مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

مهدية دحماني* صباحات العالم أشرقت حين هلّ فجره ..كان فجرًا يحمل معه أماني البشر …

ليلة بدونه

منذ سنتين

140

0

مهدية دحماني*

صباحات العالم أشرقت حين هلّ فجره ..كان فجرًا يحمل معه أماني البشر وتفاصيل كل أحلامهم ..هلّ عليها مشرقًا كانت تخشى علومه وعالمه الدخيل عنها فهي من زمن متفاوت عن أزمنته … تهاب العبور إليها ..بينه وبينها فجوات زمنية وحضارية ..يزف إليها علوما دخيلة عنها .. أزمنته ممتدة إلى اللامتناهي ..
بعد حين ألفته .. ركبت أثيره ..مارسها بذكائه ..غاصت إلى أغوار معارفه ..أبجدياته وآدابه ..تتزود من موسوعيته..حين تجالسه تمتطي ركب الحلم في رحلة بين الحياة والأمل ..حين تجالسه تقصر المسافات بين الحب والود والتآلف، فتتبدد غربة البشر ..أدركت أخيرا أن الحياة بدونه مستحيلة.
الليلة ..خلدت إلى النوم وحيدة تجترّ عواقب ليلة طويلة عرجاء ..ما أحلك غسق حجرتها..ما زالت تأمل في إشراقته فجأة ..لكنه مصرّ على غيابه ..صامت تشعر من كل ذلك السكون الذي يخيم على غرفتها بالجبل المقابل يبرد وتستشعر أحجار البناية تجزُّ صمتا مرعبا ..تكابر كل ذلك: سأعرج هذه الليلة إلى السحر دونه وحين يهجرني النوم سأرتل آياتي بلساني ..سأردد أذكاري مستغنية عن صوته، وحين يصيبني مسّ من البوح سأعود إلى دفاتري سأستعطف قلمي ..سأعتذر لمداده ليخطّ ظلال خاطرتي كعادته.

احتضنت دفاترها المُهملة منذ أمد بعيد .. حاولت رسم كلمات مرهفات لكن حروفها تصلبت عند حواف بنانها ..تنكّر لها مداد القلم ..يئست من نبوغ قلمها ..شجن رهيب يغمر جوارحها من صمته المفاجئ صمت جرف هذه الليلة ضياء النافذة التي اعتادت مواساتها عن بعد الأحباب ..ما أظلم سحنته إلى جوارها ..تلتفت إلى (الكومودينو)عند رأس السرير ..خامد هو مظلم هو على الحافة ..تأكدت أنه ليس خللا في البطارية ..لقد احترقت شاشة الجوال.. صمتَ.. صمتَ.. صمتَ مُظلمَ القسمات..وأدركت مرة أخرى أنها صارت من جيل مُرقمن.. محصورة داخل نطاق الرقمنة.

*كاتبة من الجزائر

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود