الأكثر مشاهدة

الرياض_فرقد صدر مؤخرًا عن دار تكوين للنشر والتوزيع كتاب (الاختلاف أفسد للود قضية …

تجربة أكثر من ربع قرن أفرزت (الاختلاف يفسد للود قضية ) للكاتب عبدالله الحسني

منذ 3 أسابيع

138

0

الرياض_فرقد

صدر مؤخرًا عن دار تكوين للنشر والتوزيع كتاب (الاختلاف أفسد للود قضية).
للكاتب والإعلامي عبدالله الحسني مدير تحرير الشؤون الثقافية بصحيفة الرياض.

الكتاب عبارة عن تجربة ثرية لها أبعاد حوارية ثقافية لمجموعة من حوارات ثقافية تم نشرها في عدد من الصحف السعودية وهي خلاصة تجربة تجاوزت ربع قرن بين أروقة الصحافة الثقافية
وعن الاصدار تحدث المؤلف عبدالله الحسني :
“في تصوّري، أنّ الحوارات الثقافية هي “المِحرار” / “ميزان الحرارة” الأصدق، لقياس درجة حرارة أي مشهد ثقافي؛ فمن خلالها، نستبطن أفكار مثقفينا وكُتّابنا على اختلاف أشكال حضورهم، ونلامس خفايا آرائهم، ونعرف تشكّل توجهاتهم، ونقف على الكثير من ملامح شخصياتهم وما يساهم في فهمهم وتبيّن دلالات هذا الحضور وقيمته، وغيرها من النتائج والآثار اللتين تجلوان الصورة الحقيقية للمشهد الثقافي بشكل عام، وتجسّ مدى حيويّته وديناميكيته، أو سكونه وتمكُّثه في مناطق حضور صقيعي بارد لا روح فيه.
ولعلّي أتّفق تمامًا مع الكاتبة والمترجمة العربية الفذّة لطفية الدليمي، والتي ترى أنّ ” الحوارات الأدبية هي في الأساس مناوشات فكرية تنطوي على فضول مقبول مُوجّه بكياسة عالية لدفع الكاتب أو الروائي إلى الاعتراف بجوانب قوّته وضعفه وأسرار حِرفته حتى ليتحوّل الحوار إلى إطلالات ممتعة من نوافذ مشرعة على كل شيء…”.
هذا الكتاب عبارة عن حوارات مُنتخَبة تم اصطفاؤها من مجموعة حوارات ثقافية مختلفة، على امتداد مسيرة عمل في الصحافة الثقافية تجاوزت ربع قرن، وتم نشرها في عدد من المطبوعات السعودية.
أما نشرها الآن؛ فله دواعيه المُبرّرة والمُسوّغة – على الأقل لدي- فهي لقناعة بأنها ذات بُعد ثقافي ومعرفي راهني؛ بُعْد يكسر قيود الزمن، ويجعل منها عملًا صالحًا لأن يُقرأ- ولو بعد عقود من السنين- من الآن، ويُحدِث ذات الدهشة والقيمة؛ والعبرة والرهان الحقيقيين بالأثر والفائدة اللتين يمكن اقتطافهما من عناقيد إجابات مَنْ تمَّ محاورتهم ومواجهتهم، على اختلاف أفكارهم، ورؤاهم، وتلاوين اهتماماتهم؛ فضلًا عن وضع القارئ في مواجهة صادقة مع المثقف بشكل عام؛ باعتباره كائن “بيوثقافي” ذي نزعات بشرية تجعلنا نوقن بعاديّة خروجه عن هدوئه وَسَمْتِهِ اللذين تُضفيهما عليه الثقافةُ، وَوَصْفِه بالمثقف، أو المُفكّر، أو الكاتب عمومًا.
أيضًا تكتسي هذه الحوارات أهمية لا تقل عما تم الإشارة إليه آنفاً؛ وهي أنها بطابعها الجدلي السجاليّ ستكون شاهد عصر، وسجل تدويني للحركة الثقافية آنذاك، فلا غنى لباحث وراصد للحركة الثقافية عنها ولا يمكن تجاوزها؛ فضلًا عن قناعة راسخة لديّ بأن الفكر والثقافة والإبداع عمومًا يأخذون طابع الخلود والديمومة والاستمرارية؛ وكما يشير جي إم كوتزي بأن ” تاريخ الابداع الإنساني هو تاريخ التخصيب المتبادل بين الأفكار خارج حدود الجدران والحدود المصطنعة”.
وقد سَعَتْ هذه الحوارات إلى أن تتّخذ وتسلك طابع المناقشة والاستقصاء الثقافي والفكري القيّم؛ وبما يجعل من نشر تلك الحوارات في كتاب أمرًا مبررًا ر ومسوغًا، بل وراهني لازم، وأن يكون دفْعه بين يدي القارئ في وقتنا الراهن؛ هو فِعْل متّسق مع ما يملك هذا القارئ الحصيف الواعي المتبصّر بشؤون وشجون الفعل الثقافي بكافة تجليّاته؛ وبالتالي يخدم وعيه وتجشّمه عناء القراءة في زمن لاهث وصاخب، زمن بات فعل القراءة فيه ذا طابع طيّاري سريع؛ ولا غرو؛ فالكائن البشري يعيش زمن تغوُّل كل شيء، ويكابد ما لا يرحم من توحّش المادة واستحالته ككائن بشريّ لكائن متشيّئ غاية في المادية.
وقد تفاوتت الحوارات من حيث سخونتها، وحدّة بعض ضيوفها، وكذا درجة تقبّل البعض لمضامين طرحها؛ إذ مسّت البعض مسّاً مؤثّراً ظهرت آثاره في إجاباته؛ لكنه مع ذلك لم يمزّق أواصر التقدير ولم يَطَلْ وشائجَ الاحترام بين المتحاورين؛ ففي النهاية، هي حوارات تتغيّا الفائدة، وتروم الوقوف على بعض قضايا الثقافة والكتابة وفنونها؛ وقبل هذا تهجس بتحريك الراكد وتفزيز سكونيّة الساحة الثقافية.
وبالعودة لتلك الحوارات؛ وللبيان أقول: إني راضٍ تمام الرضى بمضامينها – برغم الحِدّية التي رافقتْها – لثقتي بأنها لم تخدش جلال المواجهة، ولم تَغُضّ من جدّية الطرح، ولم تقلّل من قيمة الأفكار وعمقها وراهنيتها.
في النهاية أثق تمامًا؛ بأن أيّ مشهد ثقافي لم يعْترِك ولم يناوش منتسبوه شؤونهم وهواجسهم الثقافية بوعي ومسؤولية، ويخوضوا في الجدل الثقافي الإيجابي الذي يمنح الحيوية والديناميكية ويضخّ في شرايين وجوده  دم الحياة؛ هو مشهد يعيش مواتًا حقيقيًا لا يخدم الثقافة ولا متعاطيها.
وقد سَعَتْ هذه الحوارات إلى نبذ أي سكون، وحاولت أن تقدّم ما يشفع لكاتبها أن ينشرها، من حيث رهانها على أنها كانت مُتأبّية على الاندثار، وأنها اشتبكت مع أحداث ذات طابع مستدام لا يخضع للراهنيّ أو العابر أو اللحظويّ؛ وإنما أفكار ورؤى وقضايا وإشكالات تمتد ولا تنهي، فضلًا عن القيمة الأدبية والثقافية والثراء المعرفي المرجوّ والمُتوخّى، كما تزعم بهجسها بما يتّسق مع الشعور الجمعي التوّاق لحياة وراهن أجمل، واصطيادًا  لدهشة ترقبها وترنو إليها في سماء الثقافة العميقة والرصينة؛ وهذا لعمْري هو أحد صور ممكنّات الثقافة باعتبارها شجرة الحضارة.. الأخصب.. والأرقى، على مرّ العصور.
يذكر بان الكتاب سيتوفر في معرض الرياض الدولي للكتاب بتاريخ 28 سبتبمر 2023م، حتى 7 أكتوبر والذي سيقام بجامعة الملك سعود بالرياض.

التعليقات

اترك تعليقاً

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود