مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

شذى الجاسر *   يقول الله تعالى: ﴿بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُ …

الخلطة السرية في أ س ل م

منذ شهر واحد

127

1

شذى الجاسر *

 

يقول الله تعالى: ﴿بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، (البقرة، ١١٢).
 
 النفس البشرية مخلوق معقد في علاقاته وبسيط جدًا في آن واحد، فمشاعرها دائمًا ما تكون متذبذبة ما بين الحذر والقلق، وشيئًا من الثقة، وما تحتاج إليه لتدوم وتستمر فيها هو الأمان، فإن حصل تتولّد على أثره الألفة والمودة والثقة التي تجعل هذه النفس تستسلم تسليمًا كاملًا برضى وقناعة وحب وسعادة، ومن خلال هذا الاستقرار النفسي تعطي النفس الإنسانية أجمل ما لديها للآخرين.
ففي هذه الآية أتى أمر الأمان من خلال الإيمان والاستسلام الكامل لله عز وجل، بتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه، وقد أتى الإعجاز القرآني فيما يخص الأمان والحب الذي ينتج عنه الإحسان في العمل والتواصل الاجتماعي في كلمة “أسلم”، حيث أتت على صورتين:
الأولى: نعطي عليها مثالًا من حياة الإنسان في التعامل.. من خلال الحب؛ فالإنسان إذا أحب ووصل لدرجة العشق لا يرى أي مساوئ في المحبوب لكون مشاعره وعقله مستسلمة له وخاضعة، وهذا الاستسلام يجعل النفس تعمل بتلذذ كل ما بوسعها لتوفير السعادة والرضى للطرف الآخر وتعطيه أجمل ما تملك وهو قلبها ومشاعرها دون ندم أو تردد؛ لأن حينما تقع النفس البشرية في الحب؛ فإنها تعطي عطاء كامل وحسن لا نقصان فيه، وكذلك وجود ذلك المحبوب بالقرب منها يشعر النفس البشرية بالأمان والراحة والسعادة كالطير الحر في السماء الشاسعة، وهنا حينما يستسلم المرء لله عز وجل، استسلامًا كاملًا عن قناعة لا يتخللها تردد؛ فإنه سيعمل كل ما يحبه الله سبحانه، ويسعى لرضاه بشتى الطرق ويحسن كل الإحسان في هذا العمل، ويأتي مقابل ذلك عطاء الله عز وجل، وكرمه على عبده الذي اختار الطريق القويم السليم وليس هناك أجمل من عطاء الله وكرمه.
الأخرى: تكمن في الإيمان.. فحينما تؤمن النفس البشرية بأمر ما إيمان حقيقي، فإن الإرادة تتملكها وتكسبها قوة جبارة في الدراسة والبحث والسعي لتحقيق هذا الأمر وإنجاحه وتوسعة دائرة هذا النجاح، وكذلك في التعامل مع الله عز وجل، فحينما نؤمن به عن إيمان حقيقي ليس عن إيمان اعتيادي؛ فإننا سنسعى في كل عمل يقربنا إليه سبحانه، ونحاول مجاهدة النفس والتغلب على وسوستها في الانصراف عن عمل الخير والسعي خلفه، كذلك هذا الإيمان يزرع بداخلنا الثقة المطلقة وحسن الظن بالله عز وجل، مهما كان الظرف فإنه العليم السميع الرحيم الذي تعهد بأن بعد كل عسر يسر.
لذلك فإن كلمة “أسلم” هي سفينة النجاة وسر السعادة والأمان في الدنيا والآخرة، والخلطة السرية لراحة النفس والبال.

 

*كاتبة سعودية

التعليقات

  1. يقول حنان الغامدي:

    أحسنتي أستاذه شذى .. دائماً مبدعه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود