مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

  *المسجد مدرسة تعلمنا فيها الأدب مع الله ومع الناس. *الوطن قيمة عليا، لكن …

الدكتور علي الرباعي: اختارتني الصحافة.. بعد خروجي من عباءة الصحوة

منذ 4 أيام

101

0

 

*المسجد مدرسة تعلمنا فيها الأدب مع الله ومع الناس.

*الوطن قيمة عليا، لكن الصحوة.

*الصحافة منبر نخبوي، وشرط التميّز: الإخلاص والتعب.

*آثرتُ الخروج من جلباب الصحوة استشرافًا بسقوطها وزوالها.

*كنتُ أُعدّ نفسي للمحاماة.. لكن!

*لحسن الحظ أن الصحافة اختارتني.

*الفضل للأستاذ قينان الغامدي.

 

 – حوار/ أحلام الجهني 

الدكتور علي بن محمد الرباعي، صوت ثقافي سعودي جمع بين التعليم والدعوة، والصحافة، والفكر والأدب. من قاعات التدريس والمنابر إلى مكاتب الصحف الكبرى، ومن الكتب الفكرية المثيرة للجدل مثل «القرآن ليس دستورًا» إلى دواوين الشعر ومجموعة «هس» القصصية، ظل الرباعي حاضرًا بجرأته ووعيه النقدي. في هذا الحوار، نقترب من محطاته المتنوعة ورؤيته للتحولات الثقافية والفكرية اليوم.

حاصل على دكتوراه في الفقه والقانون من جامعة الزيتونة عام 2001م.

عمل مدرّسًا في المعاهد العلمية لمدة تقارب 27 عامًا، وإمامًا وخطيبًا لأكثر من 15 عامًا.

محرر في صحيفة الحياة اللندنية.

مدير مكتب صحيفة الشرق في منطقة الباحة.

مدير مكتب صحيفة عكاظ في الباحة، ثم مستشارًا ثقافيًا للصحيفة.

شغل منصب مدير فرع هيئة الصحفيين السعوديين في منطقة الباحة.

صدر له سبعة كتب، منها:

  1. وطن متجدد. 
  2. الوطن سادس الضرورات الخمس. 
  3. حدثتني سعدى عن رفعة. 
  4. حدثني أبي. 
  5. ديوانان شعريان. 
  6. مجموعة قصصية. 

فاز بجائزة وزارة الإعلام للصحافة الاستقصائية عام 2011م.

 

  • عملت قرابة سبعة وعشرين عامًا في التدريس بالمعاهد العلمية، وهو عمل يحتاج إلى صبر وبناء طويل المدى، ما أبرز الدروس التي خرجت بها من تجربتك التربوية في المعاهد العلمية؟ وكيف انعكست على شخصيتك الثقافية والفكرية؟

* أعدّ نفسي محظوظًا، بعودتي مُعلّمًا مع أساتذتي الذين درستُ على أيديهم ستة أعوام، ولا أُبالغ إن قلتُ: إنني كنتُ التلميذ مُجددًا بين نخبة من مخضرمين كان لهم وجه آخر من الطيب والإنسانية والدهاء والحكمة، ورُقي الأخلاق، إضافةً إلى طلاب كانوا نموذجيين في أدبهم ومستوى وعيهم ومهاراتهم الحياتية؛ وبذلك كنتُ في معهدي سبت العلايا ومعهد الباحة، طالبًا كل يوم أتعلّم وأقرأ في مكتبة المعهدين؛ وأزعم أن ما تعلمته في المعاهد وأنا مدرّس لا يقل أهمية عما سبق وتعلمته وأنا طالب، فالحياة الوظيفية رديف موازٍ لبناء الشخصية والارتقاء بالسلوك، وما زلتُ أحرص إلى يومي هذا، على أن أكون طالبًا وتلميذًا؛ لتكون المؤاخذة أقلّ والوزر أخفّ.

* المسجد مدرسة تعلمنا فيها الأدب مع الله ومع الناس.

  • إلى جانب التدريس، قضيت أكثر من خمسة عشر عامًا إمامًا وخطيبًا، وهي تجربة تحمل مسؤولية كبيرة في توجيه الناس، كيف ترى أثر الخطابة الدينية على تشكيل وعي المجتمع، وما الفارق بين خطاب المنبر وخطاب الصحافة؟

* للخطابة المنبريّة أثر على الخطيب، فهي تدريب أسبوعي على الإلقاء والتحضير، والعودة لكتب التفسير والحديث والتاريخ واللغة والأدب، فالخطابة موهبة ومهارة يمكن تطويرها، والمسجد مدرسة تعلمنا فيها الأدب مع الله ومع الناس، وخطابية المنبر وخطابة الصحافة ما كان منها مُخلصًا ومعدًا إعدادًا جيدًا يترك أثره وإن كانت الصحافة لا تحتاج إلى عباءة، إلا أنها عبء.. فالكلمة أمانة ومسؤولية والتزام.

* آثرتُ الخروج من جلباب الصحوة.. استشرافًا بسقوطها وزوالها. 

  • بالنظر إلى مسيرتك الصحفية الثرية التي بدأت من الحياة اللندنية، ثم الشرق، وصولًا إلى عكاظ، ما أبرز المحطات التي شكّلت وعيك الصحفي في هذه المسيرة الطويلة؟

* لحسنّ الحظّ أن الصحافة اختارتني بعدما آثرتُ الخروج من جلباب الصحوة اختيارًا لاستشراف الحدس أن خطاب الصحوة سامّ وأنها إلى زوال، وما أدهشني أن رئيس تحرير صحيفة الحياة في المملكة والخليج الأستاذ جميل الذيابي، راهن عليّ بحكم متابعته لبعض مقالاتي التي بدأتها منذ عام 1994، وحواراتي التي أنجزتها لصحيفة عكاظ وأنا ما زلتُ إمامًا وخطيبًا، لذا اتصل بي عام 2003، وقال لي: أنت مراسل الحياة في الباحة و لعلّ رهانه لم يكن خاسرًا. فالصحافة تحتاج قراءة موسعة واطلاع ومعرفة بالنخب وجرأة في الطرح وشجاعة للتواصل؛ وكل هذه الينابيع صبّت في محيط الشغف وأثرت التجربة.

* كنتُ أُعدّ نفسي للمحاماة.. لكن!

  • حصلت على الدكتوراه في الفقه والقانون من جامعة الزيتونة، وهي مؤسسة علمية عريقة، كيف أثرت دراستك الأكاديمية في تونس على تكوينك الفكري؟ وهل فتحت لك آفاقًا مغايرة لما كان سائدًا في البيئة المحلية؟

* كانت تجربة ثريّة، فالفضاء المعرفي والفكري والفلسفي في تونس لا حدود له، ونمط التدريس مختلف، وهناك اكتشفت التعددية واحترام الرأي المختلف والمُخالف، وكنتُ أُعدّ نفسي للمحاماة.. لكنّ الله يفعل بنا ما يشاء.

* هذه المرحلة تشعرني بسعادة بالغة.

  • التعليم الشرعي يتصل دائمًا بالتحولات الفكرية والاجتماعية في المجتمع، كيف تعاملت كأستاذ وواعظ مع التغيرات السريعة التي عاشتها المملكة خلال العقود الأخيرة؟

* كنتُ من المُتطلعين والحالمين لهذه المرحلة؛ لذا كانت سعادتي بالغة، شأن كل التنويريين في وطني السعودي. فالتحولات دليل حياة وتطوّر ومواكبة؛ وهذا ما أستشعره من فضل الله وفضل دولتنا في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان.

* الفضل للأستاذ قينان الغامدي.

  • نلت جائزة وزارة الإعلام للصحافة الاستقصائية عام 2011، وهي علامة بارزة في مسيرتك، ما تفاصيل هذا التحقيق الاستقصائي الذي نلت عليه الجائزة؟ وما الذي أضافه لتجربتك الصحفية؟

* كان عن متابعتي لمحاكمة المتهمين في صكوك الباحة التي غدت قضية رأي عام، وكان لرئيس تحرير صحيفة الشرق الأستاذ قينان الغامدي الفضل في منحي مساحة للتغطية والكتابة المقالية وتحرير مواد ثقافية من المحيط إلى الخليج.

* الصحافة منبر نخبوي، وشرط التميّز: الإخلاص والتعب.

  • من خلال عملك في إدارة فرع هيئة الصحفيين في الباحة، كيف ترى واقع الصحافة السعودية اليوم؟ وما الذي يحتاجه الصحفي السعودي ليواكب التغيرات العالمية؟

* الصحافة منبر نخبوي، ومصدر معلومات، ومتابعة لما وراء الخبر، وشرط التميّز: الإخلاص والتعب على المادة، اليوم الصحفي يريد أن ينتسب للمهنة بأقل تكلفة، وهذا يتنافى مع أدبياتها العريقة.

* ربما وُفقت بحسن ظني واحترامي لذاتي.

  • إلى جانب إدارتك، تُعرف بمقالاتك الجريئة وتحليلاتك الفكرية، ما المعايير التي تعتمد عليها عند كتابة المقال الصحفي، خاصة في القضايا الحساسة المرتبطة بالدين أو الهوية؟

* هي اجتهاد، وما كل مجتهد مصيب، والتوفيق بيد الله؛ لكن من يحب وطنه، وينتمي لأرضه، ويعشق مهنته، ولديه ولاء لقيادته؛ لا يُنظر إليه بسوء ظنّ، وربما وُفقتُ بحُسن ظني، واحترامي لرقيبي الذاتي.

  • الثقافة السعودية تعيش مرحلة ازدهار، مع انفتاح المشهد على الفنون والآداب، كيف تقيّم هذا التحول؟ وهل تراه فرصة ذهبية للمبدع السعودي أم تحديًا جديدًا؟

* الفرص تأتي بتحدياتها، والذي لا يتعب لا يشعر بلذة الإنتاج.

* كتابي كان من أول المسامير التي دُقّتْ في نعش الصحوة.

  • أصدرت كتبًا أثارت نقاشًا واسعًا مثل «الصحوة في ميزان الإسلام» و«الوطن سادس الضرورات الخمس»، كيف تنظر إلى دور الكاتب في خوض مثل هذه القضايا الجدلية؟ وهل تعتبر الجدل جزءًا من الفعل الثقافي؟

* أفخرُ أن كتابي (الصحوة في ميزان الإسلام) من أول المسامير التي دُقّتْ في نعش الصحوة، وكتابي (الوطن سادس الضرورات الخمس) من أهم كتبي التي انتصرت لوطني السعودي، والغاية ليست الجدل، بل تناول المسكوت عنه، والقرآن ذمّ الجدل (بل هم قوم خصِمون). 

* الوطن قيمة عليا، لكن الصحوة. 

  • في أكثر من كتاب لك، يتكرر حضور موضوع “الوطن” بوصفه قيمة عليا، ما الذي يجعل مفهوم “الوطن” ركيزة أساسية في مشروعك الفكري؟

* من عايش فترة الصحوة وعاشها، يلاحظ أن الوطن لم يكن يتعامل معه خطاب الصحوة بأمانة ونزاهة واعتراف بالفضل، وهو قيمة عليا حاولت الصحوة التهوين من شأنها.

  • بعض النقاد يرون أن الجمع بين الخطاب الديني والفكري والإبداعي قد يخلق تناقضًا، كيف تعاملت مع هذا التحدي في مسيرتك؟ وهل استطعت أن تصنع جسرًا بين هذه الحقول المختلفة؟

* ما دامت حقول أنغام وألغام؛ فالعشق للوطن، والوعي بدور الصحفي الكاتب، والصدق في العمل؛ يجسّر كل المسافات بين الحقول، دون اضطرار للنطنطة التي تقلل قيمة ومكانة المنطنط.

  • اليوم يشهد العالم ثورة رقمية كبرى، ومعها جدالات حول الذكاء الاصطناعي والهوية،  كيف يمكن للمثقف العربي أن يتعامل مع هذه الموجة، دون أن يفقد خصوصيته الثقافية؟

* والله الموضوع صعب وشاق، وربنا يستر.

  • لديك تجربة في الشعر عبر ديوانين، وتجربة في القصة القصيرة عبر مجموعة «هس»،  كيف مزجت بين اللغة الفكرية التحليلية واللغة الأدبية الإبداعية؟ وهل ترى نفسك مفكرًا أم أديبًا؟

* اللي يشوف نفسه ينقص ما يزيد، لذا أستأنس بقول الذين يرونني من الثقات.

* المبدع ابن بيئته، وأنا مزارع سابق.

  • في المجموعة القصصية «هس»، برزت اللغة الشعبية والحكايات اليومية، هل كان ذلك مقصودًا كجزء من مشروع لإبراز الهوية المحلية في الأدب؟

* أنا ابن بيئة قروية، ومزارع سابق، وراعي أغنام، وصياد طيور، وحافظ موروث.

  • بعد هذه المسيرة الممتدة بين التعليم، والصحافة، والكتابة الفكرية والأدبية، كيف يعرّف علي الرباعي نفسه اليوم للقارئ؟ وهل يرى أنه حقق ما طمح إليه منذ بداياته؟

* لا أعرف، لستُ أدري.

بين قاعة الدرس ومنبر الخطابة، ومن مكاتب التحرير إلى صفحات الكتب، نسج الدكتور علي بن محمد الرباعي مسيرة تتقاطع فيها التجربة مع الرؤية، والجرأة مع الوعي.. حواره معنا لم يكن استرجاعًا لسيرة ماضية بقدر ما كان نافذة على فكر لا يزال يتجدد، ويطرح الأسئلة، ويؤمن أن الكلمة مسؤولية قبل أن تكون حضورًا.

يبقى الرباعي شاهدًا على تحولات الثقافة السعودية، وفاعلًا في صياغة خطابها النقدي والإبداعي، وصوته يظل واحدًا من الأصوات التي لا تبحث عن الإجابات السهلة، بل تضيء الدروب بالسؤال والوعي.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود