72
048
085
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
12010
010738
010252
09136
57732
0عادل النعمي*
وضعت شمعة سوداء أمام المرآة، أشعلت بخورًا دوسريًا أطفأت الأضواء، وفي ذات الوقت وضعت جهازين للموسيقى، كل واحد في طرف من الغرفة، أحدهم يتناغم بموسيقى حزينة، والثانية بموسيقى فرحة!
لوحت لانعكاسي في المرآة فلم يلوح!
ابتسمت: اسمي دوجين…
لم يرد! بعدها شعرت بنفحة نعاس، كأنها هبت على روحي من مكان قصي، أصابتني رغبة شديدة أن أضع يدي على المرآة، وحين وضعت يدي ابتلعتني.
بدوت صغيرًا أمام تلك الصورة التي كانت لي، أصبحنا اثنين! مد يده ليصافحني كان عملاقا جدًا، ورفض الانحناء، حجمي بحجم أصبعه الكبير، اصابتني تلك الرغبة من جديد، وكأنها توجهني ماذا أفعل!
تسلقته ودخلت من خلال عينه اليسرى، شعوري ذلك الوقت يشبه إحساس الأعمى الذي اعتاد أن يقتاده أحد ويدله على الطرقات، ثم فجأة أصبح بصيرًا، يا للفرح!
رأيت عالمي الكبير يبدو صغيراً، أحدهم يشبهني له قرنين من طرفيهما تسيل الدماء، تسير خلفه الرغبات والأحلام، مكتوفة اليدين، مشبعة بالحنين، وسط ضجيج من الضحك والبكاء.
أفزعني المنظر جداً جدًا، فهربت بكل اتجاه، وفي الحقيقة تقسمت إلى عدة أرواح! حلقت في دائرة ثم سمعت دويًا عظيمًا، انتهى بتصفيقة يدين، جعلت من أرواحي تتصادم في الوسط، لتقفز من جوف ذلك العملاق!
صرخت بعاصفة حركت الأرض من مستقرها ـوجعلتها تدور بالعكسـ لكن لم أسمعه إلا داخل نفسي!
هبطت على الأرض كطائر، ولكن دون قدمين! نظرت حولي… لا شيء يؤثث المكان غير البياض، وإضاءة مجهولة استفحل داخلها السطوع، سطوعُ هادئ يجسد أكبر فكرة عن الصمت.
زحفت وبت أحس بأجنحة تدفعني للتحليق، ضربت بيدي على الأرض فطرت ولكن كورقة مجنونة تلاعبت بها ريح عاصفة.
يا للهول…
المكان به أيامي، بجانب بعضها تغفو ليلة بعد ليلة، في ممر طويل، مظلم يشبه الموت الذي يمد لسانه نحونا دون أن نعلم أسراره، اقتربت من أيامي وجعلت أشاهدها، كان حجم الحزن الذي بوجهها يفوق كل اكتراث.
لما أبالي…
نظرت إلى ذلك الرجل الضخم الذي يشبهني، بنظرة حقيقة (لنفسي) فأصبحت نظرتي كالصاعقة بددته في الهواء، تحول بعدها -دخان فضي- ثم ذاب في الأرض وسال نحوي، ليصبح ظلي!
في الركن اكشفت ضوء منعكس، اقتربت فإذا هي كسرة مرآة مثبتة، حاولت لمسها فتحول المكان كله إلى مرايا، مرايا فيها أنا وألف ألف شبيه لي! نغرق في بحر كبير ولا نموت مشهد يحبس الأنفاس…
مر بقربي رجل عجوز بطيء الخطى، توقف وأشعل سيجارة، ثم واصل خطواته وهو ينظر إلي مبتسمًا بسخرية.
هرعت إليه وطلبت ولاعة، مدها إلي، فأشعلت النار بنفسي وأعدتها إليه، ربت على كتفي ومشى في طريقه، متمتما بكلمات غير مفهومة لأغنية حزينة، للتو أعلنت أول الشتاء.
تطايرت مني النار، فتحول ظلي إلى (أنا آخر) رشني بالماء، وعينيه تشعل غضباَ وهو يشتمني! حلقت حولي كوابيس انفلتت من رأس شرير، كان في قعر جهنم منذ ألف عام!
جلست على الأرض…
قال لي (أنا) وماذا بعد.
قلت له وأنا أقف وأزيل عن مؤخرتي بقايا الغبار بضربات متتالية.
دوجين يدفع صخرة سيف إلى الأبد.
*كاتب من السعودية.
التعليقات