سامح إدوار سعدالله*

سرقت من ذكرياتي حلمًا

من تلك الذكريات البعيدة

التي ترسَّبت في قمقم بقاع اليم

عندما كنت فارسًا

يحلم ويمرح ويحيا

على مصرعي القمر

الحياة مزدهرة برائحة الموتى

بساتينها وشواطئها لا تخلو

من مباهج الموت التي تجلت

في حلمٍ جاز في مخيلتي

مثل العصفور

عندما ينبش قبره في قلبي

بين واحات السحاب المولود

من جماع الماء والهواء

نعم لم تجنِ ولم تحصد

لكن كانت تعويذة

صنعت لها فراديس

من شرنقة ظللت حدودي

وعجنت من دمائها 

قرابين حبها للطبيعة

رويدًا رويدًا صنعت العصافير

أحلامها وأعشاشها في جناتها

وحملت بين أحشائها 

عناقيد السلام والأمل

كنت مثلها أحلم بالحياة والأمل

حاولت من ذلك الحلم المسروق

أن أحيا معهم الأمل المهراق

في كؤوس النبيذ المعتقة

خرجت به من صندوق الذكريات خلسة

فأهجت علىّ الثعابين

تلاحقني وتهاجمني وتطاردني

بين شقوق الأرض الظمآنة

وثنايا النفس المرتابة

قفزت بين ضلوعي

تسللت في هدوء العين النعسانة

مثل الشبح اخترق أسوار صدري

فصرت عاجزًا مثل الرئم

المترنح في حضن التنين

الذي كان يسكن داخلي

بين جنبات الكابوس القديم

الذي يرفض عني الرحيل

يلازمني يشقني..

يجرجرني في شوارع كوابيسي

انتفض يا هذا الرئم المسموم

وأنت يا عصفور المجروح

يا هذا الإنسان المخدوع

قوموا جميعكم

لألملم بقايا النفس المذبوحة

هذه الروح التي تعني الانفصام

تريد الحرية المخبأة في تابوت الأصنام

هذا السجن المصنوع من صرخات البشر

من أسوار غيبية مصقولة

من أشعة النار الضبابية

أبوابه أبواب دهرية مغلقة

بأقفال تحتاج لفتحها

فك رموز وطلاسم

أُحجية الباب الأول 

تخالف الثالث والسابع

والثاني معقود على الرابع

والخامس فيه ضحايا

لا تدري منه معالم

أنا أجهل حمل الصورة

التي فيها قرابين ومعارف

فما زال العصفور المأسور بين ضلوعي

يبحث عن تلك الرئم المذبوح كياني

وأنا منهم عاجزٌ عن فك قيود الأحلام

لأني تعجبت من تلك الأحداث

فهل كان حلم المسروق

حلمًا أم كابوسًا قد استبدله

ذاكرتي الملعونة

عندما قررت أن أسرق حلمًا

أستعيد به أمجادي. 

*شاعر مصري