مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

أبو حماد الأنصاري* الحمد لله الذي جعل من المودّة والرحمة بين الأزواج آية من آيات …

في حضنِ المودّةِ والرّحمة

منذ أسبوعين

29

0

أبو حماد الأنصاري*

الحمد لله الذي جعل من المودّة والرحمة بين الأزواج آية من آياته، فقال سبحانه: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ والصلاة والسلام على من كانت بيوته مثالًا للرحمة والتفاهم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
إن العلاقة الزوجية في الإسلام ليست مجرد شراكة حياتية، بل هي عبادة، وميدان تتجلى فيه أجمل صور الإنسانية، تقوم على المودّة والرحمة، وهما الركيزتان الأساسيتان في بناء أسرة مستقرة ومجتمع متماسك.
فالمودّة لا تعني فقط الحب العاطفي، بل تتجلى في أفعال يومية من العناية والرعاية والاحترام، تجعل من كل لحظة مشتركة بين الزوجين دفئًا يُحتذى به. أمّا الرحمة، فهي الروح الحقيقية للعلاقة، التي تحوّل الخلاف إلى فرصة للتفاهم والتسامح.
وقد قال الله تعالى في وصف خلق النبي الكريم:
﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾
(آل عمران: 159)
فكيف بنا إن اتخذنا هذا الخُلق نهجًا في بيوتنا؟!
من صور المودّة في الحياة الزوجية أيضًا التهادي، فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“تهادوا تحابوا”
فالهدية مهما كانت بسيطة تُحيي المشاعر الطيبة. ولأن البيت هو اللبنة الأولى في بناء المجتمع، فلا بد أن يكون بيئة يسودها السلام والسكينة.
قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾ (النحل: 80)
وما أجمل أن يكون دخولنا لبيوتنا مشفوعًا بالتحية والبركة، كما علمنا رسول الله ﷺ:
“يا بني، إذا دخلتَ على أهلك، فسَلِّم، يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك” (الترمذي)
وفي الآية الكريمة:
﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾ (النور: 61)
فكل هذه الآداب تمنح البيت سكينة من السماء وبركة في الأرض.
ولا تكتمل هذه البركة إلا بذكر الله والصلاة في البيوت. فقد قال ﷺ:
“صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة” متفق عليه
وقال أيضًا:
“اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورًا” رواه مسلم
عندما تسكن المودّة والرحمة في البيت، تنعكس على الأبناء فيرون في والديهم قدوة في التعامل والرفق، فينشأون على القيم الصالحة، وتثمر البيوت رجالًا ونساءً ينشرون الخير والبركة.
وكما قال الشاعر:
أحسِنْ إلى الناسِ تستعبدْ قلوبَهمُ
فطالَما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ

لذا، فإن اللطف في المعاملة بين الزوجين ضرورة، تضمن دوام العلاقة بقلوب راضية ونفوس مطمئنة. قال تعالى:
“وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ” (النساء: 19)
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يَفْرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر. رواه مسلم.
وما أجمل أن نغض الطرف عن الزلات ونتذكر المحاسن، فإن هذا من تمام المروءة والرحمة.
إن البيت الذي يلهج بذكر الله، ويتبادل فيه الزوجان المودّة والرحمة، هو بيت حيّ نابض بالإيمان، كما في الحديث: مثل البيت الذي يُذكر الله فيه، والبيت الذي لا يُذكر الله فيه، مثل الحي والميت” رواه مسلم.
وهكذا، فإن البيت المسلم حين يُبنى على أساس المودّة والرحمة، يتحول إلى واحة أمنٍ، وسفينةِ نجاةٍ في بحر الحياة، تسير بهدوء وثقة نحو سعادة الدنيا ورضوان الآخرة.

*باحث ومترجم هندي 

الكلمات المفتاحية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود