محمد الكبيري الغامدي*

وطني الذي ناجيته في غربتي

أهدي إليه تحيتي وسلامي

أنّى ارتحلت يكون بين جوانحي

وإذا غفوت يكون في أحلامي

وإذا مرضت يكون عافيتي التي

تحنو عليّ وقد بدت أسقامي

وإذا غفوت فلست أذكر غيره

وإذا ذكرت سناه لاح أمامي

وهو الذي فتق الهوى في خافقي

فوجدته من سالف الأعوام

وهو الذي أهدى الحنين لعاشقٍ

مثلي يرى فيه المقام السامي

يسمو على كلّ الديار ويرتقي

بالدين بالإيمان بالإسلام

بالبيت بالبلد الأمين بأهله

بالمحرمين بسجدةٍ وقيام

بمحمّدٍ وبطيبة دار الهدى

من دونهم دوماً أسلّ حسامي

بل كلُّ شبرٍ في ثراه مقدّسٌ

آساده ترمي العدا وتحامي

أفلا يحق لموطني من مهجتي

كلّ الفدا بل غاية الإكرام

قد كان فخراً إذ توّحد شمله

بعد الشتات وحمأة الأسقام

يا تاركاً للمجد فضلة مجده

بالجود والإحسان والإقدام

أدركت ما لا تدرك الأيام من

مجدٍ فقل هذا المقام مقامي

وأعبر إلى الجوزاء فهي حفيّة

ترنو إليك بضوءها المتسامي

وطن الشموخ وأنت أكرم موئلٍ

للمعدمين ومبعثُ الإلهام

قد صنت فوق ثراك كلّ كرامةٍ

وأغثت فيها كلّ جرحٍ دامي

يا موطني مازلت عشقاً باذخاً

لك من صميم الوجد كلّ هيامي

أنت الذي غنيّته أنشودةً

طربت لها بين الورى أيامي

كم كنت أحسب أنّني عند النوى

أنساك لكن بُدّدت أوهامي

لا زلت صادٍ في رباك ومهجتي

عطشى وقلبي في هواك الضامي

سينٌ وعينٌ ثمّ واوٌ بعدها دالٌ

وياءٌ كلهنّ غرامي

أنت البداية والرواية والهوى

بل أنت في دنياي مسك ختامي

*شاعر سعودي