الطائف المدينة الجميلة بطبيعتها الخلابة وأجوائها المعتدلة، مما جعل أسماءها متعددة بتعدد سماتها الجمالية، فهي الطائف المأنوس وأحلى المصايف ومدينة الورد وعروس المصايف ومصيف الملوك خاصة في العهد السعودي الزاهر من بداية حكم المؤسس الملك عبد العزيز –طيب الله ثراه– إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، وبإشراف أمير المنطقة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي خصّص لها المشاريع التنموية الكبرى حتى أصبحت تُسمى (دلوعة الغيم) كما وصفها أحد الشعراء، وهي مرتبطة تاريخياً بمكة المكرمة؛ لأنها البوابة الشرقية للعاصمة المقدسة، وقد قدّمت الكثير من الشعراء المخضرمين من العصر الجاهلي إلى عصرنا الحاضر، والكل يعلم أنها موطن الفصاحة والبلاغة التي احتضنت طفولة النبي –صلى الله عليه وسلم– في بادية بني سعد، كما أن وجود سوق عكاظ يعطيها قوة لغوية أدبية؛ لأنه أكبر سوق تجاري أدبي تباع فيه السلع وتعقد فيه المناظرات الشعرية والنثرية، أما سكان الطائف –كما ذكرهم ياقوت الحموي في معجم البلدان– فهم: ثقيف، وجماعات من قريش، وهذيل، وهوازن، وبنو عدوان وغيرهم، وذكرت المصادر القديمة ومنها معجم البلدان أن سبب تسمية الطائف بهذا الاسم هو سور بناه أبناء قبيلة ثقيف حولها حتى ضُرب به المثل، وقال فيه الشاعر:

كما أمتنعت بطائفها ثقيف

منعنا أرضنا من كل حي

ويصف أمية بن أبي الصلت ذلك السور بقوله:

يُقارع الأبطال عن بنينا

نحن بنينا حائطا حصينًا

وتميّزت الطائف بمزارعها وفواكهها المتنوعة، لذلك قال محمد بن عبد الله النمري يصف أخت الحجاج بالترف والنعمة:

ومصيفها بالطائف

تشتو بمكة نعمة

ومن أبرز شعرائها في العصر الجاهلي:

أمية بن أبي الصلت ذكره الجاحظ وابن سلام وابن قتيبة، وقال عنه لويس شيخو هو:
(شاعر مشهور من شعراء الطبقة الثانية، وقيل الطبقة الأولى، وكان من رؤساء ثقيف وفصحائهم المشهورين، قرأ الكتب القديمة وتهذّب أحسن تهذيب)، وقال في عتاب ابنه:

تعل بما أحني عليك وتنهل

غذوتك مولودًا وعلتك يافعًا

لشكواك إلا ساهرًا أتململ

إذا ليلة نابتك بالشكو لم أبت

ومنهم ذو الأصبع العدواني، حرثان بن محرث بن ثعلبة، عدَّه صاحب الأغاني من كبار الحكماء ومن أهل الأدب الذين ملكوا زمام الشعر والنثر، ومن قوله في الحكم:

وإن تخالق أحيانًا إلى حين

كل امرئ راجع يومًا لشيمته

وآخرون كثير كلهم دوني

عندي خلائق أقوام ذوي حسب

أما دريد بن الصمة فارس قبيلة هوازن فقد جعله ابن سلّام أول الشعراء الفرسان، وقال عنه أبو عبيدة: (كان دريد بن الصمة سيد بني جشم وفارسهم وقائدهم، وكان مظفراً ميمون النقيبة …)، وهو القائل:

متاعٌ كزاد الراكب المتزود

أعاذلتي كل امرئ وابن أمه

غويت، وإن ترشد غزية أرشد

وهل أنا إلا من غزية إن غوت

هذه هي الطائف التي تزخر بالشعراء والأدباء منذ القدم، وسأحاول أن أرصد شعراءها في العصرين الجاهلي وصدر الإسلام بمقالات قادمة بإذن الله.

*كاتب من السعودية

تويتر : D_saloom11@