مقالات مشابهة

الأكثر مشاهدة

نجلاء سلامة * إنَّ مصطلح كلمة “رجل” الذي توارثناه في عاداتنا وتقاليد …

كلمة رجل

منذ 10 أشهر

1089

0

نجلاء سلامة *

إنَّ مصطلح كلمة “رجل” الذي توارثناه في عاداتنا وتقاليدنا، يُعَدُّ واحدًا من أفضل الموروثات التي انتقلت من جيل إلى جيل حتى وصلنا للعصر الحاضر. فهل يعي الجميع المعنى الحقيقي لهذه الكلمة؟ وهل هذا الموروث
الذي مرت عليه السنون باقٍ حتى الآن بكل قوته وجلاله وهيبته التي اعتدنا عليها؟ وهل ما زالت كلمة الرجل لها نفس القوة في التأثير عند السماع؟
في الماضي كانت كلمة الرجل لها عدة معانٍ ضمنية يتداولها الناس فيما بينهم بمجرد لفظ تلك الكلمة، أيضًا كانت اختصارًا لكثير من المعاني السامية. فكنت تستطيع أنْ تشتري، وتبيع، وتعقد اتفاقًا فقط بتلك الكلمة، والأقوى من ذلك أنَّك كنت أيضًا من قبل تستطيع أنْ تتزوج بتلك الكلمة، فكلمة الرجل آنذاك كانت تعني؛ الميثاق والشرف والأمانة و الوفاء وعدم الرجوع في أي شيء تمَّ الاتفاق عليه في مجلسٍ ما أو على أمرٍ ما.
وآسفة لأني أقول: إننا الآن أصبحنا في زمن الأوراق والتوثيق، فلم يعد لكلمة الرجل كل ذاك الجلال وتلك الهيبة كما في السابق، واختلطت الأمور كثيرًا، ففقدت كلمة الرجل كل مخزون الثقة الذي كان يدعمها ويُقوِّيها، والأكثر من ذلك أنَّنا أصبحنا إلى جانب ذلك مطالبين بأخذ الاحتياط عند القيام بأي معاملة بكثير من إجراءات الأمان فقط لانعدام الثقة في الكلمة.
عزيزي الرجل، رجاءً توقف، وفكرجيدًا في كلمتك قبل أن تحرك بها لسانك وتعطي بها عهدًا أو ميثاقًا، أو وعدًا بالأمان أو الوفاء، فلم نعتد من كلمتك إلا على المعنى الجميل الذي كان مثالًا يُحتذى به عند ضرب المثل
للأمانة والشرف.
عزيزتي الأم، لا يمكنني إلا أنْ أعود إليكِ بجزء من المسئولية، فأنتِ “مصنع الرجال” ولا يمكنكِ أن تتنحي جانبًا لأنَّ هذا ما صنعت يداكِ للمجتمع، لذا رجاءً أعيدي النظر في عملك، وفي صنعتك، وحاولي أنْ تُعيدي لنا الرجل الذي افتقدناه كثيرًا بكل معاني الرجولة الحقيقية والتي تبدأ من كلمته الواثقة، والآمنة التي كان يعتبرها سيفًا على رقبته.

عزيزي الأب، في المراحل الأولى لبناء الرجل يكون دورك كبيرًا جدًا ولا يمكن إغفاله بأي شكلٍ كان، فأنت في كل حركاتك وسكناتك تمثل المثال الأول والوحيد الذي تتفتح عليه عين الولد وهو يكبر، فراقب نفسك، ولا
تقلل من دورك وتحمل مسؤوليتك، لأنَّه في الأغلب ذاك الولد الصغير الذي يتفتح على الحياة، هو النسخة المُصَغَّرة منك، لذا، دعه يرى أبًا يملأ العين والقلب، وإذا وضَعَتْهُ الحياةُ في مصاعبها، يتذكرك بكل خير ويقول:
“كان أبي يفعل كذا وكذا وأنا على نهجه”.
ونصحًا أخيرًا لك عزيزي الرجل، ليس منِّي ولكنَّه من أمير الشعراء شوقي حين قال:

وكن في الطريقِ عفيفَ الخُطا
شَريفَ السَّماعِ كريمَ النَّظَر

وكُن رجلًا إنْ أَتوا بعدهُ
يقولون: مَرَّ وهذا الأثَر

 

* كاتبة مصرية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود