36
041
0104
053
078
0الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11903
05711
05652
05379
04865
0زهراء البناي – الشرقية
قيل إن الفن لغة الشعوب، والذكريات بصمة تترك أثرها في كل الشعوب…
ها هي ذاكرتي تعود لأيام الدراسة الجامعية حيث كان آخر كورس دراسي بأرامكو السعودية مع جماعة الفن هناك، التقيت بمدربة من الجنسية الأمريكية استهوتني بفنها في حياكة السدو وفن التطريز واستخدام صوف الجمال والأغنام في الحياكة، كانت لحظات رائعة مع تلك المدربة لن أنساها، وما زالت تلك القطعة والتي صنعتها بنفسي تحفة تزين بيتي وأفتخر بحياكتها وتناسق ألوانها.
استوقفني فنها واستوقفها ولعي بهذا الفن! وأهدتني كتابًا عن فن حياكة السدو في السعودية، أجمل سطور هذا الكتاب عندما عرفت بأن بلادي تتميز بين الدول بتراث ثقافي وثقته اليونسكو بتسجيل السعودية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في حياكة السدو، إنه لإنجاز كبير وبصمة سعودية لفن راقٍ حول العالم، ونقوش السدو أصبحت من النقوش التي نراها باستمرار في الشعارات الوطنية مثل شعار اليوم الوطني (٨٩-٩١-٩٢)، شعار السعودية عند ترأسها قمة العشرين في الرياض ٢٠٢٠م.
السدو من الحرف التي اشتهر بها أهل البادية في المناطق الشحيحة للموارد الطبيعية في شبة الجزيرة العربية، وتخصص البدو بتعريف السدو بأنه نسيج مطرز تمثل خطوطه الملونة الممتدة على نسق واحد فناً من فنونهم العتيقة، وهذا النسيج الصوفي الذي يحيكون به سجادهم صار تراثاً مادياً معترفاً به من قبل كبرى المؤسسات الثقافية الدولية (اليونيسكو).
السدو يعد حرفة يدوية تقليدية تمارسه النساء البدويات، وغالباً ما كانت تُزيّن النساء سروج الخيول والإبل بالسدو بتصميمات ورموز والألوان مستوحاة من البيئة الطبيعية والتي تعكس الهوية الاجتماعية للقبيلة.
يتميز السدو بألوانه الزاهية البهيجة، وزخارفه الجميلة التي تحمل دلالات اجتماعية مختلفة مستوحاة من طبيعة أبناء البادية، وقيمهم ونمط عيشهم، فالسدو نسيج مسطح يتشابه ظاهره وباطنه، باستثناء بعض النقوش تكون ناتئة، فتميز وجه النسيج عن ظهره، وتعرف بضروس الخيل، ومن أهم النقوش التقليدية في حياكة السدو: العين، الضلعة، ضروس الخيل، العويرجان، المدخر، الشجرة. وفيما يخص حياكة السدو فتبدأ عملية التصنيع والحياكة بقص صوف الغنم وشعر الماعز وجمع وبر الإبل، ثم يتم تصنيفها حسب اللون والطول، ثم يُنظف الصوف بطرقه وهزه لإزالة الشوائب العالقة به مثل النباتات، أو الأشواك، أو الغبار، أو الأتربة حتى تصبح أصوافه صالحةً للنسج.
وحتى تستكمل هذه العملية يتطلب ذلك تنظيف الصوف ثلاث مرات أو أكثر باستخدام الماء الساخن أو البارد مع الطين، أو الرماد، أو مسحوق السدو الخاص، أو الصابون.
يُغزل الشعر أو الصوف باستخدام المغزل، ثم يصبغ بالألوان الزاهية المستخلصة من النباتات والتوابل المتوفرة في مناطق شبه الجزيرة العربية مثل الحناء، والكركم، والزعفران، والصبار، والنيلة. يتميز السدو التقليدي بألوانه المختلفة التي تتنوع بين الأسود، والأبيض، والبني، والبيج، والأحمر. ثم يُغزل الصوف على النول وهو (آلة الحياكة المصنوعة من النخيل أو خشب العناب.) ويتم استخدام عدة أنوال عند الحاجة إلى كميات كبيرة من مواد السدو اللازمة لصناعة الخيام أو في الأعراس.
جرت العادة أن يُغزل الصوف ويحاك في مجموعات صغيرة، حيث تتبادل النسّاجات أخبار أسرهن وعادةً ما يقمن بالغناء أو إلقاء الشعر.
تميزت مدينة الجوف بهذا الفن حيث أبدعت فيه المرأة، منطقة الجوف تقع في شمالي شرق المملكة، ولا يكاد يخلو بيت فيها من منسوجات هذا النشاط التقليدي اليدوي، كما أن المرأة في الجوف عرفت منذ القدم بصبغ الخيوط، ولكنها لم تستخدم مثبتات الألوان فصارت تختلط عند غسل القطع، وهذا ما دفعنا إلى استيراد الصوف الطبيعي من الخارج، حيث يكون ملونًا ومضافًا إليه مادة مثبتة.
وتشتهر منطقة الجوف بتصنيع الثياب على اختلاف أنواعها بجودة عالية، والمشالح والعباءات الرجالية والنسائية، ومنها (الجوفية) التي كانت تصدر إلى بلاد الشام (العراق وسوريا وفلسطين.) وكان يبدأ موسم السدو بعد فصل الربيع مباشرة حيث يكون قد تم جز الصوف ووبر الماشية إيذانًا ببدء موسم حياكة السدو.
ويقام مهرجان السدو في منطقة الجوف من كل عام، وهو يساهم في إبقاء ونشر حرفة صناعة السدو في المنطقة، كما يساهم في دعم الأسر المنتجة، حظت حرفة السدو أو الحياكة باهتمام بالغ من البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية من خلال إحياء التراث الشعبي في المملكة العربية السعودية، والحفاظ على الصناعات التقليدية، لتظل شاهدًا على العلاقة الوثيقة بين الإنسان وبيئته، وعلى إبداع عبقري فطري تناقلته الأجيال على مدى العصور، وتقاليد صناعية عريقة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، متحدية شظف الطبيعة وشحها، في تكامل بديع وانسجام لا نظير له، بين ابن البادية وبيئته، ولقيت دعم كبير وذلك بتنظيم برامج تدريبية لتطوير حرفة النسيج وحياكة السدو.
وفي عالم فن الديكور تعتبر نقوش السدو ومطرزاته سواء على القماش او استخدام نقوشه في الاكسسوارات حنكة ابداعيه لإخراج تصميم يبعث على الراحة والاسترخاء والشعور بالدفء.
لوحات تشكيلية تحكي نسج وحياكة السدو في المملكة العربية السعودية
جميل جداً