
أتعجّبُ كثيراً من حال بعض النَّاس، بسبب تسليمهم عقولهم لغيرهم بِكُلِّ سهولة!
أصبح من السهل أن يقودهم مُهرج، أو مُرجف، أو غوغائي إلى حيث يريدهم هو، لا حيث يريدون أو حيث يجب أن يكونوا.
يسيطرعليه ببث خبر أو معلومة، ودون أي محاولة لاستخدام العقل والتفكير بكل منطقية في الخبر وأبعاده؛ يصدقه بكل ما فيه، بل يتعدى إلى أبعد من التصديق فيسهم في نشر خبره ويتبناه ويدافع عن مصداقيته!
ومع كثرة مواقع التواصل الاجتماعي أصبح الإنسان يحتاج إلى كثيرٍ من التعقل والتفكير والتأني حتى يتحقق ويصبح بالفعل إنساناً متزناً يوازن الأمور في عقله قبل أن يصبح تابعاً لمهرج أو غوغائي أو جاهل، ويصير صوتُه صدى لترهاته، ليعلو الصياح والضجيج من أتفه الأشياء.
من المقرف جداً، وقد يصل إلى حدِّ البشاعة، أن تكون من ضمن القطيع الذي يتبع جاهلاً أو ناقماً، وكل ذلك بسبب أنك لم تستعمل عقلك بالتفكير بالشكل الجيد الذي ينجيك من ثقافة القطيع التابعة في كل شيءٍ لمن يقودها إلى جهة ما.
من يقود القطيع لا يعبأ بالذين خلفه، هو يقود الحشود بناءً على عاطفته أو مصلحته أو ما يوافق هواه، وما نفذ إلى قلوب بعضهم إلا بسبب غياب الحكمة وتفضيل الاندفاع في كل الأمور.
من المهم للمرء؛ وخصوصاً في هذا الزمن، أن يسيطر على أحكامه وانفعالاته ولا يتعجل في إصدارها إلا بعد مداولة عميقة بينه وبين نفسه وعقله.
ومن الناحية النفسية، عندما ينأى الفرد بنفسه عن هذه الفوضى المنتشرة، التي تسعى إلى نشر الكذب وتهول في كل شيء يحيط بنا، فإنه يكون أقرب لصفاء الذهن والبال، ويبتعد عن القلق والصياح والشكوى التي لا يستفيد منها إلا مزيداً من الوهن والتشتّت.
ولا أعلم السر وراء هذه الفوضى التي لا تهدف إلا إلى نشر اللغط والتخويف والحيرة والقلق وجعل الإنسان يعيش يومه واجف القلب يملأ روحه الفزع فينصرف عن الحياة.
فعلى العاقل ألا يضيع عمره القصير بالجري خلف تفاهات وأخبار لا يعوّل عليها شاغلاً نفسه بأمور لا تزيده إلا حنقاً وغيظاً وكرهاً.
ولستُ في هذه المقالة واعظاً أو ناصحاً، وإنما أريد السعادة لأرواح البشر بعيداً عن الفوضى العارمة ولغة التشاؤم والتخويف من أمور هي في الأصل ربما تكون في صالحك.
فعش حياتك بعيداً عن المرجفين والغوغائيين والكارهين والحاقدين، وسترى الجمال والسعادة بعينها.
استعمل عقلك قبل تصديق أي أمر أو خبر، وللأسف فإن بعض الناس أصبحوا يتسربلون بالسلبية ويبحثون عن المعلومة الكاذبة ويتلذذون بسماعها أكثر من البحث عن المعلومة الصادقة.
لن تجني من متابعة هؤلاء المرجفين وتصديقهم إلا المرض وزيادة قلقك، فالبعد عنهم راحة لك ولصحتك.
*كاتب سعودي
حساب تويتر: Selimmoh2
التعليقات