57
0
265
0
79
1
17
0
الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
12042
0
11682
0
10918
0
10050
5
8262
0

عبدالله محمد بوخمسين*
إن البون بين معنى البشرية والإنسانية شاسع في المبنى والمعنى…
ولتوضيح ذلك يجب أن أرصد حركة البشر منذ بداية أول تجمع بشري وتطوره حسب رأيي…
لا شك أن الخلق البشري الأول قد انطلق من نقطة الصف (إن جاز لي هذا التعبير) وأقصد به أنهم كانوا في حالة عدم اللا إدراك الواعي؛ لأنهم لا يعرفوا مقاصد ما هم عليه و هم بلا شك دون لغة للتفاهم ولا للتخاطب، إذ اللغة في ظني اختراع بشري بعدما لمسوا الحاجة لترجمة الرموز التي يستعملونها لما يستخدمونه في حياتهم البدائية.. أو لنقُل الاتفاق على مصطلحات لما حولهم من جماد أو حيوان أو نبات لإيصال مفاهيم تلك الرموز.. على قلة تلك الأشياء…
ومع تعاقب السنوات بدأت تلك المجموعات البشرية تكتشف أشياء جديدة ما عهدوها من قبل، ذلك يعني أن الكم المعرفي بدأ يزداد لديهم، بالتالي فقد أصبحوا في أمس الحاجة لاختراع مسميات لكل ما استجد من اكتشافاتهم تتناقلها ألسنتهم وتميزها عقولهم…
كانت تلك المجتمعات البشرية البدائية تفتقر إلى كل ما يتعلق بقوانين الحياة الاجتماعية، حيث كانوا في حالة انعدام التفكير من أجل تغيير نمط حياتهم، ولذلك أطلق عليهم علماء الإجتماع (البهيميون) وذلك بسبب عدم إداركهم للتحسين والتقبيح العقليين ووضع الأنظمة والقوانين الضابطة الرابطة والمنظمة لمجتمعم، وبسبب تلك الحالة فإنهم مازالوا في حالة البشرية حتى قبل 300 ألف عام…
بعد هذا التاريخ من عمر البشرية بدأت قدرات العقل البشري على التفاعل مع ما حوله حيث استطاع أن يُفعل مداركه من أجل أن يتطور ويُطور حياته الاجتماعية (دون وعي اقتصادي) ويستخدم كلَّ ما من شأنه أن يرتقي بتفكيره من أجل حياته العامة والخاصة… فاستطاع أن يكتشف النار ويستخدم الدواب، والاختباء داخل الكهوف، التقاء الأمطار ودرجة الحرارة العالية، وما إلى ذلك حتى وصل عقله إلى مرحلة إدراك الحسَن والقبيح…
إن تلك المرحلة هي في الحقيقة بداية أنسنة البشر حيث كان ذلك قبل 10 آلاف عام تقريبًا…
منذ ذلك التاريخ الذي يُعد بداية تحول الجنس البشري إلى الأنسنة بدأ التطور الحقيقي ليس في اختراعات الحراثة فقط، إنما اختراع أساليب للزراعة وأسلحة الصيد وغيرها…
إن الإنسانية الحقيقة بدأت على ما أعتقد بعد ظهور الأنبياء المصلحين والفلاسفة الحكماء، حيث ظهر أول الفلاسفة في القرن السادس قبل الميلاد، ويعد الفيلسوف طاليس الملطي(حوالي 624-546 ق.م) هو أول من يُشار إليه كأول فيلسوف يوناني، لأنه بدأ في البحث عن إجابات طبيعية للعالم بدلاً من الاعتماد على الخرافات التي سُطرت في عهد البشر الأوائل…
بعد تلك الحقبة بدأ الإنسان في سن الأنظمة والقوانين الضابطة والمنظمة والرادعة بعد أن بدأ في فرز الحسَن من القبيح، إذا أطلق على الحسن (الفضائل) وعلى القبيح (الرذائل).
هذا التطور الذي حدث على عقل الإنسان لم يتوقف بل رآي أن أي مجموعة بشرية تحتاج إلى قوى تقودها وتكون الآمرة الناهية بعد وضع تشريعات لحماية تلك المجتمعات من بعضها وممن يترصد لها من مجتمعات أخرى…
حيث كانت أول قيادة أُطلق عليها (حكومة) في التاريخ كانت مع حضارة سومر في بلاد ما بين النهرين حوالي عام4500 قبل الميلاد، حيث تطورت لتصبح “دويلات مدن” تُحكم من قبل حكام دينيين. كما أن مصر القديمة، التي تأسست حكومتها المركزية في فترة حكم الفرعون مينا، تعتبر من أقدم أشكال الحكم المنظم في التاريخ.
إذن تلك المرحلة بدأ تأنسن البشر، وبموجب كل ذلك التطور زادت إنسانيته باختراع العلوم والمعارف والتدرج بالتقنيات التي خدمت الإنسان حتى يومنا هذا…
بعد هذا السرد يجب أن أطرح السؤال التالي:-
هل تأنسن كل البشر المتواجدون على هذه الأرض؟
بالتأكيد لم يتأنسن غير القلة القليلة مع الأسف، حيث ما زال التوحش والهمجية أصل في البشر…
إن دليل ذلك ما يحدث في هذا العالم من حروب طاحنة بين بعض الشعوب وما يحدث من قتل وتدمير للإنسان والحيوان والجماد، سواء كان ذلك مبرراً أو غير مبرر…
رغم الوحش فما زالت الإنسانية تضرب أروع الأمثلة في إنسانيتها بتكاثر ويتعاظم المصلحون والفلاسفة والمخترعون المنتجون لكل ما فيه الحفاظ على الإنسان ورقيه والمحبون للسلام والاستقرار…
إذن بعد كل ذلك عرفنا أن البشرية تختلف عن الإنسانية في المبنى والمعنى.
*كاتب سعودي
التعليقات