خالد الصميلي

إن سك العملة كان وما زال رمزا من رموز سيادة الدول والكيانات السياسية ومظهرا يبرز قوتها السياسية والاقتصادية ولهذا حرصت كل الدول على سك عملتها الخاصة بشكل يبرز هوية الدولة الدينية وتقاليدها الاجتماعية ورموزها الوطنية ومعالمها التاريخية.

وعندما فتح الملك عبدالعزيز رحمه الله الرياض وجد أن النظام النقدي في نجد خاصة والجزيرة العربية عامة يعيش حالة من الفوضى العارمة فالتداول كان يتم بعدة عملات منها ما هو لدول مازالت قائمة ومنها ما هو لدول انهارت وتفككت، وبهذا لا توجد أية ضمانات تحفظ حقوق الناس وكان السكان يتعاملون بعملات نقدية متعددة منها ما هو محلي مثل طويلة الحسا ومنها ما هو عربي مثل العملات المصرية التي سك منها أنواع كثيرة مثل المليمات والقروش والجنيهات وأما في الكويت فقد تم سك البيزة الكويتية وفي سلطنة عمان سكت بعض العملات المحلية وكانت تستخدم في الخليج ومنطقة نجد وأما بلاد الشام وبعد سقوط الخلافة العثمانية فقد تنوع سك العملات في كل من سوريا ولبنان وفلسطين وإمارة شرق الأردن وكذلك في العراق واليمن كما كان لكل سلطنة في الجنوب العربي عملات خاصة بها.

وأما النقود الأجنبية فكان من أشهرها العملات العثمانية بكافة أنواعها والريال الفرنسي والجنية البريطاني والروبية الهندية وكان لهذه العملات شعبية كبيرة بين الناس.

وقد أقر الملك عبدالعزيز رحمه الله التعامل بهذه العملات وقد تم دمغ هذه العملات بكلمة نجد وذلك في محاولة للسيطرة على الوضع الاقتصادي.  

 وبعد دخول الملك عبدالعزيز إلى الحجاز عام 1343 كان التعامل بالحجاز مقتصرا على عملات الشريف حسين والتي تعرف بالهاشمي فأقر التعامل بهذه العملات وباقي العملات التي كان ممنوعًا التعامل بها في فترة حكم الشريف حسين وتم دمغها بكلمة الحجاز وفي نفس العام تم سك عملات نحاسية من فئة ربع قرش ونصف قرش وتعرف بعملات أم القرى والتي تعد أول عملة سعودية وأعيد سكها مرة أخرى بنفس الفئات.

كما تم سك عملة منها نحاسية من فئة نصف قرش عام 1344 وكانت كلها تحمل اسم الملك عبدالعزيز بطريقة الطغراء.

وفي نفس العام 1344 بدأ سك عملات من فئة ربع قرش ونصف قرش وقرش واحد وحملت اسم الملك عبدالعزيز ولقبه ملك الحجاز وسلطان نجد.

1344 وكانت كلها تحمل اسم الملك عبدالعزيز بطريقة الطغراء وفي نفس العام 1344 بدأ سك عملات من فئة ربع قرش ونصف قرش وقرش واحد وحملت اسم الملك عبدالعزيز ولقبه ملك الحجاز وسلطان نجد وفي عام 1346 تم سك عملات معدنية من فئة ربع قرش ونصف قرش وقرش واحد وأيضا تم سك عملات فضية من فئة ربع ريال ونصف ريال وريال واحد وحملت جميعها اسم الملك عبدالعزيز رحمه الله ولقبه ملك الحجاز ونجد وملحقاتها.

ولتحقيق الانتشار لهذه النقود ودعمها صدر أول تنظيم للوضع النقدي في البلاد والذي جرى نشره في الجريدة الرسمية أم القرى في عددها رقم 160 وتاريخ 13 رجب عام 1346 وتضمن العديد من المواد التي رسمت السياسة النقدية للدولة في ذلك الوقت وبعد صدور هذا النظام النقدي الجديد أصبح لزاما على الجميع التعامل بالعملات السعودية ونبذ ما سواها من عملات وبعد ذلك صدرت عملات معدنية وفضية من نفس الفئات عام 1348 واستمر الوضع حتى توحيد البلاد عام 1351 تحت مسمى المملكة العربية السعودية.

بعد توحيد المملكة العربية السعودية استمر سك العملات المعدنية والفضية والذهبية وفي عام 1371 تقرر إنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي حتى تتولى الإشراف على تنظيم سك وتداول العملات السعودية ثم كان بداية ظهور العملات الورقية وهي ما كانت تعرف بإيصالات الحجاج واستمر الحال حتى وفاة الملك عبدالعزيز رحمه الله.