مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

عبدالعزيز قاسم* في مَرْسَمِها الصغيرِ الذي يحتضنُ روحَها الكبيرةَ، حيثُ تجلسُ جُ …

بوح أب.. جمانة وكوخ القلب

منذ أسبوعين

25

0

عبدالعزيز قاسم*

في مَرْسَمِها الصغيرِ الذي يحتضنُ روحَها الكبيرةَ، حيثُ تجلسُ جُمانةُ، قطعةُ القلبِ وآخرُ العنقودِ، تنسجُ بفرشاتِها حكايةَ شتاءٍ لا تُنسى. هي لوحةٌ ثلجيةٌ، تُصورُ كوخًا متواضعًا يحتضنهُ البياضُ من كلِّ جانبٍ، كأنَّهُ يحتضنُ العالمَ بأسرهِ بدفءٍ خفيٍّ.

جُمانةُ لا ترضى أن يدخلَ مرسمَها أحدٌ، لذلكَ بخطى خافتةٍ ولجتُ إليهِ، متسللًا كمن يطأُ أرضًا مقدسةً، خوفًا من فتاتي ذاتِ الثلاثةَ عشرَ ربيعًا. دومًا تكونُ هنا غارقةً في طقوسِها، كأنها عابدةٌ متبتلةٌ في محرابِ فنِّها، لا تقبلُ أن يُخلَّ أحدٌ بصمتِ صلاتِها. عينُها تراقبُ تفاصيلَ اللوحةِ، ويدُها ترسمُ بحذرٍ كمن ينسجُ أحلامًا لا يرغبُ أن تُمسَّ.

لجُمانةَ مزاجُها الخاصُّ، مزيجٌ من الطفولةِ التي تعيشُ في عينيها، والنضجِ الذي يلوِّنُ أناملَها. أراها وأرى فيها انعكاسي، بعضًا مني ولكنها أبهى، أرقى، وأجملُ. أحترمُ مساحتَها، وأفخرُ بكلِّ ضربةِ فرشاةٍ منها، كأنَّ كلَّ حركةٍ من يدِها هي رسالةُ حبٍّ لأبٍ يفخرُ بها، ويزهو بموهبتِها.

وقفتُ طويلًا أمامَ لوحتِها الجديدةِ، لكأني أراها وهي تنسجُ بياضَ الثلوجِ حولَ الكوخِ، فأشعرُ كأنها ترسمُني، *كأنها تجعلُني ذلكَ الكوخَ الصغيرَ الذي يحتمي بهِ الجميعُ، بينما هي الثلجُ الذي يغمرني بحبِّها، فتُذيبني جمالًا وامتنانًا*.
دعواتُكم لها، فلذةُ الكبدِ هاته، بمستقبلٍ واعدٍ، أؤمنُ أنه سيكونُ مضيئًا مثلَ قلبِها.

* كاتب وإعلامي سعودي

الكلمات المفتاحية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود