الأكثر مشاهدة

الكاتبة: ربيعة الشملان* وقفتُ على هذه المجموعة القصصية المختلفة للكاتب السعودي ن …

«المعتقل الأحمر».. نافذة على الوصف والتكثيف

منذ 4 أيام

22

0

الكاتبة: ربيعة الشملان*

وقفتُ على هذه المجموعة القصصية المختلفة للكاتب السعودي نايف مهدي، تحمل بين طيّاتها الكثير من الأفكار والمواقف والمشاهد التي تأخذك إلى عوالم مختلفة من الخيال، حيث أسهب الكاتب في توضيح تفاصيله إلى حدّ يغرقك في الحدث، ويجعلك تذهب مع هذه التفاصيل إلى أبعاد نفسية وشعورية تتغلغل فيك، فتجد نفسك غير قادر على مغادرة اللقطة.

يُثبت الكاتب في هذه المجموعة قدرة فائقة على الوصف وشرح مكونات المشهد بطريقة تستفز المشاعر، وتجعلك تتأرجح بين الألم والقسوة والتعاطف والحزن والخذلان.

تطرّقت المجموعة إلى مواضيع متفاوتة، تتباين في الكثافة والبساطة، في القوة والمرونة، في السلاسة والتعقيد.. تتصاعد الأحداث ثم تخفت، كأنك تشاهد فيلمًا سينمائيًا، كل بطل فيه يحمل قصة مختلفة لا تلتقي مع قصة الآخر.

فنرى المشهد الذي تتجسّد فيه أُمنية العودة إلى الحياة في قصة “ضوضاء جارفة”، ثم ننتقل إلى رغبات التعلق الملحة في الأمل والبقاء مهما كان بسيطًا في حكاية “نسائم أخيرة”.. بعد ذلك، نشهد صراعًا على الحياة في “القط عوينان”، لتأخذنا “مدينة الرماد” إلى مجموعة من الأحوال الحياتية التي يتسيّد الموت أحكامها.

وصولًا إلى القصة التي تحمل عنوان المجموعة “المعتقل الأحمر”، يروي لنا الكاتب فصولًا من الموت تعتقل الحياة.. ثم تتوالى الأحداث لتختار لنا شخوصًا من الحياة نواجههم في واقعنا، لكل منهم صفات غريبة تُميّزه، ويحمل كمًّا من الأفكار التي تكشف شخصية الكاتب واسعة المدارك، عميقة الخيال، ومتعمقة في التفكير.

وينتهي الكاتب أخيرًا بسلسلة من الأحوال النفسية بين الخيبة وكراهية الشر والآمال المتطايرة بهدوء، متناقضًا مع تلك الأصوات التي تضج في الأعماق.. ويختم مجموعته بمشهد يفتح أبواب السحاب على كوكب رمادي.

يمكننا القول إن “المعتقل الأحمر” صوّر حياة كثيفة قد يعيشها كل واحد منا، أو يُصادفها في ممرات الأيام الضيقة.

شكرًا للكاتب على هذه الجرعة من الخيال المكثف، التي جعلتنا ننتظر المزيد.

*

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظه مجلة فرقد الإبداعية © 2022
تطوير وتصميم مسار كلاود