مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

فاطمة الجباري* بعيدًا عن كل ما أزعجني في العيد… من العايدين والفايزين، وكل عام و …

لا تُفسدوا فرحة العيد

منذ أسبوعين

81

0

فاطمة الجباري*

بعيدًا عن كل ما أزعجني في العيد…

من العايدين والفايزين، وكل عام وأنتم بخير!
كلمات نرددها بكل حب،
لفرحةٍ تأتي بعد شهرٍ كريم،
شهرٍ غمرت فيه الأرواح بالطمأنينة،
وامتلأت فيه القلوب بأنوار الطاعة،
وأنصتت فيه النفس لصوت السماء.

التقينا بأرواحنا بعد غياب عام،
عامٍ حمل بين أيامه منغصات، والتزامات،
وذكريات، ومواقف، وروتين حياة لا ينتهي…

لكنّ رمضان مرّ،
فعمّر أوقاتنا بذكر الله،
نفضنا عن مصاحفنا غبار الغفلة،
وعن أرواحنا خمول الطاعة،
وعن سجاداتنا غياب السجود،
فصلينا صلاة الراحة، وبكينا من خشية الله،
وذرفنا الدموع حياءً وطمعًا في رضاه…

ارتفعت الأكفّ بالدعاء،
وبتضرع القلب قلنا:
اللهم تقبّل، اللهم أعتق رقابنا ووالدينا والمسلمين والمسلمات من النار…

ثم أتى العيد…
فرحة الطاعة، وفوز المجتهدين،
فرحة اللقاء، وفرحة الأحبة،
فرحة من تلاقوا رغم بُعد المسافات،
وفرحة من صبروا فجازاهم الله بالبِشر.

العيد
لبس جديد، وزيارة أحباب،
ضحكات أطفال، ومصافحات قلوب،
هو فرحة المجتهد بعد النجاح،
وفرحة الظمآن حين يلامس الماء شفتيه.

إن يوم العيد…
ليس مجرد مناسبة،
بل تشريع من الله للفرح،
فرصة لأن نحيا بالسرور،
ولذلك قال رسول الله ﷺ:
“لتُظهروا فيه السرور، والفرح، واللهو المباح.”

فلا تُفسدوا فرحة العيد بالشحناء،
ولا بالجفاء، ولا بكلمات تثقل القلب وتكدّر الصفو.
املأوا أعينكم من أحبّتكم… قبل أن يفرقكم الزمن،
تغافلوا عن الصغائر، فالوقت لا يعود،
وغدًا… يفترق الركب،
وتصل سفينتنا إلى مرافئ الرحيل الأخيرة.

العيد
للتسامح، للتواصل، للتزاور…
لإحياء شعائر الله وتعظيمها،
لا للنقد، ولا للتعليقات السامجة:
سمنتَ، شيبتِ، ما شفناك، نسيتونا…
دعوا هذه الكلمات،
ولا تسرقوا فرحة أحد،
فلعل قلبه متعب، وروحه منهكة…

عيّدوا دون عتاب.

قال ابن القيم رحمه الله:
سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول:
“العارف لا يرى له على أحد حقًّا، ولا يشهد له على غيره فضلًا؛
لذلك لا يعاتب، ولا يطالب، ولا يضارب.”

كونوا منصّات للفرح،
دعوا الحزن جانبًا،
ادفنوا مواجعكم في مقبرة النسيان،
وأهيلوا عليها تراب التغافل والعفو.

تعالوا بثياب جديدة، وقلوب مجدّدة،
كأنكم أتيتم من عالم لا يحمل وجعًا،
ولا يعرف الحزن طريقًا.

لا تُفسدوا أعياد أحبتكم بعبارات ثقيلة:
• لا نراكم إلا بالأعياد!
• ما هذه القطيعة؟
• أشغلتكم الدنيا؟
• أين أنتم؟ نسيتونا؟

بدلًا منها، قدموا الترحيب،
قولوا: اشتقنا لكم، منوّر العيد بوجودكم، الله لا يحرمني منكم…
اجعلوا اللقاء ذكرى يتمنى الآخرون أن تتكرّر.

لا تذكروا الأحفاد بخلافات الأجداد،
لا تنتقدوا، لا تعاتبوا،
ولا تُبدوا ملاحظات عن ثياب أو ملامح أو عادات.

العيد جماله في البهجة لا في المقارنات،
في اللقاء لا في الشكوى،
في المحبة لا في المحاسبة.

عيدكم مبارك…
ولا تُعكّروا صفوه على أبنائكم،
ولا أزواجكم، ولا والديكم، ولا إخوتكم.
من استطاع أن يتغافل، فليتغافل،
ومن قدر أن يُفرح، فليُسعد…

العيد فرحة…
فلا تفسدوها بالجدال،
ولا تُثقلوا القلوب باللوم،
ولا تمنحوا الشيطان بابًا يدخل منه،
بل اغلقوا كل النوافذ التي تسرق المودة.

صلوا القطيعة،
ابحثوا عن الأعذار،
قولوا كلمة طيبة،
فهي صدقة،
وامسحوا دمعة،
فهي عبادة،
واسامحوا،
فالمسامحة جبرٌ للقلوب.

أسعدوا من حولكم،
وكونوا سببًا في أن يكون العيد… عيدًا بحق.

عيدكم مبارك،
وأيامكم طيبة بذكر الله ووصال أحبتكم.

وقد قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
“العيد هلّل في ذُراك وكبّرا
وسعى إليك يزف تهنئه الورى”

* كاتبة سعودية

الكلمات المفتاحية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود