مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

أحمد الوارث* علينا اليوم قضاء مآرب مستعجلة تهم الأبناء … رد الزوج، بصوت مب …

درس في المحادثة​​​​

منذ 3 سنوات

572

0

أحمد الوارث*

علينا اليوم قضاء مآرب مستعجلة تهم الأبناء 

رد الزوج، بصوت مبحوح: إني على عجلة من أمري، ومزاجي ليس على ما يرام.

أجابته زوجته بنبرة فيها خوف ورجاء: استر يا رب، ما الخطب؟

قال: وصلتني رسالة من الحارس أشار علي فيها بعدم التأخر في الحضور إلى المؤسسة؟

ــ تساءلت، وهي تعد الفطور: ماذا تقول؟ الحارس؟! وما علاقة هذا الرجل بأخبار الإدارة ..؟! اشرب قهوتك، قبل أن تبرد.

رشف الرجل من كأسه قليلا، وقال: إن الحراس حينما يُحضرون المشروبات إلى المكاتب يحملون معها من الأخبار من لم يتزود بها رؤساؤهم قبلهم .. وعلى كل حال، أنا أدرى..

ابتلعت استفزازه مع لقمة من طعام، ثم قالت: أجل .. أجل، وهذه مناسبة لأذكرك، يا سيدي، أنني آثرت بيتي على نفسي في هذه المسألة بالذات، بيد أنني لن أكرر الخطأ مرتين، سأتقدم هذه السنة للمباراة.

قال، دون أن يرفع عينيه: قرأت سابقا لأحدهم: ثلاثة لا تطل الحديث معهم، أولهم من يتلذذ بتعكير مزاجك .. أنا ذاهب ..

ــ يا سلام، يا سلام، قالت معقبة: لا أذكر أني أستيقظ في كل يوم بهدف أن أثير أحدا ..

تجاهل كلامها، أو ربما لأنه كان بدأ النزول على السلم فلم يسمع .. بينما انصرفت المرأة لتحدث أختها في أمر مآربها، فهي تملك سيارة ..

نجحت في ذلك، وكان المشوار شاقا، رغم ذلك لم تنس في طريق العودة أن تترك لزوجها رسالة صوتية، تسأله عما جد من الأخبار، ختمتها بقولها: قل لي هل ستتمكن من الحضور للغذاء؟

كان جوابه بالنفي، ثم أضاف: لعلمك لقد صدق الحارس، ثمة دورة تفتيشية ستشمل مؤسستنا.

عند إحدى الإشارات الضوئية، طلبت من أختها أن تتوقف، وقد اعتلت وجهها صفرة مفضوحة، ثم كتبت رقم هاتف زوجها، ومشت بهدوء في اتجاه المقهى المقابل، تريد أن تتحقق من أمر أثارها، وهي تكلمه، حتى وقفت في مكان، حيث يراها وتراه، فلما رفع عينيه إليها، انصرفت.

أسرع الخطى، ليلحق بها، فلما أدركها، قال: لا تغضبي .. سأشرح لك ..

ردت وهي تتصنع الهدوء: من قال لك أني غضبت؟ أريدك أن تتذكر، فقط، أنك في الصباح كنت كما الأسد، فانظر الآن؛ تقلص حجمك .. صرت صغيرا؟

في المساء عاد الزوج، وفي يده هدية، يريد أن يصالحها، قال وهو يقدمها إليها: سامحيني، أعترف أني أخطأت .. المسامح كريم .. وكلام لين كثير ..

في الوقت نفسه رن هاتف الشاهدة على ما وقع، لتسأل أختها عن الأحوال، فلما حكت لها القصة، ضحكت وقالت: عسى أن تكون الهدية ثمينة .. هذا جميل جدا.

ردت عليها بسرعة: أين الجمال في هذا ..؟! أنا لا أراه، لا .. يا أختاه، إذا كان يمكننا أن نشتري بالمال دواء، فلا يمكن أن نشتري معه راحة البال، كما يمكن أن نشتري كل شيء ولكن هيهات هيهات .. إن السعادة لا تشترى.

هل كان هذا هو جوابك عليه يا مجنونة؟ سألتها أختها.

لا ليس تماما، وإنما قلت له: حتى وأن سامحتك مرات، عليك أن تعلم أن الثقة تمنح مرة واحدة .. واحدة، فقط.

فعقبت عليها قائلة: أشفق عليك، وأرجوك أن تشفقي على حالك .. اسمعي وصية من أختك الكبرى، في مقام والدتك: اتركي، دوما، هامشا للخيبة، بل هوامش إن أمكن، وأمكنة فارغة لاستيعابها أيضا ..

في الصباح الموالي أدركها الزوج منهمكة فيما اعتادت عليه.. حاول أن يمازحها، فسقط الإناء من يدها وانكسر. التفتت إليه، وقالت: لا عليك … يا سيدي؛ كل الخسارات تعوض إلا الوقت الذي يضيع من المرء يحسب نفسه فيه سعيدا وهو واهم

كان الراوي يحكي هذه الحكاية بتأثر كبير، وأنا أستمع إليه بإمعان، حينما أنهى كلامه، قلت في نفسي متنهدا: كم هو محظوظ هذا الرجل.

*كاتب من المغرب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود