًا.
منعه الصمم والبكم من إكمال دراسته، فدأب على تثقيف نفسه بنفسه، حيثُ اضطر إلى ممارسة العمل مبكرًا، كعامل و موظف و صحفي، و عانى من مشكلة البطالة. كان مستمرًّا في كتابة الشعر كان مستمرًّا في كتابة الشعر والموضوعات الصحفية منذ عام 1976 حتى وفاته.
أصدر ثلاث مجموعات شعريّة في حياته: “خراب الدورة الدمويّة (1979)”، “أساطير يوميّة (1980)”، “بسيط كالماء واضح كطلقة مسدَّس (1982)”. فيما أنجز مجموعته الشعريّة الرابعة قبل وفاته والتي حملت عنوان “وعل في الغابة (1983)” وصدرتْ بعد وفاته.
توفي في مستشفى المواساة بدمشق عصر يوم 21/11/ 1982.
ــــــــــــــــ
الكتاب: يدكِ (مُختارات شِعريّة)
المؤلف: رياض الصالح الحسين (سوريا)
الناشر: دار الزمان – دمشق (2024)
*كاتب من سوريا
التعليقات