هند النزاري*

قال اخْرُجِي من كُوَى مِحْرَابِكِ الآنا

كُونِي هنا واستَتِمِّي عِقدَ نَجْوَانا

لن أُهدِرَ العُمرَ في الآهاتِ مُعْتَنِقًا

حُبًّا على البُعْدِ إني لستُ (جُبْرَانَا)

لن أجْعَلَ الدَّربَ يَبكي من رَسائلِنَا

نَبضُ الدُروبِ تَوارى عن حَكايانَا

هاتِي يَديكِ لكي أرْعَى ارْتِجافَهُمَا

فقد نُرَتِّبُ بَعضَ الشَّيءِ فَوضَانَا

واسْتنطِقِي نَظْرَتِي لمّا أبوحُ بها

فَبَوْحُنا يتَنَدَّى عن خَلَايَانَا

كانتْ رَسَائِلُهم ثَكْلى وأحْرُفُهم

جَوعى وآفاقهم ترتجُّ حِرْمَانَا

كَانَتْ تَجُوبُ مَحَطَّاتِ الهَوَى زَمَنًا

تَطْوِي المَجَاهِيلَ أشْوَاقًا وَأشْجَانَا

تَسْتَلُّ مِن غَيمَةٍ وَسْنَى نَثِيثَ شَذًى

سَارٍ وَمِنْ وَتَرٍ فِي الأُفْقِ ألْحَانَا

حَتَّى إذَا انْهَلَّتِ البُشْرَى بِمَقْدِمِهَا

لَمْ تُبقِ فِي عَالَمِ الأشْوَاقِ عُمْيَانَا

ذَاكَ القَمِيصُ طَوَاهُ الدَّهْرُ فَاغْتَنِمِي

سَيَّارَةً وَاجْعَلِي الأشْوَاقَ رُكْبَانَا

لا تَسْجُنِينَا وفِي الأمْدَاءِ مُتَّسَعٌ

وَقد سُئِلْنَا فَأنْكَرْنَا خَطَايَانَا

يَا (مَيُّ) هَلْ خَلفَ هَذَا البُعْدِ مِنْ أَمَلٍ

يَسْقِي المَسَافَاتِ شُرْيَانًا فَشُرْيَانَا

تِلكَ الرَّسَائلُ مَا عَادَتْ تُقَرِّبُنَا

مَنْ لِي بِرَائِحَةِ الأوْرَاقِ سُلْوَانَا

مَنْ لِي بِدِفءٍ يَهُشُّ البَرْدَ عَن قَلَمِي

لَمّا يُقطِّرُ فِيهَا الوَجْدَ أحْيَانَا

والدَّمْعُ يَرْتاحُ كَالتَّوقِيعِ بَينَهُمَا

مَنْ يَسْفَحُ الدَّمْعَ فِي جَوَّالِهِ الآنَا؟

وَصَلْتُ شَاحِنَ جَوَّالِي وَقُلْتُ لَه

إنَّ الغِيَابَ حُضُورٌ فِي مَرَايَانَا

فَالبُعْدُ يَا سَيِّدِي يُخْفِي حَقِيقَتَنَا

لَو شَفَّ عَنَّا المَدَى قُرْبًا لَأقْصَانَا

يُبقِي الخَيَالُ زَوَايَانَا مُوَارَبَةً

أَوْ رُبَّمَا كَانَ عَنْ قَصْدٍ تَخطَّانَا

فَلْنَحْمَدِ اللهَ أنَّ البِئْرَ قَدْ طُمِرَتْ

أنَّ الكَوَاكِبَ لم تَسْجُدْ لِلُقْيَانَا

أَنَّا هُنَا رُغْمَ كُلِّ البُعْدِ تَجْمَعُنَا

شَاشَاتُنَا وَتُوَافِينَا قَضَايَانَا

لَا تَنْتَظِرْ إنَّ ذَاكَ العَرْشَ لَيسَ لَنَا

قَد أخْطَأَ الشَّوْقُ فِي تَأْوِيلِ رُؤْيَانَا

*شاعرة من السعودية