85
0353
1617
0652
0486
421
051
079
080
0240
3الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
11935
07053
06861
06337
05728
5عبدالله النصر*
في قريةٍ مغلقة على أسرارها، حيث الليل أكثر سوادًا من الحكايات المخبّأة في الزوايا، وقف عدنان أمام بيت عيسى. جسده المشدود كوتر قوسٍ يشي بتوترٍ غير معلن، ويداه المرتجفتان تفضحان صراعًا داخليًا. النخيل حوله تلوح بأوراقها، كأنها تشير بأصابعها الطويلة إلى دخوله في دوامة لا مهرب منها.
رفع يده ليطرق الباب، لكنه توقف. كان الهواء بينهما ثقيلًا، وكأن القرية كلها تحبس أنفاسها. في لحظة، فتح الباب ليخرج عيسى، كأنه جزء من الليل نفسه. عيناه الداكنتان تلمعان بسخرية مبطنة.
قالها وكأنها طعنة باردة.. ثم أردف:
حاول عدنان السيطرة على ارتجاف صوته. مدّ خطوته نحو عيسى بثبات مصطنع:
ظهرت على شفتي عيسى ابتسامة غريبة، نصفها سخرية ونصفها تهديد. قال بنبرة مشوبة بالازدراء:
حاول عدنان التماسك، لكنه شعر بالظلام من حوله يقترب، وكأنه يختبر شجاعته. قال بصوتٍ مثقل بالتحدي:
اتسعت عينا عيسى قليلًا، ثم ضاقتا سريعًا كأنما يحاول دفن أثر الصدمة.. تقدم خطوة نحو عدنان وقال:
تردد صوت الريح عاليًا، وأوراق النخيل بدأت تصطدم ببعضها كأنها تصرخ تحذيرًا. مدّ عدنان يده نحو الباب المفتوح وقال بصوتٍ هادئ، لكنه يحمل تصميمًا لا يخلو من الحذر:
ارتفع حاجبا عيسى ببطء، كأنما يستوعب ما قاله عدنان.. ثم أردف بضحكة ناعمة، لكنها حادة كأزيز السكين:
وقبل أن يكمل عيسى، تسلل صوتٌ ناعم من أعماق البيت، لكنه كان مشحونًا برهبة خفية.. كان صوت امرأة، لكنه جاء كصدى غريب، كأنه ينبثق من قلب الجدران نفسها:
تجمد عدنان مكانه.. التفت نحو الباب، لكن عيسى كان أسرع.. وقف بينه وبين المدخل، ثم قال بصوتٍ مشوب بالانتصار:
كانت الكلمات كضربة صاعقة.. حاول عدنان أن يتقدم، لكن قدميه غاصتا في الرمال.. قال بصوت متقطع:
اقترب عيسى منه حتى كاد يلتصق به، ثم همس:
اندفع عدنان نحو الباب، لكن صوت المرأة من الداخل كان أقوى هذه المرة:
كان الظلام من حوله يتكاثف، وكأنه يصبح حية.. النخيل تحركت بعنف أكبر، أوراقها تصدر صريرًا أشبه بصرخات الاحتضار.. شعر عدنان بأن الأرض تحت قدميه لم تعد صلبة.. حاول أن يصرخ، لكن الكلمات ماتت في حلقه.
في اللحظة الأخيرة، أُغلق الباب بعنف.. ترك عيسى المكان، وضحكته تتردد كصدى بعيد.. أما عدنان، فقد وقف هناك، محاصرًا بين الظلال التي أصبحت أشبه بجدران سجنٍ لا مهرب منه.
النخيل من حوله توقفت عن الحركة، لكنها ظلت تنظر.. وفي الصمت، بدا وكأنها تهمس سرًّا أخيرًا لا يسمعه أحد.
*كاتب من السعودية
التعليقات