الأكثر مشاهدة

فاطمة الشريف في لمحة سريعة للمقالات السابقة، نجد أن الأدب الأوربي بصفة عامة والإ …

الأدب الحديث.. عبر حروف تي إس إليوت (T.S.Eliot)

منذ 10 أشهر

347

0

فاطمة الشريف

في لمحة سريعة للمقالات السابقة، نجد أن الأدب الأوربي بصفة عامة والإنجليزي بصفة خاصة  بُني على أعتاب الآداب اليونانية والرومانسية، من حيث الموضوعات والمهارات الفنية، ووجدت له روح جديدة في الحركات التي نشأت بعد عصر النهضة؛ مثل كلاسيكية الجديدة والتنوير والرومانسية، التي شكّلت معالم الأدب الحديث للأدب البريطاني، الذي بدأ عصره من أوائل القرن العشرين إلى منتصف القرن العشرين (من عام 1900 إلى عام 1945 تقريبًا)، وهي فترة تعكس التغيرات العميقة في المجتمع والسياسية والتكنولوجيا، وتميزت بالانفصال عن الأشكال التقليدية واكتشاف تقنيات وموضوعات سردية جديدة.

ومن أبرز ما تميز به الأدب والفن في هذ الفترة، الاستجابة السريعة للتحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمع الغربي على المستوى المحلي والعالمي، الأمر الذي ساعد في ظهور حركة الحداثة التي سعت إلى الانفصال عن القيم الاجتماعية والتقاليد الأدبية السائدة، التي سبقتها، وقد تأثرت الحداثة بالحركات الفكرية للكثير من المفكرين والفلاسفة والنفسيين؛ أمثال فريدريك نيتشه (Friedrich Nietzsche)، وإرنست ماخ (Ernst Mach)، وسيجموند فرويد (Sigmund Freud)، كما أنها اتسمت بالفردية والتشاؤمية نتاجًا للدمار الذي خلفته الحرب العالمية الأولى، الذي عانى منه الكثير من الكتاب شخصيًا في ساحة المعركة، ولعل فريدة تي إس إليوت (T.S.Eliot) الأرض اليباب مثال تجسيدي للأدب الإنجليزي الحديث وحركة الحداثة.

وسمت كاثرين اليجريتي (Catherine Allegretti) في مقال لها منشور على موقع جامعة (Eastern Connecticut State University) عن واقع الأدب الحداثي الإنجليزي قائلة:

 “في الواقع، فإن الكثير من الأدب الحداثي معادٍ للحداثة، حيث يسجل الحداثة كتجربة خاسرة. كان الفنان الحداثي ناقدًا للفن الذي سبقه، كذلك الثقافة التي كان جزءًا منها. كان جوهر الفن الحديث هو الاعتقاد بأن العناصر التي كانت تشكل أساس الحياة البشرية في السابق، مثل المعتقدات الدينية، والأعراف الاجتماعية، والمعتقدات الفنية، قد دُمرت أو ثبت زيفها أو هشاشتها. وقد أدى هذا الشعور بالتفتت إلى ظهور أدب مبني على شظايا من الأساطير، أو التاريخ، أو الخبرة الشخصية، أو الفن السابق”. 

كما أوصت المهتمين بالأدب الإنجليزي بقراءة المراجع أدناه، لفهم أعمق في تاريخ الأدب:

Robert Barnard’s A Short History of English Literature

Stephen Coote’s The Penguin Short History of English Literature

Andrew Sanders’ The Short Oxford History of English Literature

عودة للأدب الحديث وقصيدة (T.S.Eliot) الأرض اليباب (The Waste Land)، ولعل أفضل ما يجعلنا نبدأ به القصيدة وترجمتها، حيث تعد ترجمة فاضل السلطاني من أفضل التراجم للمبررات التي ذكرها المترجم نفسه في مقال له بعنوان:

“الأرض اليباب” ت. إس. إليوت: ترجمة جديدة” المنشورة في صحيفة الجديد في 2021/03/03

حيث أكد قائلًا: إن من ترجم القصيدة أمثال “يوسف الخال وأدونيس1 ولويس عوض2 ود.عبد الواحد لؤلؤة3، ويوسف اليوسف4 ود.ماهر شفيق فريد5 وتوفيق صايغ 6، لقد قدم هؤلاء جميعًا خدمة كبيرة للثقافة العربية، وللشعر تحديدًا، حين ترجموا منذ وقت مبكر “الأرض اليباب”، كما نترجمها بهذا العنوان للأسباب التي سنذكرها لاحقًا، التي ترجمها الجميع، ما عدا د. عبد الواحد لؤلؤة ويوسف اليوسف، بـ” الأرض الخراب”، مساهمين بذلك في إغناء تجربة الشعر الحديث، وشكلت هذه القصيدة بشكل خاص، عنصرًا أساسيًّا في تشكله تطوره اللاحقين، كما حصل مع التجارب الشعرية الجديدة في أجزاء كثيرة من العالم. وقد فعلوا ذلك في وقت لم تتوفر دراسات نقدية كافية عن هذه القصيدة وعالم إليوت الشعري عمومًا، أو لم يتح لهم الاطلاع عليها، كما في وقتنا الحالي…”. 

يصف السلطاني القصيدة بأنها “القصيدة المركبة التي هي عبارة عن قطع يبدو ألا علاقة ظاهرية بينها، ولا نمو عضوي ينتظمها، لكن يوحدها، في النهاية، الموضوع العام الذي توحي به عبر استخدام ما أسماه إليوت نفسه بـ«المعادل الموضوعي»، ويعني به أنه لا ينبغي على الشاعر الحديث، بعكس الشاعر الكلاسيكي والرومانتيكي، التعبير عن عواطفه بشكل مباشر، بل عبر إيجاد مجموعة من الأشياء، ووضع سلسلة من الأحداث التي ينبغي أن تكوّن الصيغة الفنية لهذه العواطف. لذلك لا بد من فهم القصيدة ككل فهمًا دقيقًا، خاصة أنها تستند في بنيتها إلى مصادر أنثروبولوجية وفلسفية وثقافية وشعرية من التراث الإنساني كله في كل سطر منها تقريبًا، وتتناص مع الأساطير القديمة، اليونانية والرومانية والشرقية، مع إدخالها في النص مفردات من لغات أخرى، كالإغريقية واللاتينية والإيطالية والألمانية والفرنسية”. 

مقطع مترجم من الجزء الأول من القصيدة:

1- دفن الموتى

1

نيسان أقسى الشهور

يستولد الليلك من الأرض الموات،

مازجًا الرغبة والذكرى،

محركًا الجذور الخاملة

بمطر الربيع

الشتاء أدفأنا، وهو يغطي الأرض

بثلج نساء، مغذيًا حياة قصيرة بدرنات يابسة

الصيف فاجأنا، وهو يهبط فوق “شتارنبيرغرسي”

2

بوابلٍ من المطر؛ توقفنا تحت أعمدة

ثم مضينا مع ضوء الشمس إلى “هوفغاردن” 

3                                 

شربنا قهوة، وتحدثنا لساعة.

أنا لست روسية، بل من ليتوانيا، ألمانية أصيلة.

4

وعندما كنا صغارًا، نقيم في منزل الأرشيدوق

 أخذني ابن عمي على زلاجة

خفت كثيرًا، فقال: ميري.. ميري

5

 شدّني بقوة… وانحدرنا

 تشعر أنك حر في الجبال

أنا أقرأ معظم الليل، وأذهب إلى الجنوب في الشتاء.

ما هذه الجذورّ المتشبثة بالأرض، وأية أغصان تنمو؟! 

من هذه النفايات الحجرية يا ابن آدم؟!     

(كامل النص في المقال المشار أعلاه). 

ختامًا يقول إزرا باوند (Ezra Pound) شاعر حداثي صادق وراجع قصيدة إليوت عن شعر إليوت وعن أي عمل شعري آخر قائلًا: “فكلما عرفنا إليوت أكثر؛ كان ذلك أفضل”. الأدب والفن الحديث نصوص ورسوم ورموز ذات جذور تاريخية وفلسفية ونفسية، تعكس صورة الإنسان المعاصر بهويته الثرية المتأثرة بالعوامل المحيطة.

القصيدة باللغة الإنجليزية:

 .poetryfoundation.org

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود