112
0
77
0
الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
12018
0
10894
0
10367
0
9243
5
7833
0

ويبدو أن الألعاب المسلية والمضحكة كانت شائعة في القرن السادس الهجري إذ ينهى أبو بكر الأندلسي عن اتخاذ رمضان تسلية وفكاهة، فيقول:
لا تجعلنْ رمضان شهر فكاهة
تلهيك فيه من القبيح فنونهُ
وأعلم بأنك لا تنال قبوله
حتى تكون تصومه وتصونهُ
وذمَّ معروف الرصافي من يقضون فترة المساء في تناول مختلف الأطعمة وكأنهم ينتقمون لجوعهم نهارا، وربما أكلوا في شهر الصيام أضعاف ما أكلوا في غيره، فلا يحققون حكمة الصوم، فقال:
وأغبى العالمين فتى أكول
لفطنته ببطنته انهزام
ولو أني استطعت صيام دهري
لصمتُ فكان ديدنيَ الصيام
ولكن لا أصوم صيام قوم
تكاثر في فطورهم الطعام
فإن وضح النهار طووا جياعا
وقد نَهِموا إذ اختلط الظلام
وقالوا: يا نهار لئن تجعنا
فإن الليل منك لنا انتقام
وناموا متخمين على امتلاء
وقد يتشجئون وهم نيام
فقل للصائمين أداءَ فرض
ألا ما هكذا فرض الصيام
ويقول الشاعر السوري عمر بهاء الدين الأميري ردا على من طلب منه الفطر لأن الصيام يتعبه، وقد بلغ من العمر عتيا:
قالوا: سيتعبك الصيام
وأنت في السبعين مضنى
فأجبت: بل سيشد من
عزمي ويحبو القلب أمنا
ذكرا وصبرا وامتثالا
للذي أغنى وأقنى
ويمدني روحا وجسما
بالقوى معنى ومبنى
ويرشدنا هارون هاشم رشيد إلى أهم القيم الروحية والاجتماعية والإنسانية التي يزودنا بها الصوم، فيقول:
هكذا الصوم فكرةٌ تملأ النفس
فتسمو لعالم الأنوار
هكذا الصوم نشوة تأسر الروح
فتضوي مع النسيم الساري
هكذا الصوم رحمة تغمر القلب
فيحيا بسنة الإيثار
وإذا انتقلنا لاستعراض الصور اليومية المشاهدة في حياة الصائمين وجدنا الشاعر محمد ضياء الدين الصابوني يصور لنا حياة الصائمين اليومية من خشوع وتقوى وذكر وتسبيح، فيقول:
وفي رمضان كم خشعتْ قلوبٌ
بذكر اللهِ، والسـبعِ المثاني
وفي رمضانَ كم غُفرتْ ذنوب
تفتح فيه أبواب الجنان
وما أحلى ليالي الذكر فيه
تبيتُ وأنت موصول الجَنان
وتسبح في معارج من كمال
وتتلو فيه من غُرر البيان
أما محمود حسن إسماعيل فينقل لنا مشهد ترقب الصائمين النداء في رهبة وخشوع فيقول:
جعلت الناس في وقت المغيب
عبيدَ ندائك العاتي الرهيب
وأتلعت الرقاب بهم فلاحوا
كرُكبان على بلد غريب
وحين تمر أيام الشهر الكريم سراعا نجد الشعراء يبدون حسرتهم على انقضاء لياليه مذكرين بضرورة اغتنام ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.. وللشاعر أحمد مخيمر قصيدة جميلة يعبر فيها عن ابتهاج المؤمنين بالشهر الكريم وتمضية أيامه ولياليه في عبادة متصلة انتظار المقدم ليلة القدر:
أنتِ في الدهر غرة وعلى الأرض
سلام وفي السماء دعاء
يتلقاك عند لقياك أهل البر
والمؤمنون والأصفياء
فلهم في النهار نجوى وتسبيح
وفي الليل أدمع ونداء
ليلة القدر عندهم فرحة العمر
تدانت على سناها السماء
في انتظار لنورها كل ليـل
يتمنى الهدى ويدعو الرجاء
وتعيش الأرواح في فلق الأشواق
حتى يباح فيها اللقاء
فإذا الكون فرحة تغمر
الخلق، إليه تبتل الأتقياء
وإذا الأرض في سلام وأمن
وإذا الفجر نشوة وصفاء
ويقول أحدهم في ليلة القدر ناصحا بالمسارعة لاغتنامها قبل موافاة الأجل:
لليلة القدر عند الله تفضيل
وفي فضائلها قد جاء تنزيلُ
فجد فيها على خير تنال به
أجرا فللخير عند الله تعجيل
واحرص على فعل أعمال تسرُّ بها
يوم المعاد ولا يغررك تأميل
فكم رأينا صحيح الجسم ذا أمل
في ليلة القدر لم يبلغه تنويل
فتب إلى الله واحذر من عقوبته
عن كل ما فيه توبيـــخ وتنكيل
ولا تغرنك الدنيا وزخارفها
فكل شيء سوى التقوى أباطيل
وللدكتور عبد الرحمن الأهدل قصيدة يحث المسلمين فيها على المسارعة بالصلاة والذكر واغتنام ليلة القدر:
شهـر الصيام راحـلٌ
رُوحي لمحبوبي فدا
آهٍ لشهر نيِّــــــــر
فيه اهتدى من اهتدى
شهرٍ كروض نضِر
فيه الندى تلوُ الندى
كم راكع في ليله
وكم تراهم سجدا
والكون غنى فرحا
بشهر صوم مذ بدا
وكم وكم من تائب
كم مذنب مد يدا
ثماره قد أينعت
عتقا وعفوا منجدا
وليلة في طيه
فاقت سنينا عددا
فمن تحرى ليلها
نال المنى والسـؤددا
ويقول بدر شاكر السياب بِمناسبة ليلة القدر:
يا ليلةً تفضل الأعوام والحـقبا
هيجت للقلب ذكرى فاغتدى لهبا
وكيف لا يغتدي نارا تطيحُ به
قلب يرى هرم الإسلام منقلبا
يا ليلة القدر يا ظلا نلوذ به
إن مسنا جاحم الرمضاء ملتهبا
يا ليلة القدر يا نورا أضاء لنا
قاع السماء فأبصرنا مدى عجـبا
تنزل الروح رفافا باجنحة
بيضٍ على الكون أرخاهنَّ أو سحبا
وللملائك تسبيح وزغردة
تكاد رناتها أن تذهل الشهبا
وللشاعر عبد الرحمن العشماوي قصيدة بعنوان (أبا العشر الأواخر) يستهلها بالتعبير عن تشوقه للشهر الكريم، ويختتمها بتوجيه اعتذارهلشهر الخير لاستقباله بالدم والدموع مما أصاب الأمة:
عُذرًا – أبا العشر الأَواخر – إننا
نلقاك والدَّمُ والدموعُ سجام
ضمُّوا العراق إلى فلسطين التي
سُلِبَتْ ويُخشى أن تُضَمَّ الشام
والأمة الغراء تمضَغُ ثوبها
وهنا وتلبس ذُلَّها وتنـام
ويأمل الشاعر الإماراتي حسين أحمد الرفاعي في عودة رمضان وقد استعادت الأمة عزتها ورفعتها، فيقول:
أملي كبير أن تجيء وأمتي
قد انجبت للعالم الأبطالا
تأتي وقد سُـدنا البسيطـة كلها
وتبدلت أحوالنا أحوالا
أما الشاعر محمد علي السنوسي فيصف رمضان بأنه أمل النفوس الظامئات وموسم الصيام والقيام والصلوات والدعوات، ويشبه سياحة الأرواح المؤمنة في هذا الشهر العظيم بسباحة أسراب الحمام في الفضاء؛ لأنها تخلصت من الذنوب وتفرغت للطاعة والعبادة والمحبة والسلام فيقول:
رمضان يا أمل النفوس
الظامئات إلى السلام
يا شهر بل يا نهر ينهـل
من عذوبته الأنام
طافت بك الأرواحُ سابحة
كأسراب الحمام
رمضان نجوى مخلص
للمسلمين .. وللسلام
أن يلهم الله الهداة
الرشد في كل اعتـزام
ويعبر الشاعر المصري مصطفى حمام عن لذته وسروره برمضان رغم الحرمان والقيد، ويتحسر على مرور الشهر الكريم كما يمر الحلم بالنائم ويتساءل: هل لنا لقاء آخر يا رمضان؟!
حدثونا عن راحة القيد فيه
حدثونا عن نعمة الحرمان
هو للناس قاهر دون قهر
وهو سلطانهم بلا سـلطان
قال: جوعوا نهاركم، فأطاعوا
خُشَّعًا يلهجون بالشكران
إن أيامك الثلاثين تمضي
كلذيذ الأحلام للوسنان
كلما سرني قدومك أشجاني
نذير الفراق والهجران
وستأتي بعد النوى ثم تأتي
يا ترى هل لنا لقاء ثان؟!
وأختم هذه المائدة الشعرية بأبيات أراها من أجمل ما قيل في وداع رمضان:
أي شهر قد تولى
يا عباد الله عنا
حق أن نبكي عليه
بدماء لو عقلنا
كيف لا نبكي لشهر
مرَّ بالغفلة عنا
ثم لا نعلم أنّا
قد قبلنا أم حرمنا
ليت شعري من هو
المحروم والمطرود منا
لا حرمنا الله وإياكم ثوابه وجنته !!
*كاتب من السعودية
التعليقات