966
1484
2326
0185
0421
139
028
0107
0107
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11909
06135
06025
05903
04998
5
حسين عبروس*
المقدمة
– يقتضي العصر الحديث الاعتماد على تلك الوسائط التكنولوجيا الحديثة التي تشتمل على تطبيقات الحاسب الآلي، التي يمكنها تخزين المعلومات بأشكال مختلفة، ومتنوعة تتضمن النصوص والصور الساكنة، الرسوم المتحركة، والأصوات متعددة المصادر، والتي يتم عرضها بطرق تفاعلية وفقا لمسار للشخص المستخدم (الطفل) أو غيره من المستخدمين، وذلك ما يحقق إشباع رغبات المتتبع من الأفراد أو المجموعات، أو المؤسسات المختلفة الثقافية والفنية وغيرها، وهي تتصل بالفضاء العالمي الذي تحكمه تكنولوجيا المعلومات عبر تلك المواقع والوسائط المتنوعة التي تقدم مادة ثقافية، ومعرفية متنوعة، والتي تتعدد في قيمتها وأهميتها عند الفرد المستخدم، خاصة عند فئة الأطفال واليافعين، وتحرص الجهات والمواقع المبرمجة لتلك المواد المسوقة عبر تلك الوسائط على أن تكون، مغرية في أشكالها، وطرق وأساليب عرضها باستخدام الألوان والصور والخطوط الجذابة التي تستقطب اهتمام كل فئة على حدة، وتظل فئة الناشئة من الأطفال اليافعين أكثر مستهلك لكل القصص والرسوم المتحركة وتلك الألعاب التي تقدم إليهم على أنها تساعد في تطوير القدرات المختلفة في مجال الذكاء والفطنة والفهم لأسرار الحياة المعاصرة، وما تحتويه من قضايا معرفية وفنية، كما أنها تفتح عقولهم وعيونهم على جديد التطور التكنولوجي، وما تجود به تلك الوسائط الإلكترونية من تقنية تجعل صاحبها ينخرط فيها بقوة حتى تغدو لصاحبها بأنها حالة قصوى من حالات الإدمان على تلك المواقع، ومن هذا المنطلق يجدر بنا الرأي بأن ندخل ثقافة الطفل من بوابة الكتاب الموجهة للطفل التي يجد ضالتها في مادتها عبر تلك الوسائط الإلكترونية التي يشترك فيها الكاتب و الطفل.
– إن تجربة، الكتابة للطفل في عصر التكنولوجيا، قد أخذت بعد الخطيرة من حيث اعتمادها على تلك الوسائط الإلكترونية التي يستخدمها الكاتب في إنتاج نصف إبداعي موجه إلى فئة الأطفال في الوطن العربي أو في العالم، والسؤال الذي يفرض نفسه على فئة الكتاب والمبدعين، هل أدب الروبوتات هو أدب حقيقي أم أنه أنماط متكررة من الخوارزميات التي تجتاح عوالم الكتابة في ثقافة الطفل؟
السؤال يجعلنا نقف أمام حالة خطيرة في تجربة الكتابة على وجه العموم وتجربة الكتابة للطفل على الخصوص، تلك التجربة التي هي بداية لوجود نص جديد يقوم على معطيات أفرزتها تلك الوسائط الإلكترونية وأقرتها التقنية الحديثة بفضل تمكن الكاتب من إنتاج نص معين بأقصى سرعة في أقصر فترة زمنية، والحقيقة التي يغفل عنها البعض أو يتعمدون الإغفال عنها أولئك الكتاب. هي أن تلك النصوص تولد مفرغ من محتوى الطاقة الإبداعية، وخالية من المبتكرات التي يصنعها الخيال البشري عند الكاتب الموهوب الذي يحلم بتقديم نسق يقوم على أساس فنية متماسكة، ومنسجم من حيث أسس بنائها الفني والأدبي والمعرفي، وذلك بلغة سليمة صحيحة تؤسر القارئ الصغير، وتمنح حالة من المتعة التي لا يوفرها نص الخوارزميات، ولعل المتأمل جيدًا لتلك الفروق بين النصين يجد أن نص الخوارزميات يساهم في مساعدة ظهور أشباه الكتاب وكما يساهم في خلط الحسابات في عالم الكتابة بين الموهوبين والمتطفلين، وذلك يساهم في هدم بناء النص الذي يقوم على جهد صاحبه الموهوب الذي تفرضه حالة إبداعية نفسية معينة خلال ولادة النص في شكلها الطبيعي، بعيدًا عن الفعل الاصطناعي الذي يراه البعض من فعل الذكاء الاصطناعي، وإن كل نص منشأه التقنية يحاول صاحبه القضاء على الموهبة الحقيقية لتحل محلها التقنية الخوارزمية.
إن ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي سهلة الاستخدام والمتاحة على نطاق واسع إلى خلق نوع جديد من الأدب الروبوت، وحاليًا تقدم شركة أمازون أكثر من 200 كتاب من تأليف الروبوتات باستخدام الشات (جي _ بي _ تي) كمؤلف، أو مؤلف مشارك، وتختلف أسباب لجوء عدد من الكتاب إلى هذا النوع من الكتابة، التي هي تجربة الهواة وأنصاف الكتاب…(1) وإن من بين هؤلاء الكتاب الكاتب الأمريكي بريت شيكلر وهو مندوب مبيعات، كانت إمكانيته اللغوية ضعيفة وهواياته لم تكن تساعده في فعل الكتابة، لقد أنشأ كتابًا إلكترونيًا موجه للأطفال في غضون ساعات قليلة من 30 صفحة، والكتاب يعرض للبيع بقيمة 2.99 دولار، وفي منصة كندل ب9.99 دولار، فهم الكاتب هنا هو الربح المادي، ولا يهمه الجانب الثقافي ولا الجانب التربوي والأخلاقي، ونص بعنوان سامي السنجاب وقد تحول نص القصة إلى مسلسل.
وتقع أحداث المسلسل في قرية بإنشي في ولاية بنسيلفانيا، والبطل هو سامي السنجاب الذي كان يجمع الجوز ويستثمره، وبعد مكوثه 15 سنة في السجن بسبب سرقة الماس من رجل عصابات أوكراني، يذهب بطل المسلسل إلى القرية ليبحث عن شريكته في الجريمة وعشيقته السابقة أنستازيا، وجدها قد تزوجت وأصبحت أمًّا لطفلين، وقد غيرت اسمها تحت شخصية مبتكرة باسم جديد وهو كاري فيقدم على قتل قائد الشرطة، وينتحل شخصيته باسم لوكاس هو بويل ويصبح هو القائد الجديد لشرطة القرية، ويشتد صراع البطل مع نفسه من أجل التأقلم مع شخصيته المنتحلة، وحياته الجديدة، وبذلك ينخرط في إقامة علاقة التعامل مع زعيم العصابة في القرية.
هامش: (1): محمد سناجلة عن مقال – الروبوتات – عن موقع الجزيرة نت.
إن هذا التوظيف للقصة التي أصبحت مسلسلًا والتي قدمت الحلقة الأولى على قناة سينماكس في مسلسل بإنشي وذلك عام 2013 والمتأمل لهذه القصة المنشأة عبر (شات جي بي _ تي) والتي تحمل مفاهيم أحداث خطيرة على نفسية شخصية الطفل المعروضة في تلك المواقع والوسائط الإلكترونية، فهي تعرض أفكارًا خطيرة انطلاقًا من جريمة السرقة، وصولًا إلى جريمة القتل.. وأمور أخرى. وحذا حذوه جوناثان تروبر(2) وغيره من الكتاب في أمريكا وأوروبا.
إن مثل هذه الأعمال التي تلقى رواجًا عبر الوسائط الإلكترونية، والمواقع التي يرتادها الأطفال في العالم، لكن للأسف يظل عامل النقد غائبًا في تتبع تلك الأعمال التي تبرمج بواسطة تطبيقات الحاسب الآلي بطريقة الذكاء الاصطناعي، ويبقى الطفل في ظل هذه التطبيقات يواجه أخطارًا رهيبة تحول حياته إلى كوابيس، ومآسي عدة تفرضها ثقافة العصر الذي تحاول فيه الوسائط الإلكترونية فرض سيطرتها بكل ما ينتج من معارف ومن ثقافات، وسائل ترفيهية تجعل الطفل يقع تحت طائل الإدمان، بتلك الوسائط، وليس ثمة قوة ثقافية تسعف فئة الأطفال واليافعين، بتقديم لهم ما يصح تقديمه من نصوص وأفكار تساهم في توجيههم تربويًا وأخلاقيًا وعقائديًا، وتزداد الأمور تعقيدًا بفعل ما تفرضه العولمة من تفويض تلك الفاصلة في الزمن والجغرافيا عبر بلدان العالم في القارات الخمس.
إنه من الضروري على المؤسسات الثقافية والهيئات التربوية والتعليمية، السعي إلى تنمية ثقافة الطفل في الوطن العربي، والعمل على تقديم منظومة ثقافية متكاملة من برامج متعددة، ومتنوعة تحاول صد ذلك الخطر الذي يتهدد هذه الفئة من أجيال الغد، وأهل الجهات الرسمية أن تضع في حسبانها تلك المخاطر التي تحدق بفئة الناشئة من الأطفال، واليافعين من بنات وبنين، والعمل على تدعيم ذلك الموروث الحضاري الذي يكون همزة وصل بين ثقافة الأجيال المتعاقبة، دون الإغفال أو الاستغناء عن القيم الروحية والعقائدية التي يجب أن ينشأ عليها الطفل في الوطن العربي، والتي ترتبط بمقومات بناء المجتمع السليم من كل ما تفرضه التكنولوجيا الوسائط الإلكترونية. إن الكثير من أبنائنا قد أدمنوا تلك المواقع، والنصوص التي لعبت فيها تقنية الخوارزميات دورًا مغريًا، وهي تفرض عليهم تلك النصوص والكتب والقصص، والرسوم والصور الرقمية، والمقاطع الصوتية في أشكالها المتنوعة عبر اليوتيوب والفيديو والواتساب، وغيرها من الوسائط المتعددة، فكل هذه الوسائل سهلت عليهم عمليات استيعاب المفاهيم، والأعمال المسموعة والمرئية، وذللت أمامهم تلك الصعوبات التقنية في مجال البحث، والرصد من أجل الإقبال على تلك المواقع والمنصات التي يجدون فيها ضالتهم وغاياتهم من متع ومآرب أخرى.
هامش: الاصطناعي 2: جوناثان تروبر _ كاتب سيناريو من مواليد نيويورك عام 1970، وهو من كتاب الذكاء.
*كاتب وشاعر للأطفال _الجزائر
التعليقات