مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

د.صالح باظفاري* 4 -عالمية فنون الغناء البحر من عالم الخوف وإشراقة الجمال تهتف ال …

المعتقدات الدينية عند ربابنة السفن الشراعية – الحلقة (4)

منذ سنة واحدة

722

0

د.صالح باظفاري*

4 -عالمية فنون الغناء البحر

من عالم الخوف وإشراقة الجمال تهتف الصباحات بهمهمات البحارة والصيادين في عالم مليء بالرزق والخيرات عندما يركب الصيادون والملاحون البحر، يصبحون في قبضته؛ ذلك الملك ولا نملك سوى الدعاء لهم بالعودة سالمين، أغنيات أهازيج البحر ليست في الجزيرة والخليج فقط فقد أورد الكاتب “يول ها إيل كي” في كتابه الرحالة والأديب الشهير في عهد مملكة جوسون “بارك جي وون “، يصف فيها رحلة سفينة مسافرة في قلب البحر، ويقول: بالإشارة أن هناك أغنية عنوانها “بيه تا را كي ” أي “السفينة المغادرة”، وهي أغنية ذات لحن حزين يقال للسفينة المغادرة للميناء، ويتم اختيار فتاتين، ومع مجموعة من فتيات اللهو “كيسينغ” ويغنين جميعًا أغنية تسمى “إي بو سا ” التي يغنيها الصيادون، وبمجرد أن تبدأ السفينة في مغادرة الميناء، تغني الفتيات بصوت أعلى قائلات:
“ارفع الشراع. دع السفينة تنطلق… متى ستعود السفينة يا ترى؟
ومن الفنون البحرية والغناء البحري ذات مساحات عالمية، ومن الأهازيج المقارنة لرفع الشراع التي يغنيها البحارة أثناء الإبحار والتجديف ورحلة الذهاب إلى الصيد والعودة منه فهناك أغنية للتجديف تبدأ بقولهم (هي لله شي) ثم يتلو أحدهم أبياتاً مسجّعة قريبة الإيقاع العالمي الذي ذكرناه أعلاه :
ودعتكم بالسلامة يا ضوي عيني
وخلافكم ما طبق جفني على عيني
واعدتني بالوصل لمن حفت عيني

ظليت يا سيدي جسم بلايا روح
قد فر مني العقل وصار الجسم مطروح
كل العرب هودت وأنا خلي الروح
يا نور عيني مثل ما رعاك راعيني

عالميه فنون الغناء البحري
تعد الأغنية الشعبية في الغناء البحري من النشاطات الاقتصادية التقليدية عند ربابنة السفن الشراعية وصيادين المناطق الساحلية، وتعتبر حركة التجارة والثروة السمكية من أهم مصادر الحياه الاقتصادية، وربطت بأعراف وتقاليد اجتماعية نشأوا عليها، كما نتج عن هذين النشاطين موروث شعبي ضخم من التقاليد والعادات التي ما تزال موجوده بيننا إلى اليوم.

علاقة صناعة الأهزوجة بالموسيقى والغناء البحري؟

إن صناعة الأهزوجة البحرية ارتبط بتاريخ الرحلات التي يقوم بها الملاحون والصيادون في الجزيرة و الخليج العربي، كانت من الصناعة الشعرية لذلك الفن ترجمة معاناة الحياة القاسية التي يعانون منها، وتتطلب شدة الشجاعة وصلابة الأعصاب وقوة العضلات في التجديف ونشرع الشراع وكل ذلك من المقومات المساعدة في إنشاء الأغنية البحرية بهذه الصورة الإبداعية كما وصلت إلينا، ومن خلال هذه الرحلات الموسمية تظهر لنا معتقدات دينية في غنائهم وبداية الموسم الصيف من شهر يونيه إلى شهر سبتمبر؛ هنا يتم الاغتراب عن المواطن الأصلية للصيادين والملاحين، ويتم قضاء تلك الأشهر في عمق البحر، كان لزامًا عليهم اصطحاب مغنياً وشاعرًا وهو الذي يقوم بغناء المواويل الشجية والأغاني التي تساعدهم على مواصلة الرحلة، وتعينهم على التخفيف من آلامهم وغربتهم.

الدور الوظيفي للأهزوجة:

 الأغاني الشعبية التي يؤديها البحارة بصحبة المُغني أو الهزاج لها علاقة بكل عمل يُؤدى على ظهر السنبوك أو السفينة المسافرة ؛ فهي تساعد على الحركة و المجهود العضلي أثناء الإبحار، حيث تقوم مجموعة من البحارة في لحظة خلال التنغيم والتلحين الموزون و تشكل إيقاعياً لنصوص باللهجة المحلية الدارجة (العامية) فيساعد ذلك على تنظيم إيقاع دورة العمل من خلال مشاركة البحارة أداء مقاطع لحنية قصيرة، حيث يرتبط كل لحن أو أهزوجة أو موال بأداء عمل معين يأمر به رئيس السفينة (النوخذة)، فيترجمه ذلك إلى موسيقى لحنية ايقاعية موقعة على آلة الطبل والمراويس والطار الخالي من الحبايب وهي الصاجات التي تُعلق عليه بخلاف أهازيج الصيادين التي لا تدخل فيها أي آلات مصاحبه سوى النغم الفطري، وعند أصحاب السفن الشراعية تساعد على الاندماج الذهني والعضلي لمجموعة البحارة وتوجّه طاقاتهم للعمل الجماعي، ونجد لكل أغنية أو موال خاصية منها ما تقال عند سحب حبل المرساة (جر البر ونصي أو الفد كما يقال عند صيادي الساحل الجنوبي من اليمن) وأخرى عند تخريج الشراع الـ (التهليب )
ومن الأغاني البحرية صوت اليامال ويقول :
يا مالي يا سلام
وهو موال حر مصاحب لأصوات متصلة تؤديها مجموعة من البحارة على الدرجة الأساسية للمقام أو السلم الموسيقي، وهذا الموال يصاحب عملية إخراج الشراع المطوي كما قال المحضار في أحد أغنياته موضحاً خروج الشراع
ولا هلب إذا ما شفت بر لي بأن
أدور على مكايين الصيانة
عسى بحر الهوى بعد الزعل يهدأ

ويرجع كل غائب لا مكانه
……….
والفنون البحرية نوعان نذكرها بالتفصيل في الحلقات القادمة، والأداء الموسيقي فيما يخص الفنون البحرية، كونها تنقسم إلى قسمين أساسيين الأول (أغاني العمل) ؛ وهي المرتبطة بدورة العمل على سطح السفينة، و الثاني (أغاني الترفيه) وهي الأغاني التي تُؤدى في غير أوقات العمل في فترات الاستراحة على ( الميناء).

*كاتب وشاعر يمني

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود