سلطان محمد القنيدي

يحمل يوم التأسيس في طيَّاته بُعدًا تاريخيًّا وثقافيًّا عميقًا، يشكِّل تراثًا حيًّا متناغمًا مع الأرض والإنسان. وتحديد 22 فبراير من كل عام؛ للاحتفاء بذكرى التأسيس، يعد لفتة ذكيَّة من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-؛ تؤكِّد بمزيد من الاعتزاز والفخر على رسوخ هذه الدولة المباركة الممتدة لأكثر من ثلاثة قرون.

وبرزت هذا العام هويَّة يوم التأسيس السعودي تحت شعار “يوم بدينا”، وتتمحور حول خمسة مرتكزات رئيسة، وهي: الراية، والتمر، والمجلس، والخيل العربي، والسوق. ولكل واحد منها دلالة عميقة تنبثق من وجدان الإنسان وأصالة المكان.

وتجسِّد “الراية” في المنتصف معنًى عميقًا يرتبط بالشعار “يوم بدينا”؛ أي عند بداية تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود في منتصف عام 1139هـ الموافق لشهر فبراير من عام 1727م، وما تبع ذلك التأسيس من بطولات وأمجاد حقَّقها رجال الدولة السعوديَّة. وفي ظهور الراية كاملة دلالة على أنَّها راية حق وعز، تستمد دستورها من منهج قويم (القرآن الكريم وسنة الرسول -عليه الصلاة والسلام-)، والرجل الذي يحمل الراية عليه سمات الرجل العربي الأصيل المواصل في تحقيق أهدافه نحو النماء والازدهار بثقة وثبات.

وجاءت المرتكزات الأخرى في الهويَّة معزِّزة لغايات الراية، فيرمز “التمر” إلى الخير والكرم والعطاء، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: “بيت لا تمر فيه جياع أهله”، وهذا البلد المبارك يكثر فيه التمر، ويمثِّل وجوده في الهويَّة تأكيدًا على دوره الغذائي في المجتمع السعودي. ويشير “المجلس” إلى تداول المعرفة وتلاحم المجتمع، وله رمزيَّة أعمق، ويعد حضوره في الهويَّة ترسيخًا للقيم العربيَّة الأصيلة. أمَّا “الخيل العربي” فهو رمز حربيٌّ عربيٌّ أصيل، يحمل معاني البطولة والشجاعة والقوَّة، ويعكس مقوِّمات البيئة العربيَّة. ويرمز “السوق” إلى الاقتصاد والانفتاح والتنوُّع، وتوظيفه في الهويَّة يعد دليلًا على محوريَّة الدولة في الحراك الاقتصادي العالمي.

وصاحَبَ الهويَّة عبارة “يوم التأسيس -1727م-“، وتدل على أنَّ اللغة الرسميَّة للدولة السعوديَّة منذ تأسيسها هي اللغة العربيَّة، ويستلهم الخط روحه من الإرث الثقافي العربي، الذي وثَّق تاريخ هذه الدولة المباركة.

وبمعاودة التأمُّل في هويَّة يوم التأسيس السعودي، نجد أنَّها ترتبط شكلًا ومضمونًا بماضينا التليد الذي يتصل اتصالًا وثيقًا بحاضرنا المجيد، وتحمل معاني الأصالة والفخر والتلاحم والكرم والضيافة، وتحث على الاعتزاز بالجذور الراسخة لدولتنا العريقة.

* كاتب سعودي