الأكثر مشاهدة

إعداد_أحلام شعبان  أدى انتشار التقنية وساحات التواصل الاجتماعي المفتوحة إلى نشوء …

‎السرقات الثقافية التقنية.. ‎جرائم أدبية وانتهاكات فكرية ١_٢

منذ أسبوعين

183

0

إعداد_أحلام شعبان 

أدى انتشار التقنية وساحات التواصل الاجتماعي المفتوحة إلى نشوء سرقات أدبية بشكل متكرر ومتجدد تحت رداء التقنية، وسط الاعتماد على تجاهل رقابة ومتابعة المؤلفين وأصحاب حقوق الملكية الفكرية لأفكارهم ونصوصهم وإنتاجهم الذي تعرض للسطو والسرقة، وتم نسبه إلى آخرين؛ ما أسهم في ارتفاع تلك الحالات ووصولها إلى حد الظاهرة. 

فرقد سلطت الضوء على القضية من خلال المحاور التالية:

ما أبرز وجوه السطو الأدبي على أفكار ونصوص الآخرين وما أسباب انتشار  هذه الظاهرة؟

كيف تتم مقاضاة لصوص الأدب وكيف يحمي المؤلف إنتاجه من السرقة؟

ما المقترحات التي ترون أنها ستسهم في تخفيض معدل هذه السرقات ورفع مستوى التثقيف حول أضرارها؟

*رأى البعض السطو الأدبي  براءة اختراع

يفتتح حوارنا حول القضية الأستاذ عادل كامل أبو خلف، المدير التنفيذي لمؤسسة بدر بن عبدالمحسن الحضارية بقوله:

تعد ظاهرة السطو الأدبي أو السرقات الأدبية من أخطر الظواهر التي تهدد الحياة الثقافية والفكرية والأدبية؛ بسبب حالة الضياع والتشتت التي تتكالب على المؤلف حين يتم السطو على نتاجه الفكري والإبداعي، حيث يتم فيها انتهاك لأفكار وإبداعات الآخرين، فتضيع الحقوق تحت عناوين جاهزة للتبرير مثل: توارد خواطر أو غيرها من المبررات الجاهزة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ليس من السهل اتهام الآخرين بالسرقة.

المضحك أن البعض يشرع في السرقات الأدبية بدعوى أنها عملية احترافية يقوم بها الأدباء والكتاب بالتحايل على بعض النصوص، فيأخذون الفكرة من النص ثم يلبسونه ثوبًا أدبيًا جديدًا تحت طائلة الإبداع، بإعادة صياغة النص، لتصبح العملية أكثر مشروعية بانسجامها مع حرفة الفن والأجناس الأدبية، وهناك من يدعي بأن السطو الأدبي ما هو إلا براءة اختراع.

ويطلق البعض على السطو الادبي مصطلحات تخفيفية في وقعها للتقليل من حجم الجريمة، فينادونها بالتدوير والتحوير والمحاكاة، حتى لا يساء الظن بالمبدعين إذا سلمنا أن أحدًا لم ولن يسلم من وجود صلة بين معنى ونص آخر، لأن أيًّا من المبدعين لا يستطيع إثبات ادعاءه بأنه يملك معنى معينًا وينسبه لنفسه.

يتم عن طريق الملكية الفكرية بتسجيلها، وكما نعلم أنه تم إنشاء الهيئة السعودية للملكية الفكرية، وهي خطوة جميلة جدًا؛ لكي يتم حفظ الحقوق والحفاظ على حقوقك الأدبية وغيرها مهما كان نوعها، مع العلم أيضًا أن الهيئة تقدم مشكورة عدة دورات في هذا المجال؛ كدورة حق المؤلف بين الاقتباس والسرقة الأدبية وهي مجانًا كما أغلب الدورات التي تقدمها الهيئة.

المقترحات التي أرى أنها ستسهم في تخفيض معدل هذه السرقات ورفع مستوى التثقيف حول أضرارها؛ الوعي المستمر وهذا النهج المتبع الآن خصوصًا بالمنصات الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي والعمل على الاستمرار بعمل الدورات التثقيفية وغيرها من الوسائل الحديثة المتبعة، كما أرى أن إضافتها في المناهج الدراسية والجامعية أمر مهم يحث الجيل الجديد والأجيال القادمة إلى فهم وتثقيف من حولها ومعرفة أضرارها والعواقب الناتجة. 

*لصوص الأدب همهم الوصول السريع

وتعلق الشاعرة الأردنية  د.سماح علايا الخصاونه بقولها:

إن اتساع رقعة الفضاء الإلكتروني، وسهولة التواصل والتلاقح الفكري بين مختلف الدول والثقافات في العالم، ووفرة المعلومات التي تقدمها الشبكة العنكبوتية سهّل مهمة الوصول إلى أية معلومة مهما كان موضوعها وحجمها، فالمعلومة التي كان يقضي العالِم أيامًا وشهورًا يرتحل من أجل الحصول عليها، والتثبت من صحتها، باتت في متناول اليد بمجرد البحث في الإنترنت، المشكلة ليست هنا؛ المشكلة في هل يتم توثيق المعلومة أو الفكرة وإرجاعها إلى أصحابها؟ أم أنّ الموضوع بات عملية لصق ونسخ لما يروق للبعض من إبداعات الآخرين وأشعارهم ومقالاتهم وأفكارهم، وبعد ذلك يقومون بتذييل ما قاموا بنسخه بتوقيعاتهم، مُسلِّمين إلى أن الأمر سيمر مرور الكرام إذ لا حسيب ولا رقيب، وهذا ما يحصل حقيقة، فقلما نجد رقابة إلكترونية تحاسب على عمليات السطو الفكري والثقافي التي يتعرض لها المثقفون والأدباء الذين ينشرون نتاجاتهم من مختلف الأجناس الأدبية عبر المواقع الإلكترونية المختلفة أو حتى في كتبهم، فالأمر لا يزال مهمشًا ويحتاج النظر إليه بجدية أعمق رغم وجود برمجيات تكشف ذلك وكما أن السرقة محرمة في مختلف الشرائع والأديان، فسرقة أفكار الآخرين ونتاجاتهم الأدبية التي تعبوا وسهروا من أجلها تندرج تحت هذه الحرمة التي تستوجب العقاب الرادع.

وأود أن أشير هنا إلى أن السرقة الأدبية والعلمية موضوع  قديم جديد وقد فصل في هذا الأمر –لمن يريد الاستفاضةالدكتور فوزي طبانه في كتابه (السرقات الأدبية.. دراسة في ابتكار الأعمال الأدبية وتقليدها). الملفت في الأمر أن كثيرين لا يقدرون خطورة مثل هذه السرقات، فهي لا تقل خطورة عن سرقة المال، لذلك يكون همهم الحصول على التميز والشهرة والوصول بأسرع وقت، فيلجؤون إلى مثل السرقات الأدبية التي تعود أسبابها لخلو الوازع الأخلاقي عندهم، وأمانهم من العقاب؛ وذلك لضعف وجود رقابة إلكترونية تحاسب على هذه السرقات رغم وجود بعض البرمجيات التي تكشفها، وعدم إيمانهم بقدراتهم وأن لو اجتهدوا قليلًا لكان لهم ما أرادوا، والترف الذي يسعون إليه تحت مسمى شاعر، أديب، دكتور…”، إضافة إلى كسلهم غير المبرر في السعي نحو الاطلاع والبحث والأخذ من خبرات الآخرين، والحسد الذي يملأ بعضهم تجاه المبدعين الحقيقين، فيحاول السارق أن يقتنص فرصته بأن ينسب له ما ليس له في ظل وجود كمٍ لا متناهي من وسائل النشر الإلكتروني، وملايين من المقالات والأشعار، وآلاف من الكُتَّاب، لذلك نرى الزبديات تطفوا على المشهد الثقافي، فسميت الأشياء بغير مسمياتها، وانتهكت الحقوق واختلطت الأمور.

وللحد من ظاهرة السرقات التقنية الأدبية، والانتهاكات الفكرية التي هي أولوية مشتركة، لا بد من إيجاد حلول عملية تضمن لكل ذي حق حقه، فرغم صعوبة ضبط الأمور في هذا الفضاء الواسع، لكن ذلك ضرورة ملحة، تُلْزِم كل غيور ومثقف حقيقي على صون الحقوق وعدم انتهاكها من قبل ضعفاء الأنفس الكاذبين بطموحهم، فلو كانوا صادقين لسلكوا الطريق الأقوم، وصعدوا السلم درجة درجة، لكنهم اختاروا الطريق الخاطئ، فخذلوا أنفسهم، وقللوا من قيمتها، لذلك يجب أن يتم توثيق النتاجات الأدبية وفهرستها باسم المؤلف إلكترونيًا، وأن يتم وضع إشارات على النص المسروق تدلل على أن هذه النصوص مسروقة مع وضع اسم المؤلف الحقيقي عليها واسم السارق، وأن يتم تقييد حساب السارق في مختلف المواقع الإلكترونية، ومنعه من النشر بالتعاون مع دور النشر، وعلى الكاتب نفسه أن يتابع أعماله الأدبية، أين نشرت، وهل تم توثيق النصوص، وملاحقة الجهة التي يثبت سرقتها ومحاسبتها، ونشر ذلك على مختلف الوسائل الإلكترونية. 

*بوجود مرجعية وقانون صارم تتقلص اللصوصية

 

ويرى  القاص الأستاذ أحمد إسماعيل زين أن  أبرز وجوه السطو الأدبي على أفكار ونصوص الآخرين هي: تحويل النص الأدبي المسروق إلى عمل فني درامي على الشاشة وتقديمه للمشاهدين باسم شخص آخر، دون الإشارة إلى كاتبه الأصلي.

أما أسباب انتشارها حسب وجهة نظري فهي: * ضعف حيلة السارق الأدبي، ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وعدم شهرة المؤلف الأصلي، وشهرة ونفوذ السارق.

كان في السابق توجد إدارة في وزارة الثقافة، وفي جميع فروعها المنتشرة في جميع مناطق المملكة، اسمها إدارة حماية حقوق المؤلف، يستطيع المؤلف اللجوء إليها للحصول على حقه المسروق منه، أما بالوقت الحالي فتوجد هيئة اسمها هيئة حماية الحقوق الفكرية، ولها مركز رئيس في العاصمة الرياض، ولا يوجد لها أي فروع أخرى في بقية مناطق المملكة، وانحسر عملها في الوقت الحالي على مباشرة قضايا العلامات التجارية فقط، ولا تملك أي صلاحية لمنح المؤلف حقوقه المسروقة منه.

يضًا توجد المحاكم التجارية للنظر في مثل هذه القضايا، وتكون على نفقة المؤلف المدعي المسروق، وفي ظل هذه المعاناة المبتكرة بالوقت الحالي: يموت المؤلف كمدًا وحقه المغتصب في ذمة هيئة الحماية الفكرية، والمحكمة التجارية، والسارق لإبداعه. لذلك من المقترحات التي ستسهم في تخفيض معدل هذه السرقات: * سن قانون رادع لكل سارق أدبي، وإيجاد مرجعية صارمة تحفظ حقوق المؤلف الفكرية، والتشهير بكل سارق أدبي وفي جميع الوسائل الممكنة ليكون عبرة وعظة لكل سارق أدبي.

*وجوه السطو تنطلق من كاريزما الذات المغرورة

ويعلق الشاعر والكاتب الأستاذ عبد الرحمن سابي، عضو مجلس إدارة نادي الباحة الأدبي، بقوله:

لا يمكن البتة فصل دوافع القيام بهذه السرقات عن جوهر طبيعتها؛ كونها تتعلق بالمجال التقني أو غيره، فالجناية في الحالتين قبح وهي حال شهدت بها كتب الأدب قديمًا ووقع فيها الكثير من المحسوبين على الهوية الثقافية أو الراغبين في التفيء بظلال الهوية الثقافية للمثقف وما يندرج تحت هذا المسمى من كاريزما قد تحثه على السعي لنيلها، وهذان الصنفان لا يمكن إلقاء اللؤم عليهما بمن ملك الوجود الثقافي وربما كان به ذو شأنٍ وسيادة ووقع في هذا القبح البشري وسطا على نتاج غيره حرفيًا، فسرق مؤلفات بعينها ونسبها لذاته أو مارس التحريف والتقديم والتأخير بصور شتى لا تمر على الفطن المطلع والعارف قبل كل شيء بخلفية هذا المثقف السارق والبون الشاسع بين ما يكوّنه معرفيًا وثقافيًا وبين ما ادّعاه لنفسه بعيدًا عن الخوض في السبب الحقيقي لقيامه بهذا، وهي أمور تتعلق بمكاسب جمة لا يمكن تفصيلها لكنها تنطلق من وإلى حب الذات المتعلقة بالغرور والممارسة للكذب على نفسها قبل الآخرين. ولعل الأمر المتعلق بالسرقات الثقافية في عالم الفضاء التقني أكثر مكان يتواجد فيه هذا النوع من السرقات بحكم عولمة العصر وسرعة الحصول على المسروق بطرف البصر بالهويات المتعددة للجنس الثقافي المتضرر من هذه الشناعة، وهو في الوقت ذاته أكثر قدرة على كشف السارق وجنس المسروق متى ما ملك المطلع السعة في الاطلاع على ما يتم تناوله معرفيًا ولنا في الشواهد التي تداولها الوسط الثقافي حول هذا الأمر ولا يزال –  البرهان الجلي على دافع السارق وعذره الأكبر من ذنبه قبحًا، ناهيك عن هويته ومكانته التي قلت عنها سابقًا على أن الفرق جلي بين من يعالج فكرة بعينها تناولها المثقفون كل حسب رؤيته وبين من ينتحل الجمل بما حمل، وأذكر أنني قرأت كتابًا للمثقف كاظم جاهد يتحدث فيه عن أدونيس منتحلًا، وهذا لعمري هو الحل الأمثل لتعرية هؤلاء السارقين من خلال كشف طريقة سرقتهم لا تناصها مع أهل الجهد الحقيقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتشهير بهم علانية مهما كانت مكانة السارق الثقافية وإيجاد نظام جزائي صارم يتعلق بهذه السرقات بما يضمن حق المسروق الأدبي والمادي على السواء، مع الأخذ بالاعتبار حرص المثقف على ربط منتوجه به بشتى الوسائل المتاحة في وسائل التقنية كالصفحات الخاصة في البرامج المتعددة والتي تعتبر في نظري توقيعًا حقيقيًا يدل على الإبداعات وصاحبها الحقيقي، إضافة إلى الحديث بشكل مسهب في البرامج الحوارية خاصة عن هذه الظاهرة واستضافة نماذج من المسروقين للتحدث عن هذه التجارب معهم حتى يكون ما لسعد له وما لسعيدة لها.

*تكثيف التوعية يحد من السرقات الأدبية

وأبرز ما جاء في حوارنا رأي الكاتبة والشاعرة أ. تغريد عبد الكريم أنعم:

أرى إن قضية السرقات الثقافية التقنية تُعد من أخطر التحديات التي تواجه المشهد الأدبي والثقافي، السطو الأدبي يظهر في صور متعددة وكثيرة، منها النسخ الحرفي للنصوص، سرقة الأفكار دون الإشارة إلى مصدرها، وإعادة نشر الأعمال بأسماء أخرى.

ويعد من أهم وأبرز أسباب انتشار هذه الظاهرة: ضعف التوعية بحقوق الملكية الفكرية، وغياب قوانين رادعة في بعض الدول، كذلك سهولة الوصول إلى النصوص عبر الإنترنت دون وجود نظام مراقبة صارم.

ومن وجهة نظري لمقاضاة لصوص الأدب وحماية الإنتاج: تعتمد على توثيق الأدلة، مثل تسجيل النصوص في هيئات حقوق الملكية الفكرية، أو الاحتفاظ بنسخ أولية تحمل التواريخ، كما يمكن حماية الإنتاج من السرقة عن طريق استخدام تقنيات التشفير الرقمية، وتسجيل الأعمال في المنصات التي تدعم حقوق الملكية الفكرية دوليًا ومحليًا.

ويوجد عدد من المقترحات للحد من السرقات الثقافية في وقتنا الحالي ومنها، تكثيف التوعية عبر الحملات الإعلامية والمناهج الدراسية، وإنشاء منصات رقمية مخصصة لتوثيق الإنتاج الأدبي وضمان حقوق الملكية، وتعزيز القوانين الدولية والمحلية لتشمل جرائم السرقات الثقافية عبر الإنترنت، وتنظيم ورش عمل وندوات تُعنى بتثقيف المؤلفين والناشرين حول أهمية حماية إنتاجهم الأدبي. وأتمنى أن تسهم هذه الجهود في إحداث تأثير إيجابي على الساحة الثقافية والأدبية. 

*الطرق الصحيحة في التأليف وقاية من اللصوص

وللشاعر الأستاذ إبراهيم الشتوي مؤلف كتاب مسارب ضوء البدروجهة نظره الخاصة، حيث قال:

لم تكن السرقات الأدبية والفكرية وليدة عصرنا هذا، بل منذ العصور القديمة والأدباء والمفكرين يعانون من هذه القضية وما يترتب عليها من أضرار أدبية ونفسية واجتماعية، وانتهاك لحقوق المؤلف والناشر والمفكر، ومن تلك الوجوه التي تضمنها السرقات الأدبية: سرقة الفكرة أو اللفظ أو المعنى.

ومن أسباب انتشار هذه الظاهرة:

قلة الوازع الديني وضعف أخلاقياته المهنية.

ضعف الإمكانيات العلمية والأدبية والفكرية.

حب الذات والشهرة.

–  التقدم التقني والإلكتروني ووسائل التواصل عمومًا، ساعد في انتشار السرقات الأدبية وسهولة الوصول إلى نتاج وتجارب الآخرين الأدبية والعلمية التي يسهل نسخها ونسبها للسارق الأدبي.

التقاعس عن الإنجاز والإبداع والاعتماد على النفس، ساعد في الالتفات لنتاج وتجارب الآخرين.

تتم مقاضاة لصوص الأدب عن طريق التشهير بالسرقات التي ارتكبوها، وإيضاح صاحب الحق الأدبي أو الفكري والتقني. 

كذلك سحب الرسائل العلمية والبحوث والمؤلفات من السارق، كما أن العقوبة المادية خيار أمثل في بعض الحالات. 

من أبرز المقترحات التي ستسهم في تخفيض معدل هذه السرقات ورفع مستوى التثقيف حول أضرارها:

أولًا يجب رفع الوعي الثقافي والفكري في المجتمع على خطورة السرقات الأدبية والعواقب الوخيمة التي تسببها في الأوساط العلمية والفكرية والأدبية؛ ما ينعكس سلبًا على التقدم الحضاري الذي نعيشه، كذلك يجب اتباع خطوات النشر للمؤلف والمفكر، من حيث ذكر المصادر ودقة الأسلوب واتباع الطرق الصحيحة في التأليف وقواعد الكتابة لتجنب الوقوع في السرقة، كذلك النشر في القنوات الموثوقة لحفظ الحقوق الخاصة بالناشر.

*السطو الأدبي خطر يهدد الإبداع 

ويضيف الاستاذ عبد الإله الزهراني، مدير مكتب صحيفة الرأي بالغربية رأيه بقوله:

السطو الأدبي، أو ما يعرف بالسرقة الفكرية، هو انتحال أعمال الآخرين ونسبتها إلى النفس دون إذن أو إشارة إلى المصدر الأصلي. يُعد هذا السلوك غير أخلاقي وغير قانوني، إذ يهدد حقوق الملكية الفكرية ويقوض الإبداع الأدبي والثقافي. ومع تطور وسائل النشر الرقمي، أصبح السطو الأدبي أكثر انتشارًا، ما يستدعي البحث في أسبابه وطرق الحد منه.

فمن أبرز مظاهر وأشكال السطو الأدبي؛ الانتحال المباشر وهو نقل نصوص كاملة أو أجزاء منها دون تغيير أو إشارة إلى المصدر وإعادة الصياغة دون توثيق، أيضًا إعادة كتابة الأفكار أو العبارات بأسلوب مختلف دون الإشارة إلى المؤلف الأصلي والنقل الجزئي وهو دمج مقاطع من مصادر متعددة دون توثيقها، ما يوهم القارئ بأنها من إنتاج الكاتب نفسه واستخدام أفكار أو مفاهيم من مؤلفات أخرى دون الاعتراف بمصدرها وتقديم عمل منشور سابقٍ تحت اسم مختلف أو ضمن كتابات جديدة دون تعديل جوهري وهذا ما يسمى (السطو على الأفكار). 

ويرجع انتشار هذه الظاهرة إلى عدة عوامل، منها:

ضعف الوعي بأخلاقيات البحث والنشر، فبعض الكتّاب والباحثين لا يدركون تمامًا خطورة السطو الأدبي وأبعاده القانونية.

إنما لديهم الرغبة في تحقيق الشهرة لتحقيق نجاح سريع دون بذل جهد حقيقي في الإبداع والبحث.

والرغبة في سهولة الوصول إلى المعلومات ونشرها دون تتبع مصادرها، ربما لديهم نقص في المهارات البحثية والتوثيقية بشكل صحيح. 

ومن سبل الحد من هذه الظاهرة:

لا بد من اتخاذ عدة خطوات فعالة، منها؛ تعزيز التوعية ونشرها حول أخلاقيات الكتابة وأهمية احترام حقوق الملكية الفكرية وتعليم الباحثين مهارات التوثيق وتدريب الطلاب على طرق الاقتباس الصحيحة واستخدام أدوات كشف السرقات الأدبية، وفرض عقوبات رادعة على من يثبت تورطهم في السطو الأدبي، سواء في الأوساط الأكاديمية أو الأدبية.

ختامًا: السطو الأدبي خطر يهدد الإبداع ويقوض الثقة في الإنتاج العلمي والثقافي. لذلك، فإن مكافحته تتطلب تظافر الجهود بين المؤسسات الأكاديمية والثقافية والقانونية، إلى جانب تعزيز الوعي العام بأهمية النزاهة الفكرية. فقط من خلال هذه الإجراءات يمكن حماية حقوق المؤلفين وتشجيع بيئة أدبية أكثر شفافية ونزاهة.

*لوعي الكاتب دور في حماية نتاجه الأدبي 

وتعلق الكاتبة والروائية الأستاذة سهام علي على محاور القضية بقولها:

يحمل الصبح بين طياته عدد من الأفكار الجامحة، ومع اغتنام فرصة الوقت لسكب عبارات الفكر كلمات توعوية لتصب في المصلحة المجتمعية، وقد تكون تفريغ لفكر مشحون تشبع ألمًا واعتصر حزنًا من أوباش همهم أن يشار إليهم بالبنان، فهم ثلة يرتقون عتبات المنابر ويتصدرون المجالس، كاتبون مزيفون وصناع كلمة (سارقون لأفكار غيرهم)، مارقون عن العدالة الإنسانية والفكر النزيه، فكل ما عليه وجُلَّ همه هو البحث عن الكلمة الهادفة والعبارة الرنانة لتدوي بعد ذلك تحت اسمه معنونة سرقته الأدبية غير آبه بجريمته الشنيعة وفعلته القذرة التي تخبئ خلفها إنسانًا ظالمًا لنفسه ولمجتمعه، سارقًا تعب الفكر ونضال العقل ليخرج لنا نفسه بصورة مريضة خبيثة (سارق الكلمة)، فمرة يسرق كتاب غيره لينسبه له متشدقًا بمعلوماته، وأخرى يمتص فكر غيره وكتاباته ويومياته مذيلًا المنشور باسمه، وتجد بعضهم بمناصبه العلمية يقصده الكتاب للمراجعة والتدقيق فيخون الأمانة وينسب ما قُدِّم له على أنه من جهده وعرق جبينه وخلاصة خبرته، كما أن بعضهم يتعمق في الصحبة ليكون قريبًا من كاتب مبتدئ ذي موهبة فذة فيأخذ ما دونه للاطلاع وتقديم المشورة، لكنه يضمر ما لا يظهر من نسخها ونشرها باسمه، ولكنهم بفعلتهم البائسة خاسرون ولجرائم أعمالهم ملاقون، فمتى انفضح أمره في المجتمع وسوف يكون تراه يتصنع الأعذار بتوافق المقال ولن يكون له إلا حسرة النفس وبغض المجتمع وكره الناس له، إضافة لما ينتظره من سوء العقوبة النظامية للسرقة الأدبية، وتلك العقوبات التي سنتها لنا القوانين السعودية وفقًا للمادة رقم 22 من نظام حماية المؤلف فقد تكون بالسجن 6 أشهر أو الغرامة المالية التي تصل إلى 250.000 ريال أو بهما معًا، فلماذا يُعَرِّض الإنسان نفسه لتلك العقوبة التي تكون وبالًا عليه في حياته، مع ما ينتظره من نظرة المجتمع له من مقت لأعماله وسوء صنيعه، فعلى الكاتب أن يكون على وعي بما يتوجب عليه فعله لحفظ منتوجه العلمي وأفكاره الأدبية بتوثيقها عن طريق الدور الموثقة لإصدار حقوق الفسح والنشر والحماية إلى غير ذلك مما يتوجب عليه حفظه من سراق الفكر وأعداء النجاح. كما أنني أعهد لإخوتي الكتاب أرباب الكلمة وأصحاب الأقلام ألا يتهاونوا في فضح من يقومون بسرقة الأفكار وهدم الجهد والبنيان برفع أمرهم لجهة الاختصاص، ليكونوا لغيرهم عبرة ولأمثالهم درسًا لا ينسى. 

 * للإعلام  دور في تنظيم الحملات التوعوية 

وتقول الإعلامية والروائية نورة السعيدي في إجابتها على محاور القضية:

طُرح عليّ ككاتبة وصحافية موضوع قد انتشر في الآونة الأخيرة، وهو سرقات لبعض الأعمال المكتوبة لبعض الكتاب الذين سبقونا بالمجال ونجحوا وأصبحوا هاجسًا لمن هم أصغر سنًا، قد تعتبره ظاهرة مكررة للكثير في نقل النصوص الأدبية دون الإشارة إلى مصدرها.

نسب الأعمال للكاتب بعد اقتباس أفكاره وتغير طفيف لا يخفي شخصية الكاتب الأصلي، وهناك من يحول نصوص أو كتب إلى اللغة العربية وأخذ العمل بالكامل من كاتب فرنسي أو من الأدب الروسي، يجب على الكاتب أن يحمي أعماله وأفكاره، ويعزز وعيه بحقوق الملكية الفكرية عن طريق وزارة الثقافة والأدب ليحمي أعماله من هذه الفئة الدخيلة على مجتمعنا والسعي وراء الشهرة السريعة، دون عناء التفكير وفرض قوانين صارمة لحماية حقوق المؤلفين.

وتقديم أدلة تثبت الملكية الفكرية للنص من خلال النسخة الأصلية للعمل ولتاريخ نشره، وهذا الإثبات سهل على الجهات المعنية بالبحث واتخاذ القرار بحق السارق، ومطالبة المعتدي فكريًا وأدبيًا بالتعويضات للكاتب لما حصل له من سرقة وإضرار لعمله، وإذا تم ما سبق يلجأ الكاتب لمحامي مختص.

يجب عليك ككاتب ألا تشارك نصوصك وأفكارك مع الغرباء أو عبر منصات غير موثوقة.

يجب على الإعلام المرئي والمسموع والمقروء تنظيم حملات توعوية عبر المنصات والتواصل الاجتماعي، عن خطورة السرقات الأدبية وأضرارها في الإبداع.

ويجب إدخال مفهوم الملكية الفكرية في المناهج الدراسية لتثقيف الطلبة وتصحيح معنى الأمانة في كل ما يقرأ وكيف يتأثر بأعمال كاتب دون السرقة منه، والتعلم من طريقتهُ السحرية في افتتاح المشاهد، والهدف يكون كما عبر عنه ريك روبن في كتابه الفعل المبدع حيث كتب.

(الهدف ليس محاكاة أعظم الأعمال في الفن والأدب والسرقة منها، بل إعادة ضبط معاييرنا الداخلية للتعرف على العظمة وتميزها لنقوم باتخاذ آلاف القرارات الصغيرة في حياتنا التي قد تؤدي يومًا إلى إنتاج أعمالنا العظيمة التي لا يشبهها شيء آخر). 

والكتابة تحدث خارج الصفحة بعدما يحدث داخلها، وقبل جلوسك أمام الصفحة البيضاء عليك عيش تجربة الحياة واختبارها بحواسك الخمس لتأتي ومعك ذخيرتك ومادتك الخام التي لا يملكها أحد.

لتخلق لغتك ووعاء نصك دون تجربة ودون قصة حقيقية ستتحول من فنان إلى حرفي يجيد الابتكار في هندسة الكلمة المعمارية.

*على الكاتب توثيق نصوصه قبل نشرها 

وللأديـب والناقــد رائـد الـعمري، من الأردن، رئـيس اتحاد الـقيصر للآداب والــفنون، رأيه حيث أفاد:

أبرز وجوه السطو الأدبي على أفكار ونصوص الآخرين، أرى أن حب الظهور عند البعض ممن لا يمتلك الإبداع ليكون في مصاف المبدعين من الكتاب والمثقفين والأدباء والشعراء يجعلهُ يتتبع لكتابات الكتاب المعروفين أو المُجيدين للكتابة الأدبية الابداعية، ولما صارت ثورة التكنولوجيا والمعلومات فإن أمر السرقة للفكرة أو النص أو الصور الأدبية المبدعة صار أقل جهدًا ووقتًا، خاصة ممن اعتادَ النشر على صفحاتهِ في وسائل التواصل الاجتماعي، ناهيكَ عمن يسرق الفكرة أو الصورة من الكتاب ذاتهم ليبني عليها قصيدته أو نصّه الجديد مع إثباتها لنفسهِ دون أدنى ذكر للمبدع الذي ابتكرها أو الكاتب الأول، لذلك أصبحنا نرى ونسمع من كثير من أدعياء الثقافة ممن لا يستطيعونَ حتى قراءة ما سرقوا أو التعبير عنه بشكلٍ صحيح، وفعلًا زادت وسائل التواصل الحديث من عدد هذه السرقات، وأصبحَ كثيرون يتسابقون لسرعة الاقتباس أو النشر دونَ أي وازع ديني أو أخلاقي، فسارق الفكر أخطرُ من سارق المال.

على الكاتب الحقيقي ألا يسكت إن رأى نصّا له قد سرق عن طريق سبل التواصل الاجتماعي، كذلك على الكاتب الحقيقي أن يلجأ لتوثيق ما ينشره قبل نشره في صفحات الإنترنت بمختلف تطبيقاته، وذلك للحفاظ على أحقيته في الفكرة والنص والصور والأخيلة، وألا ينشر النص إلا بعد توثيقه بمجلة ثقافية مثلًا أو بالصحف في الصفحات الثقافية التي تعنى بكتابات المبدعين، كما يجب أن ينشر اسم السارق للنصوص في كل المواقع، ومن الممكن أن يتقدم صاحب النص الأصلي بشكوى لدى وحدة الجرائم الإلكترونية أو في المحاكم المختصة لمقاضاة السارق إن استطاع إثبات أحقيته في النص.

أرى ألا ينشر الكاتب نصوصه قبل توثيقها وأخذ رقم إيداع لها ليثبت حقه في النشر، وأن يراعي أسلوبه ولغته التي تجعل المطلع أو المتلقي يميز الكاتب من كتابته، كما أدعو الكتاب الجدد إلى أن يقرؤوا ويتعلموا بدلًا من التسكع في البحث عن موضوع أو فكرة جاهزة، وأن يحترم خصوصية وحقوق كل مبدع وكاتب، كما أشير للكتاب الكبار أيضًا بأن يعقدوا ورشات تدريبية تعليمية حول الكتابة الإبداعية لمثل هؤلاء محبي الثقافة وتأهيلهم، حتى يكونوا في مصاف المثقفين والمبدعين، ونحذر من النشر الإلكتروني غير الموثق. 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود