بقلم: د. سونيا بنت أحمد مالكي

تسلط المشاريع التنموية الكبرى التي تتضمنها رؤية 2030 الضوء على جهود المملكة نحو التنويع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وتعد الجوهر المحوري لهذه الرؤية، وهي تعبر عن الشخصية الحضارية للمملكة العربية السعودية ولميراثها العقدي والثقافي التليد الذي يشكل خاصية مميزة للمسيرة السعودية في جميع أطوارها، وهو ما أكده سمو ولي العهد في حديثه لمجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية بقوله: “مشاريعنا الضخمة إبداعية وإضافة جديدة للعالم، ولا نسعى لتجارب مستنسخة، دولتنا قائمة على الإسلام وعمليات التحديث تراعي ثقافتنا ومعتقداتنا”. ويرى سموه أن الكثير من المشاريع التي تقام في المملكة تعد فريدة من نوعها، فهي مشاريع ذات طابع سعودي، فإذا أخذنا العلا على سبيل المثال، فهي موجودة في السعودية فقط، لا يوجد أي نموذج مثلها على هذا الكوكب. وإذا أخذنا أيضا على سبيل المثال مشروع الدرعية، فهو أكبر مشروع ثقافي في العالم، ويعد فريدا من نوعه. لذا فإن عمليات التحديث والإصلاح والتطور التي تشهدها المملكة والمشاريع الكبرى في ظل الرؤية، تمثل رغبة داخلية قائمة على الإبداع لا الاستنساخ.  

وقبل أن نتحدث عن تلك المشاريع… علينا أن نتعرف على الرؤية من واقعنا السعودي الوطني المعاصر ومن خلال التجربة السعودية فهي الحلم الذي نسعى إلى تحقيقه… والأمل الذي نراه صعبًا لكنه ممكن.. وهي أيضًا الخطة أو خريطة الطريق التي نسعى إلى تحقيقها بكل ما تتضمنه من مشاريع وبرامج وآمال بالعزيمة والتصميم والإرادة.. إنها عملية استشراف للمستقبل الواعد الذي نرسم معالمه معًا لتنعم به أجيال الحاضر والمستقبل ويزهو به الوطن.. فالرؤية إذن حلم قائد وأمل شعب وخطة عمل طموحة نحو المستقبل الواعد.

ومن أبرز المشاريع الكبرى التي تسلط الضوء على جهود المملكة وتعكس التنويع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في ضوء رؤية في 2030 التي يعتبر سمو الأمير محمد بن سلمان مهندسها الأكبر ومايسترو منظومتها التنموية الكبرى:

1– مشروع تطوير خدمات الحج: تحقيقًا لأهداف الرؤية، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ أجهزة الدولة للبدء في خطوات جادة نحو استيعاب الأعداد الكبيرة من الحجاج والمعتمرين؛ عن طريق تسهيل إجراءات طلب التأشيرات وإصدارها، وتطوير الخدمات الإلكترونية المتعلقة برحلات الحجاج والمعتمرين، والعمل على زيادة الطاقة الاستيعابية لمنظومة الخدمات المقدمة لهم من نقل وإقامة وإعاشة، وتوفير الخدمات وسبل الراحة لهم وعائلاتهم ليستمتعوا برحلة متكاملة، والارتقاء بجودتها، والتأكد من رضاهم عن هذه الخدمات.

2– مشروع نيوم: المشروع السعودي الأول لمدينة جديدة مخطط بناؤها كمدينة عابرة للحدود، أطلقه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي. ويقع المشروع في أقصى شمال غرب المملكة، ويشتمل على أراضٍ داخل الحدود المصرية والأردنية، حيث سيوفر العديد من فرص التطوير بمساحة إجمالية تصل إلى 26.500 كم2، ويمتد 460 كم على ساحل البحر الأحمر. ويهدف المشروع ضمن إطار التطلعات الطموحة لرؤية 2030 بتحويل المملكة إلى نموذجٍ عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة، من خلال التركيز على استجلاب سلاسل القيمة في الصناعات والتقنية داخل المشروع وسيتم الانتهاء من المرحلة الأولى لـ «نيوم» بحلول عام 2025م. تم دعم المشروع من قبل صندوق الاستثمارات العامة السعودي بقيمة 500 مليار دولار، والمستثمرين المحليين والعالميين.

3 –مدينة (ذا لاين): مدينة المستقبل والتنمية الحضرية، وما يجب أن تكون عليه مدن المستقبل، وجعلها تتمحور حول الإنسان، لتمثل نموذجًا عالميًا رائدًا يحقق الاستدامة ومثالية العيش بالتناغم مع الطبيعة.

4– مشروع تروجينا (نيوم): وجهة جبلية تتكامل فيها مناظر طبيعية ساحرة مع أنشطة فريدة.

5– مشروع القدية: تقع القدية جنوب غرب العاصمة الرياض، وتعّد الأولى من نوعها في العالم بمساحة تبلغ 334 كيلو متراً مربعاً، بما في ذلك منطقة سفاري كبرى. وستكون جهة عالمية مميزة لأكثر التجارب ابتكارًا وتنوعًا في مجالات الترفيه والفنون.

6-مشروع بوابة الدرعية: مشروع الحفاظ على جوهرة المملكة وجعلها العاصمة الثقافية التراثية. ويهدف المشروع إلى استقطاب 27 مليون زائر محلي ودولي بحلول عام 2030 والذي يعد دعماً للاستراتيجية الوطنية للسياحة.

7–مشروع تطوير العلا: تضم منطقة العلا معالم تاريخية إنسانية غير مستكشفة يتجاوز عمرها 200 ألف عام، وفيها كذلك مدينة “الحِجر” النبطية القديمة، التي سُجلت بوصفها أول موقع تراث عالمي لليونسكو في المملكة العربية السعودية، ومملكتا لحيان ودادانالأثريتان اللتان ساهمت نصوصهما المكتشفة في تطوير اللغة العربية، إضافة إلى “العلا القديمة” التي كانت تعد نقطة استراحة للحجاج منذ عام 1100م.

8- مشاريع القطارات: (قطار الحرمين الشريفين- مترو الرياض – مشروع قطار الجبيل – قطار العلا – مشروع قطار الدمام الجبيل). وتهدف هذه المشاريع إلى توفير وسيلة مواصلات آمنة ومريحة وتسهيل حركة النقل للموظفين.

9– مشروع روشن للإسكان: روشن شركة تطوير عقاري وطنية وأحد المشاريع الكبرى التابعة لصندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية، ويرأس مجلس إدارتها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود. وتهدف روشن إلى تطوير أحياء سكنية بمعايير عالية الجودة تتناسب مع تطلعات المجتمع السعودي. وتشمل تلك المجتمعات مناطق: الرياض -مكة المكرمة -عسير-الشرقية ومحافظتي جدة والخرج.

10– الرياض الكبرى: من أبرزها حديقة الملك سلمان مشروع الرياض الخضراء- مشروع المسار الرياضي – المنطقة الترفيهية – المنطقة الرياضية – المنطقة البيئية – منطقة وادي السلي- منطقة متنزه الكثبان الرملية – مشروع الرياض آرت.

11– مشروع وسط جدة: من أبرز المشاريع التنموية في «رؤية المملكة 2030»، الهادفة إلى إعادة تطوير الواجهة البحرية بكورنيش جدة وتحويلها إلى منطقة حيوية ووجهة سياحية وسكنية وتجارية من خلال تهيئة بيئة جاذبة تسهم في تطوير المحافظة ودعم الطموحات لأن تصبح ضمن أفضل 100 مدينة على مستوى العالم.

12– مشروع أمالا: يهدف إلى خلق ونهوض اقتصاد أكثر استدامة من خلال تطوير تجارب سياحية عامرة بالأنشطة المسلية. والحديثة. وتجمع أمالا بين الفن والثقافة والصحة البدنية بنمط حياة طبيعي.

13– مشروع السودة للتطوير: فوق أعلى قمة في المملكة العربية السعودية، وبارتفاع يصل لأكثر من 3000 متر عن سطح البحر، تأتي شركة السودة للتطوير لتكون محركاً لقطاعي السياحة والترفيه ومحفزاً للنمو الاقتصادي في منطقة عسير.

14– مشروع البحر الأحمر: يُعد مشروع البحر الأحمر، مشروع السياحة والضيافة الأكثر طموحًا ويعدّ وجهة سياحية فاخرة يجري تطويرها حول أحد كنوز الطبيعة الخفية في العالم. وسيصبح مشروع البحر الأحمر الأوّل من نوعه في الشرق الأوسط من حيث تكامله بين المنتجع الترفيهي ومتعدّد الاستعمالات. وقد تم تصميم المشروع بتركيز على جوانب التراث والثقافة والحفاظ على البيئة.

15– مشروع محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية: يولي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز هذا المشروع أهمية كبرى، لما للمساجد التاريخية من مكانة عظيمة في الدين الإسلامي، إضافة إلى أنها أحد أهم معالم التراث العمراني الحضاري، ولأصالة طابعها المعماري، وما تمثله المساجد المشمولة بالبرنامج من عمق تاريخي وثقافي واجتماعي.

16– مبادرة الشرق الأوسط الأخضر: تؤكد مبادرة الشرق الأوسط الأخضر على التزام المملكة العربية السعودية بجهود الاستدامة الدولية، وتسهم في زيادة قدرات المنطقة على حماية كوكب الأرض من خلال وضع خارطة طريق طموحة ذات معالم واضحة تعمل على تحقيق جميع المستهدفات العالمية.  

17– مشروع سكاكا للطاقة الشمسية: مشروع محطة سكاكا للطاقة الشمسية الكهروضوئية في منطقة الجوف، هو أحد مشروعات الطاقة المتجددة التابعة لوزارة الطاقة، وأول مشروعات برنامج خادم الحرمين الشريفين للطاقة المتجددة.

18– البرنامج الوطني للطاقة المتجددة: برنامج متكامل لزيادة حصة الطاقة المتجددة المستدامة من إجمالي مصادر الطاقة في المملكة العربية السعودية. وتشمل: محطة تحلية بتقنية الامتصاص، مصنع إنتاج الألواح والخلايا الشمسية ومختبر الموثوقية، مفاعل الأبحاث منخفض الطاقة، مشروع تحلية المياه المالحة باستخدام الطاقة الشمسية

19-القمر الصناعي شاهين سات: جيل جديد من الأقمار الصناعية صغيرة الحجم ذات الكفاءة العالية. ويتضمن المشروع الذي تم إطلاقه العام الماضي حمولة تلسكوب بدقة فائقة للتصوير، وحمولة تتبع السفن البحرية، ويتميز هذا القمر الذي تم تطويره وتصنيعه خلال فترة زمنية قصيرة بدقة تصوير تصل إلى 0.9 متر، ووزن لا يتجاوز 75 كيلوغراما، وأبعاد تصل إلى 56 * 56 * 97 سم

20– برنامج الجينوم السعودي: يعد برنامج الجينوم السعودي أحد مشاريع رؤية السعودية الرائدة لدعم التحول الوطني لاقتصاد قائم على الابتكار ضمن رؤية 2030، ويهدف المشروع إلى الحد من الأمراض الوراثية باستخدام تقنيات الجينوم المتقدمة، مما يساهم في تحسين جودة الحياة والرعاية الصحة للمجتمع السعودي.

هذه المشاريع ليست سوي نماذج للمشاريع العملاقة التي تضمنتها رؤية 2030، نستذكرها ونستعرضها معًا في ذكرى يومنا الوطني.. ونتذكر قول عراب الرؤية سمو الأمير محمد بن سلمان “همتنا مثل جبل طويق” و”طموحنا عنان السماء”. هذا اليوم الذي تضخ فيه دماء القوة والفخر وتتجدد فيه روح الشغف والانتماء.

وسيظل يومنا الوطني ناقوسًا يدق في ذاكرتنا الوطنية، وشاهدًا على عظمة هذا الكيان الشامخ، وملحمة لما تحقق ويتحقق من إنجازات على أرض الواقع تضع المملكة العربية السعودية في المكانة التي تستحقها بين الدول الأكثر تقدمًا في العالم.