ريم السنيدي*
لأتمته التقنية دور مهم وفعال في تشكيل هوية الفنان بتلقائية و بساطة غير محسوسة.
ظهر الفن التكنولوجي والذكاء الاصطناعي بشكل جلي على أفكار وثقافة ونظرة الفنانة التشكيلة ريم السنيدي في أعمالها، الأمر الذي يسهم في تكوين شخصية مميزة وهوية فنية تنفرد بمنهجية وأساليب تعرف بها أعمالها عن غيرها.
إن الرسم التقني والذكاء الاصطناعي يتطلب مهارات فنية وتقنية للتعامل مع البرامج والأدوات، فبعض الفنانين يواجهون صعوبة في التكيف مع الانتقال من الرسم التقليدي إلى التقني؛ لأنه يعتمد على الشكل والتكوين الفني بكل الخصائص الضرورية من المساحة واللون والضوء في إحداث تلخيص كلي، تكون كل العناصر التكوينية فيه متفاعلة في نمط واحد منسق؛ ذلك لأن غرض التكوين هو الوصول إلى النمط المتناسق والمتماسك، لذا فإن التكوين الجيد يجب ألا يشتت الغير من خلال عدم الاستقرار لبعض مكوناته أو من خلال نقص التوازن فيه، وبذلك فإن العمل الفني الناجح يتوقف على مقدار إحكام وحداته ويدل على شيء ظاهر، فهو فكرة وعاطفة وجمال يرتقي بالحاجة الإنسانية لفن جديد وصيغ جديدة للتعبير.
شاشة بيضاء، فكرة ولوحة، رسالة وإحساس، ترجمة حسية لونية تحمل أكوامًا من تجارب وخبرات الفنانة التشكيلة ريم السنيدي تتجسد في ذلك البياض، فتعبر عما يتصارع في داخلها من فلسفة عميقة باستخدام أسلوب خاص بالرسم، حيث تحرك اللوحة من المستوى الواحد المسطح إلى لوحة ثلاثية الأبعاد، باستخدامها لنسب هندسية محددة وكتل لونية وخامات متعددة للتحكم بالقرب والبعد والمنظور، متناسية كل الحدود والقيود لتعبر عما تجول به النفس من صراعات وآهات، لوحتها (لوحة صرخة وعجزت أن أجد لها من فمي) رسمتها كما تتخيلها بعقلها لا كما تراها بعينها، كانت اللوحة رثاء لقصيدة الأمير الراحل بدر بن عبد المحسن، صرخة ألم، فقد عزمت الفنانة التشكيلة ريم السنيدي على الإبحار بتخيلها بكل أريحية لترسم بكل حرية وتعبر وتناغم معزوفة لونية أليمة وحس غاضب، فبداخل كل أنثى صرخة لم تجد لها فم.
لقد تطور الحراك التشكيلي السعودي منذ نشأته، حيث كان منحصرًا على معلمي التربية الفنية وطلابهم، لكن اليوم سخرت الجهود لدعم كل من لديه موهبة ومهارة في سبيل الوصول لأفراد فاعلين في المجتمع، قادرين على تمثيل وطنهم داخليًا وخارجيًا، فالفنان يعمل على إثبات ذاته وترسيخ قواعد فنه، لتتحدث عنه أجيال بعده عن تكنيكيته ومنهاجيته التي عاصرها في وقته الحاضر، فالفن وأتمته الذكاء الاصطناعي هو المستقبل الذي يمزج بين الحرفة والابتكار.
التعليقات