26
0
62
0
156
0
230
0
98
1
56
0
الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
12028
0
11329
0
10653
0
9655
5
8046
0

سليم السوطاني *
عندما يضع الإنسان حدًا لمجرى حياته، وينهيها بيده، هنا تشتعل الأسئلة التي تبحث عن تفسير ماهية هذه الحالة الغريبة، ويتناوش العقل والأسئلة التي تبحث عن إجابة شافية.
تحت أي ظرف كان يعيش هذا الإنسان؟
ما الذي قاده إلى هذا المصير الصعب؟
من الطبيعي أن من أقدم على هذا الفعل الشنيع ليس في كامل وعيه وإدراكه، ولا يبدو في أحسن حال.. لم يقتل نفسه وهو يعي تمامًا فداحة هذا الأمر!
في هذه المقالة، التي تحاول سبر أغوار هذه الحالة، لن أتناولها من جانب مَرَضيٍّ نفسي، فبحسب ما نقرأ من تفسيرات لمثل هذه الحالات، أن المنتحر أقدم على ذلك تحت وطأة اكتئاب حاد.. سأنطلق بدافعٍ فضولي، وأطرح سؤالًا ثالثًا، ربما يكون حالة رصد لشعور هذا الفرد، وهو: كيف قضى آخر شهر قبل إزهاق روحه؟ وكيف كانت تصرفاته ومشاعره وطبيعته؟
من الإجابة على هذا السؤال ربما نصل إلى مؤشرات، سواء أكانت خفية أم واضحة توضح أنه كان يسير بنفسه في طريق الهلاك.
بعض الناس يرون أن السبب أو الدافع إلى هذا الفعل العصيب مربوطٌ بآخر سبب حدث قبل وقت الانتحار بساعات، ويعدونه الدافع الحقيقي.. وأنا أخالف هذا الرأي، وأرى أن الإقدام على هذا الأمر ليس وليد ساعات، أو لسبب واحد، وإنما دوافعه أسباب كثيرة نمت داخل نفسه، وتفرعت حتى تمكن اليأس في داخله، وتغلغل السقم في أعماق نفسه، وبدأ يكبر حتى سيطر على تفكيره وإرادته، بعد أن تدرج عبر سنوات في هذه الحالة، ووصل الأمر به إلى أن بات لا يعرف نفسه، وأنه أصبح مسكونًا بشخص آخر ينبع من داخله ويملي عليه قراراته، ويدفعه دفعًا نحو هذا القرار المصيري، بذريعة الخلاص، أو أي فكرة أخرى لا نعلم عنها.
عندما يصل الفرد إلى مثل هذه الحالة من سقم ويأس وموت الأمل في داخله، فمهما بلغ من العِلم أو التدين لا يستطيعان أن يمنعاه من الإقدام على هذه الخطوة؛ لأن حالته البائسة جعلته جاهلًا بعظمة الحياة، ومغيبًا عن وجوده، ولم يعد يرَى شيئًا غير طريق الهلاك يتراءى أمامه، ولا مناص للفرار أو التراجع عن هذا الطريق، وربما يخفي الدوافع عن المقربين منه لكي ينفذ مخططه بهدوء، ويسعى إلى التخلص من نفسه المتعبة ومن الحياة التي لم يعد يراها، فيأخذ قراره بصمت مطبق ومن دون إشارة لأقرب الناس إليه بهذا القرار الصادم.
مهما كانت الحياة قاسية، ومهما كانت أمواجها عاتية، والظروف تنهش الأفئدة، والصراعات تعبث بالعقول، يجب على المرء دائمًا ألّا يفرط بالأمل والتفاؤل والتمسك بحب الحياة، وأن كل عتمة حالكة سيأتي بعدها نهار يجلو كل السواد، فمن خلال حب الحياة والتعلق بالبقاء، وطرد رياح التشاؤم، تصبح فكرة الانتحار غير قابلة للدخول على العقل…
أتعاطف كثيرًا مع مثل هذه الحالات ومع المحيطين بها، ولا أملك إلا الدعاء لتلك الأرواح بالرحمة والمغفرة، وحمَى الله البشر من براثن السقم واليأس.
*سليّم السوطاني
التعليقات