الأكثر مشاهدة

‏الشاعر جاسم عساكر* وطنٌ يسيلُ الحبُّ في أكوابِهِ ‏منْ صَفْوِ مشربهِ لطِيبِ شَرا …

وسائدٌ من حريـرِ الرمال

منذ 3 سنوات

555

0

‏الشاعر جاسم عساكر*

وطنٌ يسيلُ الحبُّ في أكوابِهِ
‏منْ صَفْوِ مشربهِ لطِيبِ شَرابهِ

‏وطنٌ، تفتَّحَ في الأنامِ حديقةً
‏فالشهدُ إمَّا سالَ، سيلُ لُعابهِ

‏يحنُو على أعدائهِ مترققاً
‏وكأنَّهُ يحنو على أحبابهِ

‏ساهٍ عن الأصواتِ لم يُخدعْ بها
‏من شدوِ بلبلهِ لِنعيِ غُرابهِ

‏لم يلتفتْ إلاّ ليحرسَ رملَهُ
‏لمْ تقوَ عاصفةٌ علَى إرهابهِ

‏هُوَ لا يُقالُ وإنْ تقوّل عاشقٌ
‏فيهِ، وأسرَفَ في بيانِ خطابهِ

‏هُوَ خارجُ الإعرابِ، إلا أنَّهُ
‏يتفلسفُ العشاقُ في إعرابهِ

‏و له علَى وصلِ الجمالِ دلائلٌ
‏تعصَى على غيرِ الذكيِّ النابهِ

‏مُستيقظاً يُهدي الحمائمَ لحظةً
‏خضراءَ تسبحُ في فسيحِ رحابِهِ

‏لم يرتفعْ نحوَ النجومِ وإنّما
‏أغرَى النجومَ تحطُّ في أعتابِهِ

‏مازالَ يكتبُ للكواكبِ سيرةَ الـ
‏ضوءِ التي ازدحمتْ بمتنِ كتابهِ

‏تزهُو الوسائدُ منْ حريرِ رمالِهِ
‏للعابرينَ، علَى مدَى أحقابهِ

‏سيفانِ سلَّهُما الخلودُ ونخلةٌ
‏أَمِنَتْ، فَنامَتْ تحتَ ظلِّ سحابِهِ

‏يُهدي لكلِّ الكائناتِ بياضَها
‏حتّى كأنَّ الكونَ من أسبابِهِ

‏مرّ الجمالُ بمقلتيهِ صبيحةً
‏نشوى، وصلَّى الفجرَ في محرابِهِ

‏يُلقي علَى وَهَج الطبيعةِ درسَهُ
‏فالزهرُ والينبوعُ، من طلاَّبهِ

‏وعلَى الجهاتِ تفتحتْ أهدابُهُ
‏غُرَفاً ، فنامَ الشعبُ في أهدابِهِ

‏وبه ( المؤاخاةُ ) التي من ( طيبةٍ )
‏هيَ لم تزلْ في الصفحِ منْ آدابِهِ

‏يروي التآلفَ زهرةً عن زهرةٍ
‏سنداً ، يغارُ الخُلْدُ من أطيابهِ

‏حتّى تأرجتِ النفوسُ زكيَّةً
‏من طيبِ ( طهَ ) أو شذَا أصحابهِ

‏سالَ الهديلُ بمسمعيهِ فلمْ نجدْ
‏إلاَّ الحمامَ يحطُّ فوقَ قِبابهِ

‏ما قلتُ مابي خشيةَ استهجانهِ
‏إنْ قلتُ مابي لن أوفَّيَ مابِهِ

‏لا تعذلُوا يا من عذلتمْ، عاشقاً
‏حبُّ الترابِ بقلبهِ أودى بهِ

‏هذا فؤادي بالحنينِ، مُزَمَّلاً
‏وَقَفَتْ بهِ الذكرى على أبوابِهِ

‏مُسْتلهماً هممَ الذينَ استشهدوا
‏منْ أجلهِ، حتَّى غدَوا أولى بِهِ

‏عجنُوا شغافَ قلوبهمْ من طينهِ
‏ومضَوا، يسيرُ ركابُهمْ بركابِهِ

‏سأُقبِّلُ العينَ التي سَهِرَتْ على
‏أمنِ الترابِ لِساعةِ استتبابِهِ

‏وأحثُّ قلبي نحوَ دفْعِ زكاتِهِ
‏من حُبِّهِ، بعدَ اكتمالِ نِصابِهِ

‏عميتْ عيونُ مسهّدٍ لم تنتبهْ
‏في حفظِ من كانَ الضُّحى أوصَى بهِ

‏وطنٌ إذا شابتْ عوارضُ غيرِهِ
‏وافاكَ يرفلُ في ثيابِ شبابِهِ

‏ما ضاقَ بالألوانِ من أفكارهِ
‏تنمو وتكبرُ طاقةُ استيعابهِ

‏شجراً سما لا الريح تقنع جذرَهُ
‏لا الغصنُ يخضعُ في يَدَيْ حطّابهِ

‏قد عاشَ منذوراً ليومِ صلاحهِ
‏ما عاشَ منذوراً ليوم خرابهِ

‏طوّقتُهُ حتَّى امتدادِ سواعدي
‏شرقاً و غربا، بامتدادِ ترابِهِ

‏حَدِباً عليهِ كأنّني من لهفتي
‏عاقرتُه، وسكرتُ من أنخابِهِ

‏عانقتُ في قلبي ارتفاعَ جبالِهِ
‏و حضنتُ في روحي اخضرارَ هضابِهِ

‏لن أبلُغَ الأسرارَ من ولَعي بِهِ
‏حَتَّى أُنَعَّمَ في جحيمِ عذابِهِ

‏هو يشبهُ الأوطانَ إلاّ أنَّهُ
‏إن جارتِ الأوطانُ، غيرُ مشابهِ

‏هو يشبهُ الأوطانَ إلاّ أنَّهُ
‏قد ميّزَتْهُ الشمسُ عنْ أترابهِ

*شاعر من الأحساء

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود