مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

أبو حماد ناصر* تُعد البلاغة النبوية من أبرز السمات التي ميزت الرسول محمد صلى الل …

خصائص البلاغة النبوية في الأحاديث الشريفة

منذ أسبوعين

49

0

أبو حماد ناصر*

تُعد البلاغة النبوية من أبرز السمات التي ميزت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، إذ أُوتي جوامع الكلم وخصّه الله بفصاحة وبيان فريد. تناول كثير من الأبحاث القديمة والحديثة بلاغة الرسول واستعرض قدراته اللغوية في عرض الرسالة الإسلامية. يتناول هذا البحث أهم الخصائص البلاغية في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث الإيجاز، التشبيه، والإشارة، إضافة إلى سهولة ألفاظه وعمق معانيه التي تصلح لكل زمان ومكان.

الخصائص البلاغية للأحاديث النبوية:

1. مساواة الألفاظ للمعاني:

من أبرز ما تميزت به الأحاديث النبوية أن ألفاظها لم تزد عن المعاني ولم تقل عنها. كل لفظ كان يعبر بدقة عن المعنى المقصود بلا زيادة أو نقصان. ومن الأمثلة على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ” ، هذه العبارات موجزة لكنها تحمل معاني عميقة تتناسب مع حال المخاطبين ومستوى إدراكهم.

2. الإيجاز وجوامع الكلم:

تميز الرسول صلى الله عليه وسلم بالقدرة على الإيجاز واستخدام جوامع الكلم. فقد أُعطي القدرة على التعبير عن معانٍ كبيرة بألفاظ قليلة. ويظهر ذلك في قوله: “الندم توبة” ، وقوله: “الحرب خدعة” . هذا الإيجاز أعطى للأحاديث النبوية قوة وعمقًا؛ ما جعلها تتردد على الألسن وتستخدم كأمثال وحكم.

3. التشبيه البلاغي:

استخدم النبي صلى الله عليه وسلم التشبيه لتقريب المعاني إلى الأذهان. ومن أروع الأمثلة على ذلك قوله: “مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة”. هنا يستخدم النبي تشبيهًا حسيًّا ليوضح فكرة الملتزم بأحكام الله ومن يخالفها.

4. استخدام الإشارة والحركة:

إلى جانب الكلام، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتمد في بعض الأحيان على الإشارة والحركة لتوضيح المعاني. فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور”. حركة الجلوس هنا جاءت لتعزيز أهمية الحديث ولفت الانتباه إلى خطورة شهادة الزور.

5. السهولة واليسر:

كانت لغة الرسول صلى الله عليه وسلم سهلة وواضحة، بعيدة عن التكلف، ما جعلها تصل إلى مختلف الناس مهما كانت مستوياتهم الثقافية. ومن الأمثلة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب دنيا”.

6. مراعاة حال المستمعين:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي مستوى من يخاطبهم، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، متعلمًا أو جاهلًا. ومن أمثلة ذلك حديثه مع أم أيمن حينما قال: “سأحملك على ولد الناقة”، وهو ما أثار استغرابها في البداية، لكنه كان مزاحًا منه صلى الله عليه وسلم يهدف إلى تقريب المعنى.

7. التنوع اللغوي

رضع النبي صلى الله عليه وسلم اللغة الفصحى من قريش، لكنه لم يكتفِ بذلك بل كان يخاطب الوفود بلغاتهم ولهجاتهم المختلفة. فعند مخاطبته وفدًا يمنيًا، قال لهم: «ليس مِن امبرِّ امصِيامُ في امسفَرِ»، مستخدمًا لهجتهم للتواصل معهم بشكل أفضل.

من خلال دراسة البلاغة النبوية يتبين لنا أن الأحاديث النبوية لم تكن مجرد نصوص لغوية عادية، بل كانت منارات هداية وصورًا من البيان الرفيع، اختص بها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. خصائص البلاغة النبوية التي استعرضناها في هذا البحث توضح قدرة النبي الفريدة في استخدام الألفاظ والمعاني بصورة تجمع بين الإيجاز والوضوح، ما يعزز مكانة هذه الأحاديث عبر العصور ويجعلها مثالًا للبلاغة السامية.

________________________________

المراجع:

صحيح البخاري

رياض الصالحين

https://dorar.net

https://www.islamweb.net/ar/library

https://hadeethenc.com/ar/browse/hadith

 

* باحث أكاديمي – الهند

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود