26
0
49
0
11
0
41
0
11
0
الرياض_فرقد تستضيف هيئة الأدب والنشر والترجمة، سلطنة عُمان الشقيقة كضيف شرف للدورة المقبلة من معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، والذي سيقام تحت شعار "وجهة ملهمة" خلال …
12019
0
10973
0
10396
0
9284
5
7851
0

محمد العميسي*
حين نكتب عن اليوم الوطني السعودي، لا نكتب عن مجرد تاريخ مؤرخ على الورق، ولا عن مناسبة وطنية عابرة. نحن، كيمنيين، نقرأ هذا اليوم كدهشة كبرى في مجرى التاريخ، وكمعجزة صاغت الجغرافيا وأعادت للجزيرة العربية معناها وكيانها.
الوطن حين يولد، لا يولد بلا ألم، ولا ينهض من فراغ. والتاريخ العربي في جزيرته كان مرهقًا بالشتات، موزعًا على أزمنة من الفوضى والاحتراب والانكسار. فجأة، ينهض رجل من قلب الصحراء، ليحمل على كتفيه مهمة تكاد تبدو مستحيلة؛ أن يوحّد أرضًا متنافرة، وأن يجمع شعوبًا أنهكها التيه، وأن يعلن ميلاد وطن سيغير وجه المنطقة بأسرها.
اليوم الوطني السعودي ليس مجرد ذكرى تأسيس بحد ذاتها، إنما أعمق من ذلك بكثير، إنما هو سؤال فلسفي عميق: ماذا لو لم يأتِ الملك عبد العزيز؟ ماذا لو لم يتوحّد هذا الكيان؟
أكانت هذه الأرض ستظل تتشظى إلى دويلات هشة لا تقوى على البقاء؟ أكان الإنسان هنا سيواجه مصيرًا شبيهًا بمصائر شعوب جائعة رغم غزارة خيراتها؟
الجواب: أن يد الله رتبت للتاريخ إرادته، فكان أن خرج من رحم الفوضى ميلاد الدولة السعودية، كأعظم مشروع نهضوي في قلب صحراء لا زرع فيها ولا ماء، غير أنها امتلأت بالمعنى والقدرة والإرادة.
وإذا كان السعودي يقرأ هذا اليوم بلسان الفخر والانتماء، فإننا كيمنيين نقرأه بلسان الامتنان والأخوة. السعودية لم تكن يومًا جارة محايدة، بل سندًا حقيقيًا. لم يكن عطفها علينا موقفًا عابرًا، بل مسارًا ممتدًا في دم الجوار والتاريخ. من يجهل أدوارها في لحظات محنتنا؟ من ينكر يدها البيضاء حين أرسلت طائرة خاصة لإنقاذ طفل من إحدى مديريات محافظتي حجة قبل ثلاثة أيام من كتابة هذه المقال، ومن يغمض عينيه عن كل ما قدمته لشعبنا في مواجهة مآسينا؟
إننا نحب السعودية لا بدافع العاطفة وحدها، بل لأننا رأيناها تتحول من وطن لنفسها إلى وطن لغيرها، من دولة تصنع نهضتها إلى دولة تحمل مع الآخرين أعباءهم، وتمنحهم من وقتها وجهدها ونبضها.
اليوم الوطني السعودي، في نظرنا، هو يوم لليقين؛ يقين أن التاريخ لا يحدث مصادفة.. يقين أن الجزيرة لم تكن لتستمر كأرض مبعثرة، وأن الله كتب لها أن تتوحد على يد رجل جمع بين الحلم والإرادة، فأسس كيانًا بحجم المملكة العربية السعودية.
اليوم، بعد اثنين وتسعين عامًا ونيف، نرى المملكة تمضي برؤية جديدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان. رؤية تنقل السعودية من دولة رائدة في محيطها، إلى دولة تصنع ملامح المستقبل على مستوى العالم.
في هذا اليوم، لا يملك القلب إلا أن يرفع الدعاء: دام عزك يا وطن العز، دام عزك يا السعودية.
وما أجمل أن يكون لنا، كيمنيين، شرف مشاركتكم هذا الفرح، لأنكم جزء من وجداننا، ولأننا تعلمنا من تاريخكم أن الأوطان تُبنى بالصبر، وتنهض بالإرادة، وتبقى بالوفاء.
*كاتب يمني
التعليقات